سعيد الرَكْنَه

سعيد الرَكْنَه

وزارة التعبئة والتلغيم لا التربية والتعليم

Wednesday 17 July 2019 الساعة 08:25 am

تحدق بنا الكارثة من كل جانب، فلم يعد الجوع وحده هو همنا ولا كيف نحافظ على أطفالنا بل صار الحفاظ على عقولهم هو الأهم في ظل الخطر الذي يتهددها من أكثر الأماكن أمناً وهي المدارس.

لقد صارت المدارس وحواضن العلم في صنعاء وأخواتها تقوم بعكس دورها تماماً، فهي تلغم لا تعلم، وتهدم لا تبني، وما يقع تحت سلطة الانقلاب لا يمكن وصفها بوزارة التربية والتعليم، بل وزارة التعبئة والتلغيم.

أقول ذلك وأنا أشاهد دفاتر صغاري حيث يتوسط حروف الأبجدية، التي لم يتمكنوا من حفظها بعد، مخططٌ خماسي فيه خمس دوائر كل دائرة تحمل يتوسطها اسم فرد من "الآل الخمسة" وأسمع حكاياتهم عن الزوامل، وفي الثلاثة الأيام الأولى عادوا يرددون صرخة الموت قبل منعهم من الاستمرار في المراكز الصيفية.

فقد تحولت مدارس بناء الأجيال إلى معامل تفخيخ لأدمغتهم، وتحولت قاعات الامتحانات إلى مقيل لتبادل المعلومات، حتى روضات الأطفال صارت تفتح فيها الزوامل ويشاهد فيها خطابات حسين الحوثي، فماذا ننتظر أن تكون مخرجاتها؟

ومن هنا أوجه رسالة تحذير لأبناء الوطن أن يراقبوا سلوك أطفالهم، وأن يتابعوها أولاً باول، وأقول لهم:

يا آباء وأمهات اليمن، اشرفوا على تعليم أطفالكم بأنفسكم ولو لساعة باليوم.

علموا أطفالكم الحرية واذهبوا بهم للحدائق والسينما والعبوا معهم وعلموهم أن الوطن يريدنا أحياء لا أمواتاً، وأنه يريدنا أن نبنيه بقيم التآخي والتعايش والعدل التي قام عليها ديننا الإسلامي الحنيف، وأن لا فضل لنسب على نسب إلا بما قدمه للوطن في مسيرة الارتقاء به.

علموهم أن الناس سواسية لا فرق بين عربي ولا أعجمي إلا بالتقوى وأن نبينا الكريم جاء هادياً للناس ومبلغاً لرسالة الله لا لتوريث الحكم لمن لا يرث المال من الأقارب فكيف يرث النبوة، ولو أراد الله الحكم لآل نبينا محمد لعاش من هم من صلبه لا أبناء عمومته وأبناء بناته كما جعل النبوة في آل إبراهيم من قبل.

علموهم أننا نحب الله إذا أحببنا أنفسنا، وأننا لا نتقرب إليه بقتل بعضنا ولا بالطعن في صحابة نبيه وزوجاته وأننا نحب الإمام علي وأبناءه أكثر من الذين يقتلون الناس باسمهم ليصلوا إلى الحكم، وأننا نحب كل صحابة النبي والخلفاء الراشدين وآل محمد بما أحسنوا في خدمة الأمة والدين، وأن لا وصي على الدين والوطن إلا من نستوصيه ونختاره نحن أو ننتخبه ونبايعه على السمع والطاعة.

اخبروهم أن من يريد إعادتهم للماضي وثاراته هو عدوهم، وأن من تسبب في تدمير البلاد وتشريد وتجويع أهلها وأباح مقدراتها مضحياً بها لتحقيق أطماعه وخرافاته هو عدو الله وعدوهم وعدو الوطن.

علموا أطفالكم الحب والانتماء لعروبتهم والحفاظ على كيانهم ومستقبلهم وأن من يتآمر على عروبته خدمةً لأجندة إيران هو العدو والعدوان وأنه إلى زوال.

علموا أبناءكم أن يكونوا شوكة العلم في عين الجهل، وصرخة التفوق والبناء في وجه الرجعية والهدم، ولا تسلموهم لمن سيعيدهم إليكم ألغاماً تنفجر في وجوهكم أو أشلاء في صناديق الموت.

علموهم أن الحكم بالصندوق وأن من حقهم أن يكونوا قادة وحكاماً لا أتباعاً لعرق أو نسب.

علموهم أن العلم حياة والبندقية موت إن كانت لنصرة من يرى نفسه الحاكم بأمر الله، فالله لم يسلم تاج الحكم لفرد أو جماعة دون غيرها.

علموهم أنهم المستقبل وأن الوطن للجميع لتحتفلوا بنجاحهم وأعراسهم بدلاً من أن تزغرد الأمهات على جثثهم وأشلائهم لتستمر مسيرة الموت والظلام والعبودية في وطن عرف الشورى قبل أن يدخل الإسلام بآلاف السنين.

وفي الأخير جميعنا مسؤول عن تربية هذا الجيل وتنشئته بما يتناسب مع عصره بعيداً عن الخرافة وكهنتها، وعلى الدولة أن تقوم بواجبها لحماية صناع مستقبلها ومستقبل الوطن قبل فوات الأوان وتمكُّن الانقلابيين من تفخيخ عقولهم كي لا تخسر الأرض والإنسان فيلعنها التاريخ والأجيال إلى قيام الساعة.