مروان الجوبعي

مروان الجوبعي

تابعنى على

أنا.. يا أصدقائي

Wednesday 12 September 2018 الساعة 10:40 am

أعرف نفسي جيداً منذ كنت طفلاً بليداً بالمدرسة، ثم رأعياً للأغنام، مروراً بعامل مطعم، وحالياً عامل بشركة مواد غذائية.

ربما أحببت مهنة الطباخة وأكثر ما أبدعت فيها، ولم يسبق لي أن أبدعت بشيء آخر، لكني كرهت هذه المهنة بسبب الصيف الحار الذي يحول "الكعل" إلى بيض مسلوق ويجعلك تلعن اليوم الذي خلقت فيه. لم أنتج شيئاً آخر في هذه الحياة ولم أقدم سوى بعض الأكلات التي ابتلعها أناس لا أعرفهم ولا يعرفون عني شيئاً، ابتلعوها وهم يكيلون شتائم للطباخ "اليماني" الملعون الذي يقبع خلف الجدران وهو أنا، يكيلون له الشتائم بلا سبب يذكر أو ربما لسبب ما في أنفسهم أو لخلل ما بالطبخة نفسها!

الأصدقاء الذين أنا قريب منهم ربما يعرفون أكثر من غيرهم ما هي إبداعاتي، لأني أحدثهم عن الطبخ وعن أيام الإبداع الحقيقي الذي كنت أنتجه، وكلما رافقت أصدقائي بالرحلات أكون أنا الطباخ عادة. يحدث هذا في السعودية وأيضاً في اليمن، ولأني أول مرة أطبخ على الحطب، في إحدى الرحلات إلى وادي بنا، يومها أعتجنت الطبخة ولعنني جميع الأصدقاء الذين كانوا بالرحلة، ومن لم يلعني بالظاهر لعنني بالسر حتى وإن كانت ابتساماته هي الظاهرة أمامي، حتى أنا لعنت نفسي لحظتها لأنه كان مأزقا حقيقيا ولا يوجد لدينا كمية طعام أخرى لنستبدل ما أفسدته.

المهم هي هذه المهنة الوحيدة التي اجدتها إلى درجة أني أدخل المطبخ هذه الأيام مع زوجتي لنتشارك الطبخة معاً.. أحد الأيام الرمضانية في البلاد وقت العصرية دخلت "الديمة" لمساعدة أختي وزوجتي وجاءت جارتنا وأنا بالمطبخ خجلت زوجتي وأختي (بحكم العيب الاجتماعي) أما أنا لم أخجل واعتبرت الأمر عادياً جداً.

هناك بعض الأصدقاء "المثاليين" على فيسبوك الذين أخذوا فكرة مغلوطة عني من خلال بعض المنشورات التي أحاول أن أعبر فيها عن قناعاتي وأفكاري.

هؤلاء عندما تصدمه بعض منشوراتي يستغرب فيصفها بأنها خارجة عن الأدب أو منحطة أو قذرة ويأتي ليقول لي "أنت إنسان مثقف ومبدع ما يليق عليك هذا الكلام" لا أدري من أين وكيف أعطاني هذه الصفات وأنا لم أكن يوماً مثقفاً ولا مبدعاً؟
لا تحاول بهذا الإطراء الكاذب أن تجعلني إنساناً آخر عكس ما أنا عليه، احترمني يا صديقي بعذاباتي وجهلي وواقعي ودعني أعبر عن قناعاتي بأي طريقة كانت ولا تحاول أن تفرض عليّ سلوكك ونمط حياتك، إذا كنت أنت تتصرف كمثقف دعني أتحدث أنا كصعلوك، فهذا الأمر لا أخجل منه ولم أسعَ يوماً لأكون مثقفاً أو محترماً، أنا وقح إلى درجة أن أصدقائي قد هجروني ولم يبقَ معي إلا قلة قليلة من الأصدقاء حولي، ومع ذلك أعيش بغاية السعادة.