فيصل الصوفي

فيصل الصوفي

العقيدة الحوثية كما وردت في الملازم- الوثنيات (7)

Thursday 19 April 2018 الساعة 08:24 am

تحتل قضية الاصطفاء الإلهي مكانة واسعة في ملازم حسين بدر الدين الحوثي.. لماذا ينبغي استبعاد السنية؟ لأن الله هو الذي اصطفى للعرب المسلمين إمامة معينة، اختارها الله لهم، ولم يدع لهم فرصة أو خيارا آخر في هذه القضية المركزية.. يقول حسين لأتباعه: لنأت إلى من يقول، يمكن أن نتولى عليا وأبا بكر وعثمان وعمر والصحابة جميعا، فنبدو متسامحين ونتوحد مع الآخرين.. ويرد بحزم: لا.. إن الله قد أرشد إلى تول من نوع خاص، ولطرف خاص، وهو الإمام علي كما نص على ذلك في القرآن (إنما وليكم الله والذين آمنوا الذين يقيمون الصلاة ويؤتون الزكاة وهم راكعون).. فالمراد نتولى جهة، ننظر إليها، أنه الجهة التي تعتبر ولي أمرك، ولاية أمر منه تتلقى الهداية والتوجيهات والاقتداء، والولي متولي كل الشئون المتعلقة بك.. وهذا ما أعطاه الرسول للإمام علي يوم غدير خم.

ويقول: أعلام الدين قضية تأتي من قبل الله.. يصطفي من ملائكته رسلا إلى البشر، ويصطفي من البشر رسلا للأمة.. فالله هو الذي يحدد لنا من هم الأعلام الذين نتولاهم ونسير على هديهم ونتمسك بهم، ووضع الله لنا بعد الرسول عليا.. فعلي هو المقصود بقوله تعالى: (الذين آمنوا الذين يقيمون الصلاة ويؤتون الزكاة وهم راكعون)، حدده بصفته وليس باسمه.. أما السنية فيقولون: أبو بكر وعمر وعثمان وعلي، والفرق بينا وبينهم أنهم لم ينظروا إلى علي كرجل كامل اختاره الله علما لهذه الأمة بعد نبيه.. الله هو الذي يختار الأعلام وليس نحن الذي نختار.. فالآية (الذين آمنوا الذين يقيمون الصلاة ويؤتون الزكاة وهم راكعون)، نزلت في الإمام علي، ونفيد منها أن الأمة تحتاج إلى أعلام ترتبط بهم، ولابد أن يكون الله هو من يحدد ويبين للناس من هم الأعلام بعد نبيه ليرتبطوا بهم ومن خلالهم يهتدون، وعلى أيديهم نهتدي، فالمسألة ليست مسألة مفتوحة، فإذا لم يضع الله فالآخرون سيضعون.. بل لقد وضعوا بالرغم من أن الله قد وضع.. لابد للناس من أعلام، ومتى ما حاولت الانصراف عن علي ستنصرف إلى علم آخر لا محالة، فالباطل أيضًا لابد له من أعلام.. فعندما تقول لا أريد هذا ولا هذا، ستنصرف إلى الشيطان، فهو آخر واحد.. تقول لا أريد لا أبا بكر ولا عمر ولا عثمان ولا علي، فهنا رفضت عليا، رفضت الحق، فماذا بعد الحق إلا الضلال؟ فستقع في حضن الضال الكبير وهو الشيطان.

وواضح أن الرجل ذهب في فهم الآية المذكورة مذهب الاثني عشرية، وإلا كيف يساغ القول إن عليا منح فقيرا صدقة وهو راكع في الصلاة؟ لكن لدى حسين دليل آخر، يقول: إنه لما نزل قول الله تعالى: (يا أيها الرسول بلغ ما أنزل إليك من ربك، وإن لم تفعل فما بلغت رسالته والله يعصمك من الناس...)، وقف في غدير خم آخذا بيد علي، وأعلن قضية هامة، فقال: يا أيها الناس، إن الله مولاي وأنا مولى المؤمنين، فمن كنت مولاه فهذا علي مولاه اللهم وال من والاه وعاد من عاداه وانصر من نصره واخذل من خذله... فقد بلغ عن الله أن هذا اختيار الله، قضاء الله، فرض الله، كمال الله لدينه، ورحمة الله بعباده.. فكل مسلم، أي أمة، أي شخصية، أي حزب، أي طائفة، أي فئة، من أي جنس يدين بولاية الرسول ويؤمن أن الرسول مولى المؤمنين فهذا علي مولاه.. وعند حسين بدر الدين الحوثي أن عدم موالاة علي تقود إلى حتف القرآن بالضرورة، كيف؟ الجواب، إن الرسول قال: علي مع القرآن والقرآن مع علي.. فعلي قرين القرآن، القرآن وعلي متلازمان، فعندما يقصى علي جانبا فبالتأكيد سيقصى القرآن معه أيضًا.. إذ لا يمكن أن يتصور واحد من الناس أن بالإمكان إقصاء علي جانبا ثم يبقى القرآن يعمل، ويبقى القرآن حيا، ويبقى مطبقا، أو يبقى المسلم على منهجية القرآن، لا يمكن ذلك.

