محمد عبده الشجاع

محمد عبده الشجاع

تابعنى على

كشكوش وتوكل كرمان في زمن الكوليرا!

Tuesday 19 March 2019 الساعة 04:36 pm

ليست المشكلة في كشكوش، هل هو "هاشمي" أم "مُتهشم"؟ "زنبيل" أم "قنديل"؟! المشكلة جمعية؛ بمعنى إلى أين نحن سائرون، على عواتقنا صورة نضال كاذبة، تؤسس للصورة الأكبر ألا وهي "الفناء".

كشكوش هل لديه قضية؟
نعم لديه؛ وهو الدفاع عن مشروع ووطن في ذهن عبد الملك الحوثي وأتباعه، ابتداءً من محاولة استعادة المعنويات، وكسب مزيد من الوقت؛ من أجل استكمال زرع بقية الجغرافيا في مدينة الحديدة بالألغام.

حشر المحافظة بالجنود البواسل من أبناء القبائل، الذين خسر على تربيتهم السيد حسين دم قلبه وروحه، وافتتح عشرات الهناجر لتعليمهم المقرر كاملاً، من أجل استكمال فكرة أحمد محمد الشامي ويحيى المتوكل، والزيادة عليها بهارات حارة بنكهة فارسية.

يقول ال د. يوسف الحاضري بأن صروح التعليم التي بناها علي عبدالله صالح، من جامعات ومدارس، ومعاهد فنية ومهنية، وكليات المجتمع والتربية، جميعها تنشر الزيف، وقد أنقذ الله الأمة بمجيء السي عبد الملك الحوثي وإخوانه.

أما توكل كرمان وقضاياها الكبرى فقد ظهرت مؤخراً وليس أخيراً، وهي تشد من أزر الربيع العربي في (الجزائر والسودان)، يبدو أنها تفكر بنوبل جديد سيأتيها مرة ثانية على شكل فارس أحلام يركب حصاناً أبيض في المنام، وأنها ستظهر على منصة التتويج وتقول باللغة الإنجليزية (يس أوف كورز) بالطبع إنه ربيع جميل.

حين كان كشكوش يمثل دور الأهبل مع عمته "تمرانة" من أجل إسعاد الأطفال، كان (ناصر القصيبي، وعبد الله السدحان)، يقدمان دراما هادفة؛ من أجل تغيير هيئة الفضيلة والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر في شوارع وأزقة المملكة، وعقول الدهماء، بالمقابل كانت توكل كرمان تحاول أن تتبوأ مكاناً عليا؛ وهي تردد من على ظهر دبابة يسقط النظام ويرحل علي صالح.

يقول الصديق رضوان أحمد: حينما شَرع القتلة في إعداد وتنفيذ خطتهم الدموية، كانوا يرتكزون على مبدأ حيواني معروف ومُعلن عنه.. "كلما زدنا شهيد.. اهتز عرشك يا علي".

توكل كرمان تحارب من أبراج عاجية لإثبات ثوريتها وأنها فعلا ما تزال تسعى إلى التغيير الذي بدأته مع قضية "مهجري الجعاشن"، وانتهت بتوزيع أجهزة "اللابتوبات" والمنح الدراسية إلى اسطنبول؛ التي تتلقاها من دولة قطر.

بالمقابل يتم تهيئة إقليم "الجند" لتسليمه لراع رسمي يضمن خدمات جيدة كحليف موثوق به، ويضمن بقعة وثيرة على أحد شواطئ البحر الأحمر والمياه الدولية.

تغرد توكل كرمان مع كل مظاهر احتجاج تخرج في الخرطوم أو الجزائر، مرة يصادف خروج المظاهرات وهي في لندن، ومرة تكون في اسطنبول، وأخرى في واشنطن وليست الدوحة ببعيد؛ وهي أنبوبة الغاز الفعالة، والمحرك رباعي الدفع لمعظم ما جرى ويجري من نزيف دم وكرامة، تغرد بالصوت والصورة وليتها لم تغرد.

ظهر كشكوش (سليمان داوود) من مدينة الحديدة وهو يستعرض هيكله العظمي محملاً رشاشاً لا يتلائم أبداً؛ لا مع حجمه ولا مع كشكشته، ظهر وهو يسأل الناس كأي إعلامي يقدم برنامجا ترفيهيا: "أين نحن الآن"؟ فيجيبون نحن في جولة "يمن موبايل"، إنه اكتشاف عظيم.
هكذا تبدأ أو تنتهي.. لتبدو الأدوار أكثر سوءاً ومهزلة.

سليمان داوود يؤدي دوره بعد أن تلقى دورات تعبئة، مضمونها الموت لأمريكا والدواعش والطوارق، متناسياً أنه يقف على تراب جغرافيا أضحت حقلاً مليئاً بالألغام، قد يأتي ابنه في المستقبل القريب أو البعيد لغرض رؤية البحر الأحمر على طبيعته، فيأخذه أحد تلك الألغام المنسية إلى حتفه.

أما توكل كرمان فتبدو بلا قضية تطارد الوهم الذي جبلت عليه، وفي أذنيها إيقاع صوت ميكرفون ساحة الجامعة يردد: "يا صنعاء دوري دوري نحو القصر الجمهوري"، فتجد كامل المتعة وهي توقع اتفاقات مع منظمات مانحة كي توزع سلالا غذائية آخر كل سنة مكتوبا عليها مؤسسة توكل.

بين كشكوش وتوكل تتآكل كرامة اليمني، وتنزلق روحه إلى الموت بفعل الجوع أو الحرب أو الجهل أو التثوير الممنهج، وبفعل الساسة الذين غرقوا في سوق البورصة، ولا أحد راجع نفسه من هؤلاء ليعلن إيقاف نزيف الدم والجغرافيا والكرامة.

بمثل هؤلاء لا يمكن أن تنتصر الشعوب، ولا يمكن أن نرتقي أبداً، فأن تكون ممثلاً تؤدي دوراً ظاهره الحقيقة وباطنه التهريج، يختلف كلية عن أن تكون إنساناً على حقيقتك، تجسد هذه الحالة ببساطة وبلا تكلفة؛ على الأقل لا تخسر فيها ماء وجهك وكرامة غيرك.