جلال محمد

جلال محمد

اليمن.. ماذا يجب أن يحدث

Wednesday 23 January 2019 الساعة 05:40 pm

بعد أربع سنوات من اختطاف الدولة اليمنية وتدمير مؤسساته إثر هجمة سلالية حوثية وفق أجندة إيرانية واضحة، يجد المواطن اليمني نفسه أمام مفترق متعدّد الاتجاهات.. وأغلب الاتجاهات لا تحمل الحلّ ولا تتلحّف بالحلم، حلم الجماهير الكادحة والمتمسّكة بالوطن ووحدته، لذا يجد المواطن نفسه أمام خيار وحيد هوالدفاع عما تبقى من اليمن والحفاظ على ما تبقى من نسيج اجتماعي مزقته عبثية "الشرعية" وحقد وعمالة الحوثي، خيار القتال المشروع حتى يجنح هذان الطرفان للسلم الحقيقي والإيمان الفعلي باليمن وشعبه وحضارته وعراقته لا اليمن الذي يريدون أن يكون بلون واحد أو مائع لا لون له ولا دولة.

إن معضلة اليمن الكبرى هي أنها أجبرت على فتح أبوابها على الخيارات المدروسة والمطبوخة في الخارج... وليس الحوار الوطني الشامل لسنة 2013 وما أفرزه من مشاكل جمه وألغام متعددة في طريق المستقبل اليمني، والذي انقلبت عليه أولى الجماعات الإرهابية المشاركة فيه "جماعة الحوثي"، لم يكن سوى حوار لزيادة منسوب التشتت والاقتتال بين أحزاب سياسية وجماعات مذهبية سلالية أو مناطقية، لا تؤمن بقوّة القانون، وإلاّ لما وصلنا إلى ما وصل اليمن إليه اليوم.

أربع سنوات من الانقلاب والصلف الحوثي يواجهها أربع سنوات من العبثية والعجز المزمن الذي تعاني منه "الشرعية" رغم الدعم المقدم إقليمياً.

المشكلة أن المتغنين بالشرعية أو المتدثرين بردائها يعلمون علم اليقين عجزهم وانعدام المشروع الوطني لديهم، فكل همهم بالمقام الأول هو الإثراء على حساب أنات الشعب، وتمزيق ما تبقى من وطن، ومهما سمعنا أو شاهدنا ما يقومون به من دعاية، من أجل الحفاظ على سياسة الواجهة، حتى وإن عضوا اليد التي مدت لهم وساهمت بقدر كبير في أن لا تصل مقصلة الانقلابيين إلى رقابهم.

إن اليمن بحاجة إلى خمسة حلول، حتى تعدّل البوصلة، ويستطيع الشعب أن يعدّل إيقاع حياته وإيقاع توجهاته وإيقاع رتم الخلاص الفعلي من أدران الوضع الحالي:

ـ أولاً، إرادة جماعية من كلّ القوى السياسية المؤمنة بالمبادئ الجمهورية، والحرية والعدالة، ومبدأ المساواة لا الاصطفائية والسلالية، حتى يتوصّل الجميع إلى قواسم مشتركة، تركّز سنّة التداول على السلطة، وفق القانون..

ـ ثانياً، شرعية تنتمي للشعب وتعمل لأجل الأهداف التي رفعها داعموها من أجلها، شرعية تعمل وتكافح من أجل إثبات جدارتها بالحكم، وليس الهروب، شرعية تفرض دولة القانون والمؤسسات، بحيث تكون العدالة في تطبيق القانون لا في انتقائه، ونحن اليوم نعيش في اليمن على وقع فشل ذريع لما تُسمى الشرعية والانتقائية في تطبيق القانون، في أغلب المحافظات التي تُسيطر عليها.

ـ ثالثاً، إعادة الاعتبار إلى مفهوم الدولة والمواطنة، ودولة المؤسسات الفعلية وليس المؤسسات الحزبية والشللية، مع تغيير نهج التعامل مع القضايا الوطنية بعيداً عن التخوين والتشكيك والتهميش.

ـ رابعاً، سن قوانين رادعة تُجرم أي جماعة سياسية أو حزب يتبنى أفكاراً مذهبية أو سلالية أو دينية من شأنها تمزيق النسيج الاجتماعي، ولا تؤمن بالولاء الواحد والحصري للوطن وللجمهورية وللقيم والمبادئ الإنسانية، وتحترم حق الحياة والاختلاف.

ـ خامساً، أهم ما تحتاجه اليمن بعد انقشاع هذه الغمة التي تمر بها والتخلص من منفذي المخططات التي أضرت بالوطن على مدى السنوات الماضية، هو حوار وطني اجتماعي، تحدّد فيه النخبة من الأحزاب والمكونات "شمالاً وجنوباً شرقاً وغربا" والمنظمات المجتمعية المهنية والاجتماعية، تحدد فيه طريقة التشارك في حكم اليمن وعودة دوره العربي، بالإضافة للاتفاق على خطط التنمية، لأننا إذا واصلنا هذا النهج التدميري الذي تدير به كافة الأطراف ما تبقى من "اليمن"، فإن اليمن ـ لا قدر الله ـ ستستمر في قائمة الدول المنهارة، بل قد تتلاشى الدولة نهائياً.