عبدالقادر الجنيد

عبدالقادر الجنيد

تابعنى على

اكتمال أركان مأساة تعز

Tuesday 23 April 2019 الساعة 09:07 am

يتهمني بعض الأصدقاء من حزب الإصلاح بأني لست منصفاً -على غير عادتي- في موقفي من أحداث تعز الحالية من حروب شوارع واقتحامات للأحياء.

وكيف أني لا أركز على حوادث الاغتيالات التي سبقت هذه الأحداث.

هذا اسمه انتقاء في الرد.

وأحياناً يتم بسق كلمة داخل جملة داخل فقرة داخل منشور واحد الذي هو جزء من عشرات المنشورات المكتوبة حول حرب الشوارع واقتحامات الأحياء في تعز.

أنا لا أتصيد الأخطاء، وبالعكس أتجنب الخوض في الحوادث اليومية الصغيرة التي لا تنتهي والتي لا تمثل ظاهرة أو نسقاً عاماً.

اقرأ كل المنشورات، وأنت تعرف موقفي من حروب الأخوة الأعداء في تعز، بينما مدينتهم محاصرة ومقصوفة.

ولا نحتاج ليذكرونا بأن هناك من لا يريد تواجد الإصلاح في تعز.

والصغير قبل الكبير يعرف مشكلة حزب الإصلاح والتحالف الذي لا يريد هيمنة الإصلاح.

وكل الناس يعرفون أن موقف التحالف هذا وافق هوى عند كل من لا يوافق على سيطرة الإصلاح سواءً كانوا من الأحزاب أو السلفيين أو الوجاهات المحلية.

وحزب الإصلاح، يقع المرة تلو المرة في الفخ والمصيدة المنصوبة له بجعله وحيداً ومنبوذاً وحده -وبكامل موافقة ورضا الإصلاح- متعللاً باحتكار المُثُلْ الأخلاقية العليا والمسميات النبيلة مثل "الشرعية" و"الدولة" و"الجيش الوطني"، وفي نفس الوقت يصف خصومه بالدعشنة والعمالة ومنفذي الاغتيالات.

وفي نفس الوقت لا يستطيع أي محافظ أن يبقى ويستقر في تعز، بالرغم من أن المحافظ هو ممثل الرئيس والشرعية والدولة وهو ممثل للقيادة السياسية للجيش الوطني.

وأي واحد يقول أي رأي، يسارعون بالقول: وهل توافق على الاغتيالات؟
بالله عليكم: وهل هذا سؤال؟

وربما تكون هذه الاغتيالات من تنفيذ أجهزة مخابراتية معادية يهمها إشعال مزيد من الفتن داخل تعز، أو حوادث جرائم زاد انتشارها مع شيوع حمل السلاح وانفلات الأمن،
أو جرائم ثأر حقيقية أو ثأر لحوادث انفلات الرصاص الطائش. أو ربما حتى اغتيالات سياسية.

لكننا لا نقبل بأن تكون مبرراً لتصفية حسابات سياسية وعلى أيدي الخصوم والغرماء، ولا نقبل بترويع الناس العاديين، حتى ولو كان خصومهم هم الأشرار فعلاً.

وهذا ليس دفاعاً عن خصوم الإصلاح، فنحن لنا أيضاً تحفظات كبرى على خصوم الإصلاح، وقد كتبتها من قبل.

سنين طويلة، وأنا أكتب بأن حزب الإصلاح ينزوي بالتدريج ليصبح وحده وفي جزيرة معزولة في زوايا محددة داخل تعز ومكتفيا بالمناصب والمراتب التي حصل عليها وبالدعم الذي يتمتع به في قيادة الشرعية.

وكل الآخرين -اشتراكيين وناصريين ومؤتمريبن ووجاهات اجتماعية- لا تعجبهم سيطرة حزب الإصلاح ولا هيمنته على المشهد، وسيستمرون بمخاصمته ومعاداته، وسيأتي يوم يحصلون فيه على ما يكفي من القوة ليصبحوا أندادا وتسيل الدماء في كل مكان، ويدفع الناس العاديون الغرامة والثمن، وتضيع قضايا تعز، وتضيع قضايا اليمن، ويضيع بالتأكيد حزب الإصلاح نفسه.

أنا لا مانع عندي من سيطرة حزب الإصلاح، وموافق على أن يستولي على كل شيء ويأخذ الجمل بما حمل، بشرط أن يسلم البضاعة والمطلوب.

ولكن هل يستطيع أن يسلم حزب الإصلاح البضاعة على طريقة ماو تسي تونج وهو شي منه وكاسترو؟

هل يستطيع الإصلاح أن يحرر تعز وهو في جزيرة معزولة وحده؟
هل يستطيع إحلال الأمن؟
هل يستطيع تقديم الخدمات؟
هل يستطيع أن يحشد الآخرين بعد ترويضهم؟
هل يستطيع أن يقدم أي شيء بدون رضا التحالف؟

أنا لا أوافق على اجتثاث حزب الإصلاح ولا على أن يكون منبوذا.
وحزب الإصلاح لا يستطيع أن يسيطر ويهيمن على تعز.

وأنا رأيي أن ما يدور الآن في تعز، هو ترويع ورعب بدون وظيفة وبدون جدوى.

ما يدور في تعز، هو إهدار لأرواح ناس سواءً كانوا من حزب الإصلاح أو خصومه أو للناس العاديين في الوسط.

وهذا الصراع، لا يخدم مبادئ حزب الإصلاح ولا مصلحة خصومه ولا ما يريده الناس.

وهذا الصراع لا يخدم تحرير تعز ولا مقاومة انقلاب الحوثي، حتى لو قضى حزب الإصلاح على كل خصومه وانفرد هو وحده بشرف الصراع مع الحوثي.

وكنت أستحي من أن أقول للإصلاح ما يجب فعله للخروج من هذا المأزق.

وكنت أحياناً أتجرأ وأقول بأن على حزب الإصلاح، بصفته الأقوى والأكبر حجماً أن يقترب من رفاق الأمس، ولن يضره شيء إذا تنازل لهم بشيء حتى ولو كان يعتبر هذا من حقه، سعيا وراء السلم الأهلي وسلامة الأرواح والممتلكات ولكي نحصل على الانتصار الذي نريده كلنا مع حزب الإصلاح نفسه.

لكن في كل مرة يعود حزب الإصلاح إلى الوقوع في نفس المصيدة ونفس الفخ وندفع كلنا أثماناً وغرامات.

وهنا تكتمل أركان مأساة تعز الأربعة:

•يهاجمها عدوها الحوثي وينهبها ويحاصرها ويقصفها.
•يركبها النحس والدبور وضياع البصر والبصيرة لأبنائها الذين يقتلون بعضهم البعض بدلاً من مقاتلة الحوثي.
•يغفلها التحالف ويشيح العالم كله أنظاره عنها بسبب عدم اقتناعهم بمن بداخلها.
•ضياع الأغلبية الصامتة وضياع جيل كامل فقد التعليم وفقد الأمل في المستقبل.

*من صفحة الكاتب على (فيسبوك)