فتاح الحميري

فتاح الحميري

التجربة المصرية ومتاهات السلام مع جماعة دينية

Sunday 29 July 2018 الساعة 08:17 pm

تعد التجربة المصرية في الانتصار على الأوهام والمتاهات والضغوط الدولية للسلام مع الإخوان، تجربة عظيمة وملهمة.

عاجلا أم آجلا سيكتشف الجميع عبقرية هذه التجربة المصرية التي حسمت أمرها ببطولة جيشها وقائده، وشعبها ونخبتها الوطنية، وواجهت كل الضغوطات الدولية الغربية التي كانت تعمل على إعادة الإخوان للحياة السياسية.

وبعزيمة وإرادة وطنية مصرية وعربية، تم تجاوز تلك الضغوطات بتجاوز كل المبادرات الدولية لعودة للأخوان لمشاركين بالدولة، ثم لمشاركين بالحياة السياسية كأقل ما يمكن، ثم لإخراجهم من السجون واعفائهم عن جرائمهم.

ماذا لو استجابت مصر لأي من هذه الضغوطات والمبادرات الدولية؟! كيف كان سيكون وضع مصر الآن؟!

عرفت مصر بأن جماعة دينية خرجت من السجون واستغلت الأحداث، وصعدت للرئاسة والسيطرة على الدولة، ومها يكون لها من مؤيدين وأتباع مختلفين، وسياسات ومواقف دولية تقف معها وتضغط بكل ما أوتيت من قوة لإعادتها للدولة أو السياسة؛ أن هذا لن يكون في مصلحة مصر وأمنها واستقرارها، وأن عودة هذه الجماعة للحياة السياسية هو العودة للفوضى والدخول بمتاهات ودوامات معقدة، وبأن الحل الطبيعي هو عودة هذه الجماعة إلى مكانها ووضعها الطبيعي وهي "السجون" ومحاكمتهم وطنيا دون التدخلات الغربية التي تسعى لتبرئة المجرمين.

كانت تعي مصر بأنها تخوض هنا ملحمتها الوطنية ومعركة حياتها أو موتها ، وأنه لابد من استخدام كامل طاقتها وقدراتها، وأن تقف بكل تصلب أمام كل الضغوطات، وأن تواجه ببسالة وتحدٍ ودبلوماسية وجرأة، وبالفعل انتصرت مصر في معركتها الوطنية وتجاوزت كل الصعوبات والعوائق أمامها بفضل جيش وطني على رأسه قائد ملهم ، وشعب عظيم اتضح له مدى خطورة هذه الجماعة الإرهابية والتساهل معه، ونخبة وطنية إعلامية وسياسية ودبلوماسية أبلت بلاء حسنا، وإسناد عربي مشرف كان يعي أهمية هذه المعركة.

شيئا فشيئا خفضت المواقف الغربية حدة مواقفها والتراجع التدريجي عن ضغوطاتها؛ حين تبين لها بأنها تواجه شعبا وأمة بأكملها تعي مصلحتها وخطورة معركتها وانه لن ينطلي عليها الكلام المخادع والمزايدات المختلفة.

هنا انتصرت الأمة المصرية والأمة الغربية على السياسات الغربية التي كانت تريد أن تخطف مصر قلب الأمة والعروبة وتسلمها لجماعة دينية عميلة لها، وحين فشلت في هذا... ضغطت لكي تضمن لهذا الجماعة واقعا ومستقبلا سياسيا؛لكي تظل تستخدمها كأجندة لها وتبتز بها الأمة العربية.

خلاصة الأمر، إن هذه المعركة لم تكن معركة مصر ، هي معركة الأمة.. معركتنا جميعا، لابد علينا من استيعابها وتأملها، والاستلهام منها ونحن نخوض معاركنا المشابهة لها.

فكل الإخفاقات والفشل لمتاهات وأوهام السلام مع جماعة دينية ارهابية، تبرهن وتثبت بأن مصر سارت على الطريق الصحيح، وأننا لابد أن نلحقها بالسير على نفس الطريق.

وهكذا تلخص تجربتنا بأن الحوثي كأي جماعة دينية سياسية استغلت الأحداث وبنت لها اتباعا وتحالفات وحصلت على دعم سياسي دولي، ولن ينفع معها أي سلام، وأن الحل الطبيعي معها هو إنهاء لكامل سيطرتها وتجريدها الكامل من كل القوة، والعودة بها إلى السجون والمحاكمات، وعزلها دوليا واجتماعيا وابعادها عن السياسة جذريا.