أمين الوائلي

أمين الوائلي

تابعنى على

ديـسـمـبـريـون... نـعَـــم

Sunday 02 December 2018 الساعة 09:12 pm

انتفاضة الثاني من ديسمبر أطلقت وابلاً غزيراً من الدم الجمهوري المقاتل، في وجه الرّدة والانقلابيين الذين سطوا على حاضرة العرب وعاصمة اليمن وسبعين الثورة والثوار.

أعطت كل ما لديها ولم تدّخر شيئاً، بهذا نجحت وسوف تحصد النتيجة في النتيجة وإن طال أوان المواجهة.

معركة انتفاضة أيام ديسمبر المجيدة في صنعاء كانت حاسمة؛ لجهة الانفراز البات والفرز الحاسم، بين صفين: جمهوري ورجعي. وبين معسكرين: يمني عروبي وإيراني فارسي.

دشنت انتفاضة ديسمبر حياة وحيوية؛ في شرايين الجمهورية المغدورة، وفي أنفس الجمهوريين المتروكين من دون ظهير كأقلية في معقل الجمهورية وقلعة ثورة وثوار 26 سبتمبر 1962.

قبل هذا التاريخ لم يكن أحد ليصدق أن إيران تقاتل في صنعاء رأساً. وأن الملالي سبقوا العرب إلى حاضرتهم الأولى وقلعة العروبة في صنعاء.

أياً كانت المقاربات والقراءات، وبمعزل عن كافة ما قيل أو لم يقل حتى الآن حول حيثيات ومسببات تأدت في آخر المطاف إلى احتدام الصدام وتفجُّر الشرارة واندلاع النيران في شوارع وأزقة أحياء حدة والجزائر والسبعين وبيت بوس... وغيرها، فإن الثابت خلالها جميعاً أن مشروعاً كبيراً وعدواً كبيراً اصطدم به رجال ديسمبر، عرف ذلك من عرف وجهل من جهل.

ما واجهه علي عبدالله صالح وأبناؤه ورفاقه ورجالهم الذين بقوا وصمدوا وقاتلوا كأمة واحدة من الجمهوريين في 2 ديسمبر 2017، كان أكبر من مجرد عصابة ومليشيا انقلابية غادرة قاتلة.

كما أن الانقلاب وأخذ صنعاء وما بعدها، ما كان له أن يؤخذ على مجرى التفسيرات المعروضة والمبذولة مجاناً؛ باعتباره حدثاً عادياً ويمكن تقبل القول فيه بأن مليشيات هي من انقضّت وقوّضت الجمهورية والدولة.

قيل هذا كثيراً، وهو جزء من أسباب كثيرة هوّنت وقلَّلت من خطورة ما يحدث، وصرفت الأنظار عن البحث والتحقق حول هوية مَن يُحدِث ما يحدث تباعاً.

انصرف يمنيون، إما بداعي الخصومة التي استوطنتهم زمناً، أو بداعي التملُّص من مسئولياتهم، إلى إلصاق الفاعلية وراء ما يتراكم (من خراب وانحلال متسارع لدولة هم على رأسها) أو جزء كبير منها، بالرئيس السابق ورجاله في الجيش والدولة، كما تواصوا القول.

جميع أو معظم رجال صالح هؤلاء، هم الذين كانوا يديرون ويرأسون الدولة والجيش. وتحت بصرهم ومهادنتهم حدث ما حدث، وعادوا إلى التحدث عن رجال آخرين غير مرئيين يدير بهم صالح الأمور (..) تفسيرات سهلة ومبتذلة أخفت أو تستّرت على خطورة وجسامة المشروع الذي كان يدير كل شيء وضد الجميع.

لكن النخب المنحطة في صنعاء والعصابات السياسية والحزبية التي كانت تقرفص على كرسي الحكم وكراسي الحكومة، هي من كرّست التفسيرات الزائفة، وألصقت المسئولية في نهاية كل يوم بصالح. لم تعتبر حتى الحوثيين مسئولين، بقدر مسئولية رئيس سابق يعيش في منزله الشخصي وسط عاصمة يحكمها ويملك جيشها ومؤسساتها جميع الذين سلموها للحوثيين وفروا.

معركة أيام ديسمبر الأربعة، هي ذروة تمظهر مواجهة حدية وجودية مفتوحة؛ مع إيران الفارسية والمشروع الإيراني، بكل تمظهره وبجميع أدواته وأذرعه الاستخباراتية والعسكرية والسياسية والسلالية وغيرها.

المشروع الذي أدار تقويض الجمهورية، بينما كان حكام وشركاء حكم دولة ما بعد صالح يتسلون ويتواصون بالكذب على صالح ويلقون نحوه بالمسئولية.
مثل هذا بالنسبة إليهم خيار سهل وعلى الطاولة، لا يكلف شيئاً من تفكير.
صنعوا هالة من وهْمٍ كبير انطلى على الكثيرين في الداخل والخارج.
هم جزء من مشكلة التستُّر على المشكلة الحقيقية والعدو الحقيقي والفاعل الكبير من وراء المليشيات والانقلابيين.

وحده صالح وأولاده والخُلَّص من رجاله الأخيرين، هم من فجروا وتفجروا دماً ورفضاً ورجولة وبطولة ويمنية وجمهورية في وجه المشروع الشيطاني اللعين وأدواته المسمومة وأذرعه القذرة. لم يفر أو يغادر أو يؤثر السلامة ويعطي الدنية.

فإذا قيل أنتم الديسمبريون، فاللهم نعم، ديسمبريون. ونعم، صالحيون.

جمجمة صالح افتدت جمهورية سبتمبر في ديسمبر. برأسه الحامي وهو في الثمانينات من عمره تمنطق بندقيته وقاتل.

الأمين عارف الزوكا، ابن شبوة، بقي معه وإلى جواره ومضيا معاً.

أين ذهبت كل تلك الأساطير والخرافات والأوهام التي كاثرها خصوم صالح وألصقوها به ليسندوا إليه مسئولية ما قصروا هم في مسئولياتهم لمنع حدوثه يوم كانوا مسيطرين ومسئولين. ولم يعد يمكنني الاستطراد والتطويل، لكنت سألت عن قيادات ووجاهات ومشايخ المؤتمر أين كانوا، بل وأين هم إلى اليوم؟ لاحقاً قد نتحدث.

تأخر قليلاً.. أو تقدم قليلاً.. موعد وتوقيت الانفجار واندلاع معركة ديسمبر، لربما كانت الأحداث تأخذ مجرى آخر. كل هذا لم يعد مهماً الآن وبحسابات معركة وجودية يجب التفرغ لها واستكمال مشوارها حتى النهاية.

المعركة لم تنتهِ، والقتال سجال. واليمن أبقى.