جلال محمد

جلال محمد

المستشفيات الحكومية.. كل نفس ذائقة الموت!!

Tuesday 26 February 2019 الساعة 07:37 am

في أغلب بلدان العالم، خصوصاً في تلك الدول التي تحترم شعوبها، يكون شعار وزارة الصحة ومستشفياتها "صحتك هدفنا"، إلا في اليمن يتوجب أن يكون الشعار المكتوب بكل وضوح في ركن وزاوية "الداخل مفقود.. والخارج كُتبت له النجاة".

ففي المستشفيات والمرافق الصحية هناك تجد المعاناة أنواعاً تبدأ أولاً من البحث عن طبيب مختص "إن وجد"، مروراً بأجهزة تالفة، وصولاً إلى تشخيص خاطئ يؤدي فوراً إلى عجز أو عاهة أو الموت فوراً دون مقدمات.. لتصل للحقيقة الساطعة بأن المستشفيات الحكومية تعاني "إهمالاً مع سبق الإصرار والترصد" الذي ضرب كل قطاعاتها وأقسامها.. لم تسلم الأغلبية العظمى من المرضى التى دخلتها تبحث عن علاج لعلتها.. لتخرج منها على الفور بمرض آخر مصاحب للمرض الذي دخلت به.

ولأننا في واقع شاذ في ظل حكم جماعة الحوثي التي لا ترى في الإنسان إلا أداة للموت، ورسالة للآخرة لا يجدر به البقاء في هذه الدنيا، لذا فإن أشكال الصيانة لا تعرف طريقها داخل المستشفيات، أو للأجهزة أو حتى الأسِرة التى يبيت عليها المرضى، فهذا كله يتفق مع شعار "الموت" الذي تعشقه الجماعة.

على أبواب مستشفى الكويت وداخل حوشها، وكذلك في مستشفى الجمهوري التعليمي في العاصمة صنعاء، المشهد ينذر بكارثة على الطريق.. المرضى يقفون فى طوابير مشردة لا يحكم حركتها سوى رغبة كل مواطن فى الدخول إلى الطبيب المختص بعلته التى يعانى منها.. أمام بوابة الطوارئ والعيادات الخارجية يقف المئات من المرضى لتبدأ فى التو واللحظة رحلة المعاناة التى تنتهى بأن المريض لا يعرف شيئا عن مرضه، أو تشخيص خاطئ يجلب له مرضا آخر، وكل ذلك ناتج عن سوء وقِدم الأجهزة المستخدمة أو حتى عدم صيانة القديم منها.

أما من الداخل فالعشوائية هى سيدة قرارها لا تستطيع أن تفرق بين فريق التمريض أو المرضى الذين يحضرون منذ الصباح الباكر لعلهم يستطيعون الدخول إلى الأطباء فى مختلف التخصصات.

القمامة ملقاة على الأرض فى كل مكان.. المرضى فيها يسعفون أنفسهم، يشترون كل المستلزمات حتى خيوط الرقاع وشاش التضميد، وكأن المستشفى رفع شعار "ساعد نفسك بنفسك".

أما عن الإشارات والأسهم المستخدمة للتعريف بالأدوار والغرف فقد ضاعت ملامحها بسبب صور "قتلى الحوثيين" الذين تعمد الجماعة بطباعة صور قتلاها في كل مكان وعلى كل لوحة، تمجيداً للموت وعدم اكتراث بالأحياء، وإن حالفك الحظ ووجدت تشخيصاً كيفما اتفق وكنت محظوظاً بالحصول على سرير فارغ لم يمانع المشرف التابع للمليشيا أن يمنحك إياه إن لم يكن لديهم قتلى وجرحى، فسوف تنقل معاناة المرضى للغرف فبمجرد وصولهم اسرة تلك الغرف سيعرف كيف طال النهب حتى أسرة المرضى، وكيف ضاعت ملامح ما تبقى منها أو بالأحرى "المتهالك المتبقي" بين طيات الإهمال التى ضربت كافة أنحاء المستشفيات في ظل سلطة المجهود الحربي.

وبالنسبة لغرف الكشف على المرضى فى كافة التخصصات فهى أقرب إلى قبور يُدفن فيها الموتى فبدلا من أن تستخدم الأجهزة الحديثة والأسرة المتطورة، فقد أصبح الكشف "بمجرد النظر" دون استخدام أبسط الأدوات الطبية في الكشف، خطوات تقطعها من أمام العيادات الخارجية إلى غرف العناية المركزة التى يجلس أمامها عدد من أفراد التمريض وبعض العناصر المليشاوية "الأمنيات" غير آبهين بمن يعاني المريض بالداخل، فمنهم من يمسك هاتفه يلعب عددا من الألعاب على المحمول دون اهتمام بأي مريض وآخرون تأخذهم نشوة الاستماع للزوامل بصوت عال لا يجعلهم يسمعون من يجلس بتلك الغرف إذا اشتكى من أمر ما.

الوضع لم يختلف فى مستشفى الجمهوري التعليمي أيضاً، ذلك الذى لم يشهد أى صيانة سواء لمبانيه التى أكلها عامل الزمن قبل أن تأتي جماعة الكهف الكهنوتية، أو لأجهزته التى غالباً كل نتائج أشعاتها وتحاليلها خاطئة بسبب أنها تالفة ولم تر نور الصيانة منذ زمن بعيد.. الوضع لا يختلف كثيرًا، فالمستشفى بوضعه الحالى يعانى الكثير من الإهمال ونقص الإمكانات وإن وجدت بعض الدعومات التي تلبيها منظمات دولية مهتمة بهذا الشأن، إلا أن الثقب "الحوثي" الأسود يبتلع كل شيء كما ابتلع كل موارد الدولة، وكل ذلك تحت مسمى "المجهود الحربي" أو "رعاية أسر الشهداء" وعدد من المسميات الحوثية المختلفة التي قرصنت بموجبها أموال كل شيء حيوي وضروري ونهبت جيوب الشعب والتجار.