عبدالفتاح الصناعي

عبدالفتاح الصناعي

تابعنى على

المأزق الوطني العام

Thursday 02 August 2018 الساعة 09:35 am

في حقيقية الأمر ليس ظهور وسيطرة الجماعات الدينية السياسية بمختلفها نابعا عن قوة ذاتية فيها، وإنما هو نتاج لكل المآزق والثغرات التي نعيشها ، وهي كانت معبرة ومستغلة جيدا لكل التأزمات والأمراض والضعف والعجز والانسداد على كافة المستويات فكريا وسياسا واجتماعيا واقتصاديا.

لذا فالمطلوب منا هو قراءة علمية وتشخيص دقيق لكل تلك الأخطاء والثغرات التي أتت عبرها هذه الجماعات وفرضت قوتها وسيطرتها، حتى أصبح شرها وخطرها أمرا لايمكن السكوت عنه، بل وأصبح الأمر مكلفا جدا في مواجهتها وانتزاع مخاطرها واجتثاث جذورها وعوامل قوتها وسيطرتها المختلفة.

أحد الأخطاء والطرق غير الصحيحة هو مواجهتها بنفس أساليبها باستغلال الثغرات والأمراض والتناقضات، دون أن يكون لدينا تصور وتخطيط في إعادة وسبر أغوار هذه القضايا وإصلاح تأزماتها وحل إشكالاتها.

هذه الجماعات التي استغلت الأمراض والثغرات وأتت منها أصبحت هي في معركة مواجهة مع نفسها ومع كل الأمراض والثغرات والأخطاء التي استغلتها، لأن الصعود والسيطرة بطرق غير طبيعة ينتج كوارث وتأزمات للحركات الدينية مع نفسها ومع واقعها ومجتمعها وتحالفاتها وتكويناتها المختلفة، وتظل تتفجر هذا الألغام والقضايا داخلها بأساليب متدرجة وعبر مراحل وتوقيتات مناسبة، وكذلك مع مجتمعها الخارجي ومحيطها.

وهكذا، فإن استغلال كل نقاط الضعف والعجز والثغرات والأمراض التي أتت منها هذه الجماعات ومحاربتها بنفس طريقة صعودها، كون الواقع يغري أو يفرض التعامل بمثل هذا؛ لن ينتج إلا تأزمات ومشاكل جديدة، هذا في حال إذا كان نافعا وناجحا في مواجهته العسكرية والميدانية والسياسية، فحين تكون هذه المواجهة بنفس الطرق تأتي بنجاحات سريعة ومؤقتة ولكنها تخلق تأزمات واشكالات عميقة، وحينا آخر لاتفيد هذه الطرق اطلاقا بل تزيد من التعقيد وتعطي قوة عكسية للطرف الآخر.

نحتاج إلى إعادة مراجعات جذرية.. إلى تعامل بطريقة مسؤولة بعيدا عن تطرفات مثالية لاتعدو أن تكون أكثر من سذاجة وعدمية. كما نحتاج أن نتحرر من واقعية مقززة لاتعدو أن تكون أكثر سخافة وتطرفا ومصارعة لطواحين الهواء.

نحتاج إلى إعادة مراجعة وتقييم لكل الوسائل والطرق التي حاربنا فيها وفشل رهاننا عليها وبعضها انتج مشاكل أخرى. نحتاج إلى شجاعة لمراجعة نقاط الضعف والثغرات التي استغللناها وبالتالي وصلنا إلى طريق مسدود.

كما نحتاج إلى قراءة النجاحات الواعية التي أتت عبر وعي وحسن تخطيط وثمرة لعمل منظم وحس قومي ووطني واخلاقي وتفكير عقلاني وعلمي، والبناء على تراكمات هذه النجاحات ومسارها لكونها هي المنجز الحقيقي وما سوف يبقى ويدوم.