عبدالرحيم الفتيح

عبدالرحيم الفتيح

تابعنى على

عِرض تعز المستباح... وانتهاك الحرمات

Saturday 23 March 2019 الساعة 08:55 am

في مشهد مفزع تقشعر من هوله الأبدان، انتشر تسجيل صوتي سجلته إحدى الأخوات في مدينة تعز لاشتباكات عنيفة بالأسلحة الخفيفة والرشاشة والقذائف، كما بدا واضحاً في المقطع الصوتي، واقتحام ومداهمة للمنازل على رؤوس ساكنيها وبهمجية وعنجهية ودونية مفرطة في التوحش، ولم تلق أي اعتبار لحرمة المنازل، ولا لحرمة النساء، ولا لحرمة الاستغاثات التي كانت تختلط بالخوف وحرقة الدموع لأنهن مجموعة نسوة فقط ولا رجال بينهن يحمونهن من بطش تلك الميليشيا الملعونة.. وبحد علمي لوكان هناك رجل لقتلوه أمام أطفاله ونسائه أو اختطفوه بلا رحمة.

وبرغم توسل النساء وأيمانهن بأنه لا يوجد أحد، واستحلافهن لأولئك المسوخ المنزوعة من قلوبهم الرحمة والإنسانية، بأن النسوة حوامل فلا يفزعوهن.. إلا أن أولئك الشياطين انتهكوا كل الحرمات وألقوا القنابل في وسط المنزل بلا رحمة أو شفقة، وأي رحمة قد تسكن قلوب أولئك المسوخ.

انطفأ التسجيل، وانتهى عند لحظة سماع دوي انفجار القنابل، ولكن حرقتنا وعنفواننا لم ينطفئ مع انطفاء التسجيل، ولا أظنه سينطفئ، لأن الغيرة والحمية لا يمكن أن تنطفئ، ولو سكبت عليها مياه البحور والمحيطات، وكيف تنطفئ وأسماعنا لم تغادرها نبرات الفزع وصراخ النسوة في تعز.. مشهد يعيد إلى أذهاننا نفس السيناريو الأليم والمفزع اقشعرت من بشاعته الأبدان والذي جرت أحداثه المشابهة لما حدث بالأمس في تعز.. ففي 4 ديسمبر من العام 2013م وحين اقتحم مسوخ القاعدة حرمة مستشفى العرضي ووزعت الرصاص المركزة في الرأس والعنق على كل من يصادفونه أمام فوهات بنادقهم والتي كانت أرحم من قلوب أولئك المسوخ، وذكرني مشهد القنابل أمس حين أقبل مسخ من القاعدة مرتدياً زياً عسكرياً فحين رآه مجموعة من الأبرياء ظنوا أنه من سيؤمن فزعهم ويطمن هلعهم من ما يحدث، إلا أن المسخ الملعون باغتهم بقنبلة ألقاها في وسطهم بلا رحمة.. مشهد أعاد إلى ذهني ما حدث أمس في تعز، وتشابه الأسلوب الهمجي واللاإنساني بين مسوخ القاعدة ومسوخ الإصلاح.

أسفي عليك يا أخيتي، فلم يعد المعتصم بيننا ليلبي صراخك ويغيث فزعك كما أغاث فزع المرأة في عمورية حينما استنجدت وصرخت يا معتصماه، فلباها بجيش أوله في عمورية وآخره في قصر المعتصم، وهذه هي نخوة العربي وقيم وتعاليم ونهج ديننا الإسلامي الحنيف الذي يحثنا حتى في الحروب ألا نقطع شجرة ولا نفزع طفلاً أو امرأة وألا نعتدي على مسن ولا أعزل، وفي تعز اليوم حيث لا عاصم للنساء ولا الأطفال إلا الله، ولا أظن الله غافلاً عن ما يفعل الإخوان، وأنه الجبار المنتقم الذي سيقتص لتلك الدموع المكلومة، وسيغيث الصراخ الذي أطفأه دوي وشظايا القنابل..
والله غالب على أمره.