أحمد مفضل المهدي

أحمد مفضل المهدي

تابعنى على

اليمن لن تقبل الطائفية

Friday 14 December 2018 الساعة 07:40 pm

لمتابعة الحلقة الأولى الحوثي والزيدية

يمننا الحبيب، لفترة طويلة، حظي بالتسامح والتآخي والبعد عن فتن التفرق المذهبية والآفات الطائفية التي يُراد اليوم إغراقه فيها، وهو شعبٌ جُبل على سلامة النيات، والبعد عن العصبيات، أتحدث عن اليمن كمجتمع وشعب وليس قوى سياسية أو أيديولوجيات وافدة.

وهو، أيضاً، شعبٌ كما وصف الله أرضه بقوله (بلدة طيبة ورب غفور) و(والبلد الطيب يخرج نباته بإذن ربه والذي خبث لا يخرج إلا نكدا كذلك نصرف الآيات لقوم يشكرون).. وقول المصطفى، صلى الله عليه وآله وسلم: (أتاكم أهل اليمن هم ألين قلوباً وأرق أفئدة، الفقه يمان والحكمة يمانية) أخرجه البخاري.

وليس كما يصوره اليوم البعض ممن اندفعوا مع الأحداث الطارئة أو انتفعوا بها ويريدون استمرارها لتستمر مصالحهم الشخصية التي لم يكونوا يحلمون بها..

تاريخنا يؤكد بأن علاقة المذهب الزيدي وبقية المذاهب مفعمة بالتسامح والتآخي

وها هو تاريخ اليمن يؤكد بأن المذهب الزيدي وبقية مذاهب الأخرى في اليمن في تناغم وتقارب وتفاهم نسبي، وظل التواصل قائماً بين علماء الجميع، فالمذهب الزيدي يقول بفتح باب الاجتهاد، وهذا من مناقبه، فكان كل من وجد من نفسه أهلية الاجتهاد تجاوز آراء المذهب، فخرج من علماء الزيدية علماء أجلاء وأئمة فضلاء كالإمام الكبير يحيى بن حمزة، والإمام المهدي أحمد بن يحيى المرتضى صاحب كتاب (الأزهار)، والإمام المجتهد محمد بن إبراهيم الوزير، والجلال، والإمام يحيى بن الحسين بن الإمام القاسم، وابن الأمير، والعلامة ضياء الدين صالح بن مهدي المَقْبِلي صاحب كتاب المنار من جواهر البحر الزخار والعلم الشامخ والأبحاث المسددة، وشيخ الإسلام عبدالقادر بن أحمد شرف الدين، وشيخ الإسلام محمد بن علي الشوكاني، والعلامة هاشم بن يحيى الشامي الذي ذكره الشوكاني في البدر الطالع، والعمراني تلميذ الشوكاني والشجني المذكور في نيل الوطر من تراجم رجال اليمن في القرن الثالث عشر للعلامة محمد زبارة، والعلامة أحمد بن عبدالوهاب الوريث، وغيرهم،
وهذا إمام الزيدية الأكبر الإمام أحمد بن يحيى المرتضى يأخذ الإجازة من محدث عصره الإمام سليمان بن إبراهيم العلوي الحنفي في كتاب البخاري ومسلم والترمذي وابن ماجه، وهذا صاحب الغاية الإمام الحسين بن الإمام القاسم بن محمد أحد أكابر علماء وأئمة الزيدية يأخذ في علم الحديث عن الشيخ محمد بن عبدالله الهتار بزبيد أيام محاصرته للأتراك، وكذلك عن العلامة عبدالواحد بن عبدالمنعم النزيلي –صاحب الانوار الباهرة من مخطوطات من صنعاء- وله منه إجازة عامة، وكذا الشيخ الحافظ محمد بن عبدالعزيز المفتي الشافعي وله منه إجازة عامة، وهذا العلامة المحدث التقي بن فهد المكي يأخذ عن العلامة الجليل الهادي بن إبراهيم الوزير الأخ الأكبر للعلامة المجتهد محمد بن إبراهيم الوزير، رحمهما الله، كما أن العلامة صالح النمازي الشافعي الأشعري له شرح على كتاب الإمام شرف الدين (الأثمار) في الفقه وهما متعاصران، وكذا العلامة الشهير الشافعي عبدالهادي السودي له أخذ عن علماء صنعاء.. وها هم أبرز علماء صنعاء في وقتهم كالعلامة الحافظ هاشم بن يحيى الشامي والعلامة محمد بن إسحاق بن المهدي والعلامة إسحاق بن يوسف المتوكل يأخذون عن العلامة المحدث مفتي زبيد في عصره يحيى بن عمر بن مقبول الأهدل والعلامة عبدالخالق المزجاجي والقاضي العلامة طه بن عبدالله السادة صاحب جبلة.

وكان العلماء آل الإرياني إذا انتهوا من دراسة مذهب الإمام زيد، رضي الله عنه، انتقلوا إلى زبيد لدراسة مذهب الشافعي، رضي الله عنه، إلى غير ذلك مما يطول سرده، ولا نريد الاستقصاء بقدر ما نبتغي ضرب المثل (الشواهد منقولة بتصرف)، وهناك شواهد كثيرة ومتعددة تؤكد حالة الانسجام التام بين كل المذاهب بعيداً عن استغلال الساسة وتوظيف الجماعات الأيديولوجية.

ومن يقرأ كتب العلامة المؤرخ محمد بن محمد زبارة، رحمه الله، يجدها مليئة بتراجم علماء المذهبين شاهدة بالتعايش السائد في ذلك الوقت، لكننا اليوم نشهد روائح الكراهية والتكفير والإنكار التام للمخالف كمحاولة بائسة لزيادة التأجيج واستمرار الصراع وتحويله إلى صراع طائفي ديني مؤبد عبر ممارسات التكفير والتفجير والتجريف للآراء الأخرى، واستخدام المنابر التي هي أدوات للرحمة والألفة لترويج الأفكار الوافدة وبث الضغائن والإساءة للرموز والقدوات واستفزاز المجتمع اليمني المسالم والمتعايش.