جلال الشرعبي

جلال الشرعبي

تابعنى على

حملٌ كاذب

Thursday 28 March 2019 الساعة 05:40 pm

بعد أيام من الحرب التي خاضها التجمع اليمني للإصلاح ضد خصومه في تعز يصدر بيانًا يقول فيه إن قوات "الحشد الشعبي" كانت حملاً كاذباً.

يستحق الجميع من أبناء تعز التحية، لأنهم كانوا أول من تصدى بوعيهم للتمرد العسكري الذي قاده الإصلاح في تعز، وجعلوه يظهر عاريًا أمام الجميع.

كلنا يعرف أنه عند بداية تشكيل الجيش أصدر التجمع اليمني للإصلاح تعميمًا سريًا لفروعه بالمحافظات، طالبًا من كل مركز الرفع بعدد محدد للتجنيد، وكانت الهبة للمبايعين على السمع والطاعة، ولذا يتبدى ما ترون، المعلم عقيدًا والفاشل نقيبًا، واختلط الحابل بالنابل وتضخمت النياشين على الاكتاف بسرعة ضوئية..

في المرحلة التالية، قادت قيادات محلية من الإصلاح مواجهات مسلحة مع الحوثيين في مناطقها، انتهت كلها بالفشل والخيبات والظفر بالمكاسب المالية، ثم ما لبث هؤلاء القادة أن تحولوا بعد فرارهم إلى قادة ألوية في مأرب.

بغض النظر عن أية ملاحظات حول الجيش والأمن في تعز الذي يسيطر الإصلاح على 80% من قوامه، فإننا مازلنا نعتبره ضمن قوام جيش يمني عام نحتاجه لمواجهة الانقلاب.

وما استجد في تعز هو ظهور قوات "الحشد الشعبي" كذراع عسكرية خاصة به، والتي شكلها ودربها وأعدها عسكريون ينتمون للإصلاح، بدعم من قطر، وحددت لها مهمة فرض سلطة الأمر الواقع في تعز.

وبالتوازي مع هذه الخطوة العسكرية، تم الإعلان عن إشهار منظمة "سيادة"، لمواجهة ما أسموها الممارسات العبثية للتحالف السعودي الإماراتي في اليمن.

إذا أردنا وضع الأشياء في نصابها ومكانها الصحيح، فإن ما حدث بتعز يتلخص في نقطتين:
الأولى: أن قوات الحشد الشعبي هي المليشيات الخارجة عن القانون. 
الثانية: أن ما حدث كان تمردًا عسكريًا كامل الأركان.

وكلا الأمرين يحتاجان لفتح تحقيق ومحاسبة من قبل القائد الأعلى للقوات المسلحة، ومن التحالف الذي يقدم الدعم والمساندة لهذه القوات.

أما المحافظ نبيل شمسان الذي ما يزال يتأرجح بحذر منذ العام 2011 وحتى الآن، بين نكران علاقته بالرئيس الراحل "صالح"، ونفي صلته بالإصلاح، فوجد نفسه هذه المرة أمام طوفان يبتلعه، ويتكلم باسمه، ويأكل الثوم بفمه، ويحاول حتى منعه من الصراخ.

أصدر المحافظ توجيهات عدة بوقف الحملة الأمنية تم تجاهلها. أصدر الناصري، وتبعه الاشتراكي، والكتلة البرلمانية لحزب المؤتمر، بيانات استنكار، واعتبرت ما يحدث انتقاماً يقوم به الإصلاح ضد خصومه.

قام الرئيس عبدربه منصور من نومه ليقول للإصلاح: لقد جئتم شيئًا يصعب ترقيعه.

لكن الإصلاح ظل يعتبر نفسه الصح وغيره ليسوا أكثر من عملاء وخونة.

وبالمقابل ظل النائب علي محسن يلتزم الصمت، لأنه يعي ماذا تعني قوات الحشد الشعبي التي نمت تحت علمه وبصره، وبرعايته، ولا نستبعد أن يقدم تقريرًا ملفقًا ليبرر ما حدث في تعز، على غرار ما قدمه بخصوص "حجور" أمام الرئيس ومستشاريه فيكرر "جباري" صرخته طالبًا منه ومن رئيسه الرحيل.

الغريب جدًا وسط كل ما سبق أن يطل سيف الحاضري متنطعاً من النافذة ليقول: يا أبناء تعز لديّ معلومات خاصة عن حمود خالد الصوفي الذي يقف خلف كل ما يحدث.

سيف الحاضري ظل في صنعاء يهاجم حمود الصوفي عقداً من الزمن، وعندما غادر منها هربًا من الحوثيين ظلت ذكرياته الباقية بعد نصف عقد تتعلق بذات الرجل.

حتى الخادم يحتاج لفطنة عندما يريد خدمة ولي نعمته، ويحتاج للغة حتى يبدي الناس اهتمامًا لما يقوله. ثم إن الساعة المعطوبة تصدق مرة في اليوم.

أعتقد أننا نعرف من كان الكاذب في تعز، ومن لا يزال يكذب، ومن يحتاج إلى لعناتنا حين يقول إن قوات الحشد الشعبي التي شربت الدم بشراهة في المدينة القديمة ما زالت مجرد حمل كاذب.