جلال محمد

جلال محمد

عُد يا جباري فقد فجّرنا منزلك!!

Monday 24 December 2018 الساعة 07:30 am

ذمار، مدينة الأدب والنكتة، منها البردوني والحضراني، وفيها الأضرعي، لا تتعجب يا صديقي إن أذهلتك هذه المدينة بأدبائها ومبدعيها، وإن جعلتك تدخل في غيبوبة ضحك إن جلست مع أحد أبنائها المعروفين بالنكتة، لكن هناك نوع ثالث ظهر في هذه المدينة العجيبة الغربية، إنه نوع مصاب بالانفصام أو كما يسمى السكيتسوفرينيا.

ومن لا يعرف ما هو التعريف العلمي للفصام، هو اضطراب عقلي حاد يفسر فيه الناس الواقع بشكل غير طبيعي. قد يؤدي الفصام إلى مزيج من الهلوسة والأوهام والفكر المضطرب للغاية الذي يضعف الأداء اليومي، ويمكن أن يؤدي إلى عجز، ولكن الفصام الذي يعيشه الحوثيون في ذمار له تعريف مخالف بالطبع، وأعراض متعددة بلا شك.

فعلى سبيل المثال، خرجت ذمار وحاكمها ومشرفها وبعض المغيبين، في وقفة غريبة، وذلك للمطالبة بعودة الأستاذ عبد العزيز جباري، للوطن.. وكما قالوا يطلبون منه "عودته لجادة الصواب، وحضن الوطن"، متناسين أنه خرج من ذمار وصنعاء، لعله يجد وطنا بعد أن قضمته جماعة الحوثي قطعة قطعة، وطنا كانت وما زالت تلتهمه مذهبية لم يعتدها الوطن، فر مع عدد من الفارين، ولكنه ربما هو من ضمن القلائل الذين يؤمنون بالوطن فوق الحزبية والمصالح الضيقة.. خرج جباري ومثله الكثيرون المؤمنون بالوطن مرغمين على مغادرة بلادهم التي لم تعد بلادهم بعد أن غزاها الحوثي بفكره ودمويته ومذهبيته وسلالته.

ولا نعرف هل كتب الله على هذا البلد أن يحكمه مثل هؤلاء المغيبين وذوي عاهة الانفصام؟!! الذين تناسوا كم تلبدت السماوات بالدخان والغبار المتصاعد من المنازل التي فجروها، وهل يدركون كم هي مثقلة تلك السماوات بسحب الدعاء والابتهالات لله أن يرينا فيهم عجائب قدرته، ولعل من أول العجائب أن خسف الله بقبولهم المجتمعي، وجعلهم أضحوكة ووباء يتحاشاه الناس.

هل يعي الحوثي ويتذكر المقدشي حاكم ذمار بأمر الحوثي، ومن وقف معه بالأمس أنهم فجروا منزل جباري؟! فإلى أين يعود؟! هل إلى خيمة تتلذذ بجسده المرتعش جراء برودة ذمار، أم يعود ليقطن أحد فنادق ذمار، تحت حجة أنه اعتاد العيش الفندقي!! هل أعاد الحوثي منزله وأرضيته؟!

منطقياً لماذا يعود.. هل كي يتم تلقينه ملازم لم يقرأها أو يتم إخضاعه وأبنائه لدورات ثقافية ماسخه، أم يرغم على الاستماع لسذاجات عبدالملك الحوثي، صباح كل أربعاء كما يتم إرغام موظفي الدولة في كل المناطق الخاضعة للسلطة الكهنوتية؟! ما مصيره إن رفض أن يلتزم بذلك، وإن اعترض على ما يقومون به من أعمال المنتقمين الحاقدين على اليمن الجمهوري، هل سيكون أسيراً مغيباً ك محمد قحطان، أم مقتولاً كما أغلب مثقفي وساسة هذا البلد.

ويا ترى ماذا سوف يُسمح له به أن ينتقده، أو يتحدث عنه، أو يحاول تصحيحة، لقد فشل في جرهم لمربعات التمدن والدولة والقانون والدستور من كان يمتلك رباطة جأش أكبر من جباري، ومن كان يمتلك صبراً وتحمل أعظم من جباري، فشل في ذلك الشهيد الزعيم، وهو من حاول بشتى الطرق جعل هذه الجماعة تحيا واقع العصر وتتفهم عقليات ومتطلبات الناس، إلا أنها أصرت أن تعيش في أزمنة غابرة ووفق عنصرية سلالية سيئة، مجترة للتاريخ من عصور مضت.

يقال إن جباري رد على وقفة الحوثيين في ذمار، على حسابه في موقع التواصل الاجتماعي "فيسبوك"، وقال بما في معناه إنه لم يخرج لمطلب شخصي بل من أجل وطن وثوابت وطنية وتعايش فعلي..

أخيراً.. على الحوثي أن يدرك أن حالة الفصام التي يعيشها، ونسيانه لما افتعله من جرائم أو تناسيه لها لم تدع له مكانا في قلب أي يمني، فهو فاقد المصداقية وعديم المروءة والقيم اليمانية، ولا يمكن لأي عاقل أن يعود لمعتقل الحوثي الذي يتم إذلال الكثير من اليمنيين فيه، ولن يقبل أي فرد أن يعود ليتحكم الحوثي في دخوله وخروجه وما هي الكلمات المسموحة وغير المسموحة، وما يتوجب عليه مشاهدته في التلفاز وكم هي الكمية المسموح له استنشاقها!!