عبدالفتاح الصناعي

عبدالفتاح الصناعي

تابعنى على

الصحافة والمجتمع.. الدولة والسياسة

Wednesday 15 May 2019 الساعة 11:54 am

في أحد البرامج الحوارية على شاشة MBC كان ضيف الحلقه، رئيس تحرير صحيفة عكاظ، وأنا أستمع للبرنامج حرك بداخلي شجونا وحنينا وألما عن واقع الصحافة اليمنية.

تحاور MBC الصحافي رئيس التحرير، كنجم لامع وشخصية أكثر أهمية وتأثيرا بتفنن تغوص بالأسئلة الذكية عن حياته وتركيبته الشخصية وأسلوبه المهني وطريقته الإدارية وسياسته التحريرية، ونظرته للحياة وفلسفته الخاصة وعلاقاته الشخصية والمهنية وأمانيه وأحلامه.

يقول رئيس تحرير عكاظ بأنه لا يزال يتمنى سقفا أعلى لحرية الصحافة وبأن الصحفي يستطيع أن يصنع السقف الذي يريد وبأنه اليوم بالنسبة لكُتاب الرأي هنالك اليوم سقف عال مفتوح لهم لم يستخدمونه بعد.

تشعر بالفارق الكبير بيننا وبينهم كيف تطورت مؤسساتهم الإعلامية والصحفية وأنتجت شخصيات مهنية أصبحت نجومية لها فلسفتها ورؤيتها لا يقل تأثيرها عن نجوم الفن والسياسة ومشايخ الدين، ومؤسسات إعلامية قوية وعتيدة، أصبحت مؤثرة ورقما صعبا.

عندنا انهار البلد وانهار كل شيء، رؤساء تحرير الصحف المهنيون والذين كان لهم تأثير مجرد مدانين ومتهمين من هذا وذاك لا مانع من نقدهم لكن المشكلة هو تحميلهم أكثر مما ينبغي.

بعهد الحوثي أُفرغت الصحف الرسمية من محتواها المهني وتوقف الصحف المستقلة، وتشرد الصحفيون وسجنوا، رؤساء التحرير كذلك هاربون ونازحون منهم من توقف تماماً حتى عن عمل موقع كبديل لصحيفته، أمثال نائف حسان، ومحمد عايش، وسامي غالب، ومحمد الخامري، حتى كتاباتهم متقطعة وعلى استحياء، رغم أهميتها.

كانت "الشارع والأولى" مدرسة صحفية لكنك لا تجد من يسعى لفهم تجربتهم ورؤيتهم التي عملوا من خلالها فالاتهامات ضدهم تشتغل بمبالغات كبيرة فقد يذهب البعض إلى القول بأن "الشارع" و"الأولى" من أدخل الحوثيين صنعاء.

لا نحترم ما نملك من مبدعين استطاعوا صنع صحافة مؤثرة فنقيمهم وننظر إليهم من ناحية مهنية بعيداً عن الاختلاف والصراع السياسي.

الأستاذ نبيل الصوفي كرئيس تحرير مهم ومؤثر بداياته من الصحوة حتى نيوزيمن وأبواب استطاع إعادة نيوزيمن من جديد بعد سنوات طويلة من التوقف، ومعه الاستاذ أمين الوائلي الذي كان ايضاً رئيس تحرير وصحفيا مهما ويُعد "شيخ طريقة بالصحافة"، حسب تعبير الصوفي، بحيث جعلا من نيوزيمن مدرسة صحفية وسياسية ملتزما المهنية رغم عدم حياديته كما يقولون هذا بوضوح.

ولكن ما زال الجميع يترصد لهم ويثيرون عليهم الحروب والاتهامات، رغم موازنات مواقع الشرعية الباهظة والمواقع الممولة فلم يستطع أحد أن يصنع صدى واحترافا كنيوزيمن.

لماذا لا تعيد الشرعية المؤسسات الإعلامية والصحافة الورقية كصحافة محترمة ومحترفة بعيداً عن الحالة الضعيغة جداً لها اليوم وتعيد إصدار الصحف بالمناطق المحررة؟!

لماذا يتم إهمال رؤساء تحرير محترفين كمحمد عايش، ونايف حسان وسامي غالب؟!

هل تفكر القنوات التي تستضيف المهرجين، ونجوم الدراما السيئة والضعيفة، والأبواق الإعلامية والسياسية أن تستضيف رئيس تحرير لتحاوره عن العمل المهني بعيداً عن السياسة عن سياسته التحريرية، عن جنونه وإبداعه وشغفه بالعمل الصحافي، والمشاق التي تعرض لها، والقضايا المهنية العامة التي تعاني منها الصحافة اليمنية على حدٍ سواء؟!

قبل أن تأتي القنوات كانت الصحافة اليمنية متقدمة وكان الصحافيون جمعيهم تربطهم روابط المهنة بعيداً عن انتماءاتهم السياسة وآرائهم ومن بعد 2011 بدأت الحروب بينهم ليكمل الحوثي كافة الانهيارات ويقضي على المؤسسات بمختلفها ويشرد الجميع وتظل قضية الحوثي عاملا أكبر وأهم في الصراعات الصحفية بحق وباطل كاتهام ومبالغات، وكموقف حقيقية سابقة قد حدثت بعدها متغيرات وسالت مياه كثيرة، كان البعض يأمل بتغير الحوثي أو يتعاطف معه في مرحلة معينة وبقدر ما تظل قضية الحوثي العامل الرئيسي للصراع السياسي الداخلي والدولي.

هل عجزنا عن وضع حد لهذه الانهيارات على مختلف المستويات والمجالات؟!

سيظل الواقع الصحفي مؤشرا حقيقيا على ما وصلنا إليه من الانهيارات كمجمتع ودولة وسياسة من عدم وجود مؤسسات مهنية وإبداع وحرية وعلاقة ذلك بالتدخلات الشقيقة والصديقة.

كما أن إطلاق الصحفيين المسجونين، وإعادة المؤسسات الصحفية وتطور أدئها المهني سيكون انعكاساً لحالة التعافي وتجاوز مرحلة الانهيار.