سام المذحجي

سام المذحجي

المؤتمر وتشبيب القيادة

Monday 20 August 2018 الساعة 03:38 pm

في ظل اللقاءات والنقاشات المهتمة بالمؤتمر الشعبي العام، مؤخراً، داخل أروقته في محاولة لترميمه، ورص صفوفه، وتقريب أجنحته، والحرص اﻹقليمي والدولي المفاجئ على الحزب، وتصريحات من هنا وهناك تتحدث عن ضرورة بقائه "متماسكا"!! وهنا يجدر الاستماع لقواعده الشابة التي تعاني اﻷمرّين سواءً المتواجدة في مناطق سيطرة المليشيا، أو التي أجبِرت على الرحيل مبكراً أو لاحقاً خوف البطش.

من المهم التأكيد بادئ ذي بدء على امتلاك المؤتمر الشعبي العام كوادر شبابية، ذكوراً وإناثاً، من جميع المحافظات لا يملكها أي مكون سياسي آخر من ناحية الكم والنوع، وهذه حقيقة مغيبة عن قيادة الحزب أو خطابه الإعلامي. كوادر كفؤة مؤهلة تأهيلاً علمياً وسياسياً عالياً وقفت إلى جانب الحزب ولَم تتزحزح عن قيمها المؤتمرية قيد أنملة رغم ترغيب وترهيب مكونات سياسية وقوى مسلحة بغية استقطابها من جهة، بينما كانت آلتها الإعلامية تعمل ليل نهار على نقل صورة مغايرة تماماً لهذه الحقيقة بمحاولة تصوير قواعد المؤتمر الشابة على أنها جموع غير واعية مرتهنة لا يسيرها في عملها الحزبي سوى المقابل المادي!!

ورغم تمسك هذه الكوادر بالمؤتمر كخيار أوحد خلال فترات المعاناة الحزبية يقابَلون بالغبن والجحود تعمداً حيناً وعدم معرفة قيادات الحزب بهم أحايين أخرى للأسف الشديد، فلا هم استطاعوا الوصول إلى مراكز القرار في الحزب ولم يتم البحث عنهم وهم (الجندي المجهول)، أو حتى الالتفات إلى اﻷمر بطريقة برغماتية للاستفادة منهم لما يمتلكونه من قدرات ومهارات وسمات قيادية تمكنهم من تبوّء مراكز قيادية باقتدار عالٍ.

وقد برهنت الأزمات المتلاحقة التي مر بها الحزب منذ فبراير 2011 وحتى ديسمبر 2017 أن فئة الشباب المنتمين له بالدرجة الأولى وكثيراً من المناصرين، أيضاً، هم الذين تلقوا الصدمات وتحملوا الجزء الأكبر من المعاناة التي كابدها الحزب طوال هذه السبع العجاف التي انتهت بفاجعة استشهاد رئيسه والتي قد تؤدي المترتبات عليها إلى ما لا يُحمد عقباه إذا لم يستوعب الجميع مستوى المخاطر المحدقة، وهذه مخاوف مشروعة بالنظر إلى آلية عمل التنظيم السابقة وطريقة اتصاله (إن وجدت) العجيبة الغريبة ولقاءاته الموسمية بجماهيره الملايينية (معظمهم من الشباب).

على قيادات المؤتمر الشعبي العام اليوم أن تدرك حجم المتغيرات داخل التنظيم والمتغيرات على الساحة، فما كان قبل أحداث ديسمبر وما تلاها التي نكّل فيها الحوثيون بقيادته على رأسهم رئيس الحزب وأمينه العام، رحمهما الله، وكان للشباب نصيب اﻷسد قتلاً وتنكيلاً في المعتقلات؛ فما حدث بعد الثاني من ديسمبر ليس كما قبله.

وما حدث من تعدد أجنحة وانقسامات وانشقاقات مؤسفة في قيادة الحزب وتعدد ولاءات البعض لتنظيمات وقوى أخرى معادية للوطن والحزب بصورة علنية مشينة شاهدها وعاشها شباب الحزب بصمت وألم لاسيما المتواجدين في مناطق سيطرة المليشيا لتفويت الفرص على المتربصين كما يقولون أو خوفاً من العقاب، وهو اﻷقرب للمنطق؛ أما مَن هم خارج سيطرتها فتكبلهم اتفاقيات ومشاورات غير معلنة وكذلك توجهات دولية لا يتم إطلاعهم عليها، لكن استمرار ذلك ربما لن يكون طويلاً، فمحاولة تغيير ذلك أو الحيلولة دون وقوعه إما عبر منصات مستحدثة ينشئونها ليكون لهم حضور يعلن أحقيتهم بتمثيل الحزب بدلاً عن بعض تلك القيادات لاسيما المرتهنة المذكورة آنفاً؛ وأيضاً ظهور على الساحة يعوضهم التهميش الذي يشعرون به، وقد يعبر آخرون منهم عن آرائهم وتطلعاتهم وانتقاداتهم بطرق انفعالية خاطئة بعيدة عن لوائح وأنظمة الحزب وميثاقه. وفي كلتا الحالتين فإن إمكانية استغلالهم واردة من قبل مكونات وقوى سياسية معادية تسعى لإضعاف الحزب وتمزيقه، فذلك أسمى أمانيها.

وبناءً على ما سبق فإنه من المهم تنبيه قيادات الحزب إلى ذلك، والتأكيد عليه، وهنا تكون مخيّرة بين استيعاب حجم المشكلة، وبالتالي احتضان الكفاءات الشابة وإتاحة الفرصة أمامها لتولي مناصب قيادية وقيام القيادات برسم مسار خاص بهم لكي لا تفاجأ بوجود مسارات مرسومة بأيادٍ مشبوهة خارج إطار الحزب.

لقد حان الوقت لأكبر عملية انتقال في تاريخ المؤتمر الشعبي العام بين جيلين من أبنائه تتسم بتجديد أروقته وإحلال شبابه ليواصلوا مسيرته.. وعليه، فالمؤمل من قيادات الحزب الحالية الوسطية والعليا المبادرة ب (التضحية) في سبيل استمرارية تسيده وريادته للعمل السياسي في البلد. وبدون هذه العملية فإن خطر التشظي قائم، بل هو البديل الظاهر أمامنا حتى الآن بناءً على ما نشاهد في الأفق من صراعات في أروقة الحزب سعياً للحصول مرة أخرى على مكاسب شخصية ضيقة في وقت من المفترض أن يكون العمل جماعياً لتعافيه وإعادة ترتيب صفوفه التي تبعثرت وتبني مواقف ملحة تعبر عن جماهيره.