أحمد القرشي

أحمد القرشي

شيماء جرس إنذار إلى حال الطفولة في اليمن

Tuesday 05 June 2018 الساعة 10:42 pm

جيدة جدا ردود الفعل الغاضبة من التعذيب الذي ظهر على الطفلة شيماء التي قالت الكثير من المنشورات انه على يد والدها في صنعاء.

الكثير من الإشارات وصلتني عبر الفايس والرسائل عبر الواتس عن قصة الطفلة شيماء. وما لا يعلمه كثير من الناس حجم الرسائل التي وصلت وتصل إلينا خلال العامين الاخيرين عن العنف ضد الأطفال في اليمن باعتبارنا منظمة متخصصة في حماية الأطفال من العنف والاستغلال والإهمال وسوء المعاملة.

عاطفة عمياء:
عاطفتنا السطحية تستثيرها صورة لكن قليلون هم من يجيدون التفتيش في التفاصيل المؤلمة من حال أطفالنا وتجسيدها في شكل من الرفض المفضي إلى برامج حماية حقيقية لضحايا العنف المستور.

لدينا معلومات مؤكدة عن صغيرات يتعرضن لعنف بدني واستغلال جنسي مهول على يد أقاربهم، وللأسف يفلت هؤلاء المجرمون من العقاب بسبب الحرب والفقر والأزمة التي هدمت مؤسسات حماية الطفل فنتج عنها عدم وجود برامج حماية حقيقية للاطفال الضحايا.

هل تعلمون بان هناك عشرات المطلقات والارامل في صنعاء ومدن أخرى يمارسن الجنس مقابل الأكل فقط بعضهن دون ال18 من العمر؟ وهل تعلمون بأن هذه الظاهرة في تزايد مستمر ومرعب لما يترتب عليها من تجريف مميت لليمنيين في جوانب الصحة والأمن والأخلاق والقيم الإنسانية والدينية؟
على من ينكرون ذلك من باب الحمية والوطنية والغيرة على الدين والعرض والشرف أن ينزلوا إلى الشارع ليلمسوا الحقيقة بأنفسهم.

مصيبة عابرة للحدود:
وضع الطفولة في اليمن كارثي بكل المقاييس... فنظام عدالة الأطفال منهار كليا ولا توجد مؤسسات لديها القدرة على القيام بأي واجب حمائي أو وقائي للاطفال الضحايا حتى سمعنا اخباراً تتحدث عن أن دور الأيتام نفسها تعرضت لانتقاص ونهب اعتماداتها وإرسال أطفالها إلى الجبهات. وبغض النظر عن صحة أو كذب مثل هذه المعلومات والتي غالبا ما يكون الهدف من نشرها ليس الأطفال وحقوقهم بقدر النيل من الطرف المحارب الآخر. لا توجد دور إيواء ولا مراكز احتجاز ولا خدمات بديلة للأطفال المعرضين للمخاطر في اليمن. 
المنظمات الحقوقية بما فيها الدولية انصرفت نحو توزيع المواد الغذائية والاغاثية الطارئة باعتبارها منقذا للحياة بينما الحقيقة لأنها صفقات رائجة تحقق ملايين الدولارات في وقت قياسي في حين أن العمل في الحماية والمناصرة عمل مرهق ولا طائل من ورائه، لذا ظل هذا القطاع مهملا الا من بعض الأنشطة التي لا تتعدى ملصقات وبوسترات ومساحات صديقة لا يمكنها تأمين مكان لإقامة طفلة معذبة أو طفل ضحية اغتصاب أو أخرى يتم تأجير جسدها مقابل القوت اليومي.

منظمة لا قناصة قاتل:
سيقول كثيرون: وأين منظمة سياج ولماذا صمتت في وقت كان يجب أن تكون في صدارة المدافعين عن حقوق الطفل خلال هذا الظرف القاسي؟

لم نصمت ولا زلنا نقوم بواجبنا في حدوده الدنيا. يعتصرنا الألم مع كل طفل ضحية وكل جريمة تلحق بطفلة. 
فمنذ العام 2015 وحتى 2017م تقدمنا بعدة مشاريع حماية إلى منظمات أممية ومنظمات دولية أخرى لكي نتمكن من مواصلة جهودنا في مساعدة ضحايا هذه الجرائم وغيرها. 
كانت النتيجة النهائية: كيف علاقتكم بانصار الله؟
يعني هل نحن نعمل لصالح أنصار الله بما أننا في صنعاء؟
وآخر يتساءل: هل نستطيع إصدار تقارير ضد جرائم الحوثيين وانتهاكاتهم للطفولة؟ وكأننا قناصة أو لغم أرضي كل طرف يحاول استخدامنا ضد الآخر. لا كوننا منظمة حقوقية يجب أن تكون على مسافة واحدة من جميع مرتكبي العنف ضد الأطفال. وأن ما نقوم به اليوم من حماية الطفل المستضعف هو في الحقيقة حماية وقائية للمستقبل.

تحذير:
ما لم تكن هناك برامج حماية حقيقية اليوم تتصدى لحجم الجرائم الماسة بالطفل وتخفف مما يتعرض له من عنف وحرمان واستغلال وسوء معاملة فسيكون الوضع أكثر كارثية وستصيب أضراره الخطيرة والأشد خطرا الأفراد والقطاع الخاص والأنظمة السياسية والمصالح الدولية والإقليمية والمحلية في المستقبل القريب. 
فإذا كانت الحروب المشتعلة اليوم رغم ما عاشه المحاربون من استقرار نسبي وكبير في التعليم والاستقرار والحماية النسبية في طفولتهم فكيف سيكون الحال بعد خمسة او عشرة أعوام بالكثير عندما يكون غالبية الجيل الشاب ضحايا عنف واستغلال جنسي وبدني وتجهيل وحرمان من التعليم وحشد للعنف والتمييز والكراهية والعنصرية في رؤوسهم اليوم؟

* رئيس منظمة سياج لحماية الطفولة.