عبدالفتاح الصناعي

عبدالفتاح الصناعي

تابعنى على

حينما تغدو الشرعية حوثياً آخر

Friday 24 August 2018 الساعة 02:45 pm

حينما كان المشترك بحلفه السياسي والقبلي يخوض معركته السلطوية مع نظام صالح وفق صراع سياسي أكثر تعقيدا، وكان كل طرف يحاول أن يكسب رضا وتأييد أغلب القوى الداخلية والدولية، ولايهم ما هو الثمن لهذا، ولايهم أكانت الطرق والأساليب صحيحة أم خاطئة، فكان المشترك يستثمر أخطاء ومأزق النظام وفق منطق المكايدة والصراع السياسي.

وكما كانت أغلب القوى الدولية والداخلية تعرف إخفاق وتعثر وفشل النظام بقضايا وطنية مختلفة، لكن الأمر لم يكن بمستوى ما تقوم به المعارضة من تهويل وتضخيم ومكايدة، ومن خلال المنطق السياسي السطحي للمعارضة عرف وأدرك الجميع بأن المعارضة أكثر فشلا وعجزا، وذلك لأنها كانت ترتكز بكل مواقفها على الوقوف على النقيض من موقف النظام بعيدا عن أي اعتبارات وطنية وأخلاقية وخصوصا في قضايا وطنية وسياسية حساسة ومعقدة جدا، ليس لائقا اللعب بتناقضاتها واستثمار تأزماتها وتعقيدها بأساليب المكايدة السياسية بعيدا عن التأمل بحل حقيقي لها أو الكف عن إشعالها لأنه في النهاية الجميع سيدفع الثمن، وهذا ما حدث بالدقة لاحقا، القضية الحوثية أنموذجا، إذ بالغ المشترك بالمظلومية السياسية للحوثي وأن الخطأ يكمن في صالح ونظامه فقط.

حين كان يوجه النقد السياسي للمشترك لعدم وجود رؤية سياسية لديه وكانت تصارحه بهذا بعض المواقف الدولية حين كانت تقول للمعارضة بأنه لابد أن تكون لديها رؤيتها، كانت المعارضة تفكر بأنه ليس هنالك أي تعقيدات أو انسداد في القضايا الوطنية، ولاتحتاج إلى فلسفة ولا إلى رؤية، وإنما تحتاج المعارضة فقط إلى رؤية ومساعدة كيف توصل إلى السلطة وبمنتهى البساطة سوف تقوم بحل كل القضايا السياسية الوطنية المعقدة..

لم يقتنع أحد بهذا المنطق للمعارضة وتسطيحها لهذه القضايا بهذه الطريقة الساذجة جدا، لكن من حظ المشترك بأن أحداث 2011 كانت فرصته الذهبية وسوقها الرائج لبيع أوهامها السياسية وتغليفها بالحلم الوطني التغيير للثورة الشبابية، فبالغت أكثر وأكثر بمدى قدرتهم على تغيير وضع الناس ومعيشتهم إلى مستوى من الرفاهية، وقدرتها على حل القضايا المعقدة، فقط تفصله وقت المسافة من ساحة الجامعة إلى وزارات ومؤسسات الدولة، وبالتالي وصلت إلى السلطة وتحكمت بسياسة الدولة، ولأنه ليس لها رؤية ولامنطق سياسي حقيقي، وكل ما كان يملكه صناع سياسية المشترك هي مجرد توهمات وكلام أدبي وسياسي منمق بأفضل أحواله، لأن الأكثر هو شره للسلطة والنفوذ والمال، لم يكن أمام المشترك إلا تقليد حركات ومنطق صالح، ولكن بأسلوب أكثر ركاكة وضعفا. والبحث عن مبررات لكل اخفاقاتهم وفشلهم وفسادهم.

سيطر الحوثي لأنه بنى قوته على أخطائهم وضعفهم وتناقضاتهم وركاكتهم بإدارة الدولة، وممارساتهم التي جعلت الكثير يلتحق بالحوثي بغضا فيهم، كان منطقهم الضعيف والأكثر ركاكة بأنها الثورة المضادة، ونسوا بأن الحوثي كان شريكا لهم في ما كانوا يسمونه النضال الوطني والسياسي ضد صالح، قبل أن تتطور هذه الشراكه بأحداث 2011 ويصبح الحوثي شريكا ثوريا بعد أن كان شريكا سياسيا.

كانوا يغطون كل عجزهم وفشلهم بوهم الحوار الوطني ومخرجاته متجاهلين بأن هذا ليس إلا لعبا سطحيا سخيفا، فليس من العقل أن تقوم بطلاء عمارة آيلة للسقوط.

اليوم رغم كل ما قدمه التحالف من الدعم المختلف لهم، إلا أنهم عاجزون عن تحقيق أي نجاح وسيظلون بهذا العجز لأنهم يراكمون أوهامهم وضعفهم ويطورونها، ويرفضون أي مراجعة أو نقد أو نصيحة بأنه ينبغي تغيير طريقة التفكير وأسلوب التعامل السياسي، وإحداث مراجعات جذرية وآفاق لرؤية سياسية حقيقية وعدم استمرار وتكرار الأخطاء والتجارب الفاشلة، يقولون الظرف غير الطبيعي والأهم اليوم هو كيف نهزم الحوثي، وفي الأخير لم يهزموا الحوثي ولم يصححوا أخطاءهم ويحلوا مشاكلهم، ولو امتلكوا الجرأة والشجاعة لتصحيح طريقة تفكيرهم والكف عن إعادة النافذين وأساليب المزايدات الرخيصة لكانت الشرعية انتصرت بأقل من 5% مما حظيت به من الدعم من التحالف.

مشكلة الشرعية الجوهرية اليوم أنها تفكر بنفس منطق الحوثي وتتخذ من طريقته وأسلوبه ملهما لها، في حين تسميه بأنه كهونتي وعصابة وعميل، فكيف تقلده وتستعير أسلوبه وهي تريد بأن تستعيد دولة!؟

خلاصة: الشرعية تعبر عن عجز وفشل وإخفاق وشلل وإعاقة وعاهة دائمة بالعقل السياسي العام لها، وكل مكوناته العسكرية والإدارية والاجتماعية والثقافية، وستظل الشرعية تدور في متاهات معقدة.

حقيقة مرة ومؤلمة أقولها بكل ألم وحزن عميق، وأتمنى ألف مرة لو أني أخطأت التقدير، الشرعية حوثي آخر بطريقة مختلفة وتغيرات شكلية، ومشكلة أخرى لا تقل خطرا، الرهان عليها كباسط كفيه للماء ليبلغ فاه..