جلال محمد الحلالي

جلال محمد الحلالي

تابعنى على

تخلفنا الحضاري والخرافة المقدسة!!

Tuesday 15 January 2019 الساعة 08:21 pm

الغزو الثقافي الغربي كذبة كبرى وخرافة بائسة الإخراج.

والحقيقة الدامغة هي سلسلة الغارات المستمرة للماضي الكهنوتي، بجحافل الخرافة المقدسة على العقل العربي السجين في التراث.

عمليات سلب ونهب وتدمير واسعة النطاق على العقل العربي، تعمل على شل إرادة النزوع الحضاري لدى هذا العقل، ما انفكت مستمرة من لعنة السقيفة حتى اليوم.

كفى كذباً!!!
تخلفنا الحضاري؛ نحن أصحاب الامتياز والحق الحصري في إنتاجه واستخدامه!

"رأيت الإسلام ولم أر المسلمين"

هذه المقولة الشهيرة للإمام الإنواري محمد عبده التي قالها بعد زيارته لباريس تنطوي على مغالطة منطقية وحيلة نفسية تجعلها غير قادرة على الصمود الموضوعي أمام المحاكمة العقلية التحليلية.

فلا المسيحية إسلام في أوروبا، ولا المسلمين مسيحيون في الدول الإسلامية.

للمقولة دلالات عدة لعل أكثرها إثارة للجدل وربما الامتعاض أن الإسلاميين، بمن فيهم التنوريون وعلى رأسهم الإمام الأكبر، عاجزون عن نقد المرجعيات الفكرية والمنابع النفسية لثقافتنا، دون التواطؤ مع ما رسخ في اللاوعي الجمعي، بأننا أصحاب الحق في صورته الأخيرة وخير أمة أخرجت للناس.

هذا العجز عن الصرامة العلمية ممن نعتبره مؤسس أكبر مدارس الإصلاح الديني في العصر الحديث، أصاب عملية الإنوار في مقتل، فأمست عملية ترقيعية تلفيقية لا طائل حضاري منها.

في محيطنا الثقافي هناك الآلاف من مثيلات هذه المقولة المراوغة واللذيذة اللائي يقمن بنفس المهمة - التخدير.


(الإسلام السياسي) ردة حضارية

ما يسمى بالصحوة الإسلامية؛ هي الردة الحضارية الأشرس ضد دخول شعوبنا إلى النادي الإنساني في تاريخنا الحديث.

خلالها تم القضاء نهائياً على المحاولة الجادة الوحيدة لإدراك العصر، بعد قرون من الظلمة الحضارية للإمبراطورية العثمانية.

استطاعت هذه الحركة السياسية تسفيه كل ما هو حضاري لصالح كل ما هو قديم لا سيما الفن والأدب والثقافة، حتى غدا طه حسين ومعظم زملائه زنادقة نكرات في عقل ووجدان جيلين متتاليين من الشباب المشوه معرفياً.

الاستبداد القومي ساهم في هذه الردة حينما قمع الحريات وتحالف مع الإسلام السياسي لتأبيد سلطته!

الوعي أمسى ذاتي الحركة!!!

الجهد الذي أبذله في التخلص من أفكاري البالية التي استقرت في الوعي واللاوعي أكبر من جهودي للحصول على أفكار جديدة.

عقود من أعمارنا وعقولنا مصممة لتكون سلالاً فقط لأفكار لا حياتية ورائية.

ليس لدى المثقفين ورواد الإنوار، ما يكفي من الأفكار الجديدة لمواجهه الأفكار المحنطة في رؤوس البسطاء. 
تلك الأفكار المتواطئة لقرون متصلة مع الجهل المقدس، ضد عقولنا وحريتنا وإنسانيتنا.

إلا أن حالة فهم الجديد تزدهر، وحالة محاكمة وإدانة القديم تتفاقم، وكأن الوعي أمسى ذاتي الحركة كسيل يعرف طريقه ويصعب إيقافه.

شباب الجامعات يذهلني بوعيه التلقائي بالحداثة، وبارتباطه العضوي بفضاءات الحرية وبروح العصر.

استمروا يا شباب، ما زال للقديم أرواح خبيثة تُنفخ، فالمواجهه أبعد ما تكون عن محطاتها الأخيرة، لكنكم تتقدمون.

* جمعها (نيوزيمن) من بوستات للكاتب علی صفحته في (الفيس بوك)