حسين الوادعي

حسين الوادعي

تابعنى على

القواسم المشتركة بين إرهابيي الشرق والغرب

Friday 15 March 2019 الساعة 06:43 pm

نظرية المؤامرة وخطاب الكراهية هما القاسمان المشتركان بين إرهابيي داعش والقاعدة وبين إرهابيي الغرب.

مثل وهم وجود مؤامرة ضد "الهوية المسيحية" لأوروبا، أو "الهوية الإسلامية" العالم الإسلامي.

ترويج خطاب الكراهية ضد الغرب المحتل، المتآمر، الناهب، الذي لا هم له الا التخطيط لتدميرنا ونشر الفساد والتفسخ في مجتمعاتنا الإسلامية..
مقابل خطاب الكراهية المقابل حول "الخطر الإسلامي" المفترض الساعي لأسلمة أوروبا، وفرض الشريعة بالقوة، وتدمير الغرب.

وأخطر ما في الموضوع أن يكون الرد على حادث نيوزيلندا الإرهابي بخطاب كراهية مضاد يعيد تدوير خطاب الكراهية.
وأسوأ خطاب كراهية شاهدته اليوم هو الصورة المرفقة التي تقول:
"أنا مسلم.. لكن داعش تقتلني، واليهود يقتلونني، والمسيحيون يقتلونني، والهندوس يقتلونني، والبوذيون يقتلونني.
ومع ذلك يسموني إرهابياً".

لا يمكن إدانة الإرهاب بخطاب كراهية متهافت مثل هذا، يتهم جميع الأديان بالقتل والإرهاب، فقط لينفي عن الجماعات الإرهابية الإسلامية صفة الإرهاب.

إدانة الإرهاب يجب أن تقوم على اسس الإنسانية والتسامح وتقديس الحياة الإنسانية.

فحادث الهجوم على المسجدين في نيوزيلندا اليوم عمل إرهابي تنطبق عليه كل شروط الأعمال الإرهابية وأهدافها وتداعياتها.

والفرق بين الجريمة العادية والعمل الإرهابي أن الأخير ليس مقصوداً بذاته، وإنما يقصد به إثارة الرعب وتحريض الآخرين على تكرار نفس الفعل في أماكن أخرى.

لهذا يهتم الإرهاب بتصوير جريمته ونشرها.. وهذا ما برعت فيه داعش والقاعدة وغيرها من الحركات الإرهابية.

ليست هذه المرة الأولى التي يقتل فيها مسلمون في عمل إرهابي.. لكنها المرة الأولى التي يُقتلون في عمل إرهابي ينفذه أشخاص غير مسلمين.

إذ إن حوادث الإرهاب التي قتل فيها عشرات الآلاف من المسلمين في اليمن وسوريا والعراق واندونيسيا وتركيا ومصر وأفغانستان كان المنفذ مسلماً والضحية مسلماً.

وعندما انتقل الإرهاب إلى أوروبا تغير أحد أطراف العلاقة فصار المنفذ مسلماً والضحية عربياً غير مسلم في أغلب الحالات وليس كلها.

أما اليوم فنحن نرى تغييراً جديداً في أطراف علاقة (الإرهابي-الضحية) بكون المنفذ غير مسلم والضحية مسلماً.
لكن هناك متغيراً مهماً آخر هو أن مكان الجريمة مجتمع غير مسلم، وهذا له أبعاده الخطيرة.

هناك دروس كثيرة ينبغي علينا استيعابها من جرائم الإرهاب الوحشية.. أهمها أن يكون لدينا موقف قاطع وحاسم من الإرهاب بغض النظر عن هوية فاعله، وأن لا نحاول تجيير حوادث الإرهاب لخدمة أفكارنا أو مصالحنا، وأن نتجنب فخ الوقوع في المفاضلة بين "إرهابنا" و"إرهابهم".

ومع التفاصيل التي تظهر تباعاً عن الإرهابي منفذ مجزرة مسجدي نيوزيلندا وعن أفكاره وأيديولوجية الإرهاب التي تغذيه تتكشف لنا حقائق هامة عن تفكير الإرهابي وتشكل الأيديولوجيا الإرهابية وانتشارها.

وفي الحديث اليوم عن الإرهاب العالمي تتكشف أيضاً أكبر أيديولوجيتين مغذيتين للإرهاب، أيديولوجيا الإسلاموية السياسية بتنوعاتها السنية والشيعية، وأيديولوجيا التفوق الأبيض بتجلياتها المعادية للأجانب مع التركيز على المسلمين.

ولأن الإرهاب يتسلق على مظلومية "رد الفعل"، يدعي الإرهاب الإسلاموي أنه رد فعل للانتهاكات الغربية، ويدعي اليوم الإرهاب اليميني أنه رد فعل للمؤامرة الإسلاموية.
يصعد الإرهاب باعتباره واحداً من أبرز تحديات القرن الحادي والعشرين.

* جمعه (نيوزيمن) من بوستات للكاتب على صفحته في (الفيسبوك).