وفي المجمل، أن الولاية قد كانت لعلي بعد الرسول، هو الذي كان يتعين أن يصير الخليفة، ولكن تم أقصاؤه من قبل أبي بكر وعمر وعثمان، واليوم ينبغي استعادة المبادرة، فإذا كان علي قد ذهب فتبقى الولاية في آل بيت، وهم في هذه الحالة الحوثي.. وبمعنى أوضح أن النظام السياسي ينبغي أن يكون قائما على هذا التراث، والحكام يجب أن يكونوا من آل البيت فقط.. وقد استبعد حسين بدر الدين كل خيار آخر، بما في ذلك الديمقراطية.. وبتعبيره هو إن خطر الديمقراطية هو أنها تقوم على اعتبار المواطنة، ومعنى هذا أن إمامك قد يكون يهوديا.. فالدستور اليمني مثلا يقرر بأنه يجب أن يتوافر في من يلي- يحكم- هذا الإقليم أن يكون يمنيا ولديه بطاقة شخصية، ولم يصدر بحقه حكم يخل بالشرف ولا يقل عمره عن أربعين سنة.. وهي معايير تصدق على اليهودي والمسلم، فاليهودي اليمني لديه بطاقة شخصية وجنسية يمنية، وقد لا يكون قد صدر بحقه حكم يخل بشرفه، وعمره 40 سنة.. وبهذه المعايير لا تدري إلا وقد صار إمامك يهوديا.. فالديمقراطية لا تستطيع حمايتنا من فرض ولاية يهودية.. ثقافة الغدير فقط هي التي تحصنا ضد القبول بفرض ولاية أمرهم علينا..

ويقول حسين أيضًا: للإمام الخميني كلمة مهمة، وهي أن معاييرنا يجب أن تكون إلهية.. هذه المعايير هي التي حددها الله في علي عندما وصفه بقوله: (والذين آمنوا الذين يقيمون الصلاة ويؤتون الزكاة وهم راكعون).. فعلي كان يصلي وعندما كان في حالة ركوع تقدم إليه فقير يطلب حاجة، فنزع خاتمه وأعطاه للفقير، فمن يهتم بالفقير وهو في حالة ركوع في الصلاة سيهتم بأمر الناس في الأمور كلها وفي كل حين.. وعندنا قالوا مجالس محلية، فأين المقاييس الإلهية التي وضعتموها في الأشخاص الذين لابد أن يكونوا هم من يصلون لعضوية المجالس المحلية؟ يأتي المرشح سواء لرئاسة الجمهورية أو عضوية مجلس النواب أو المجالس المحلية يقول لنا سنعمل لكم وسنفعل، ويعد بتوفير مطالب الحياة، لكن نحن نريد على يد من ستتحقق هذه المطالب بصدق، إنها تحقق على يد من يهمه أمرنا، ونحن مسلمون فمن الذي يهمه أمرنا؟ هو من يمتلك مقومات إلهية..

يرجع بهذا الصدد إلى الملازم التالية: ملزمة (ذكرى استشهاد الإمام علي عليه السلام- 19 رمضان 1422- ص 2، وملزمة سورة المائدة الدرس الثالث- 15 يناير 2002- ص7-8، وملزمة سورة المائدة الدرس الثاني- 14 يناير 2002- ص4، 8، 9، 13،14، وملزمة حديث الولاية- 21 ديسمبر 2002- ص 2،6، وملزمة سورة المائدة- الدرس الثاني 14 يناير 2002- ص 12).