سمير الصنعاني

سمير الصنعاني

خفايا القتل والسحل الحوثي المسكوت عنها

Saturday 27 July 2019 الساعة 10:14 am

من يتابع ردود الفعل على جريمة سحل مليشيات الحوثي لمحمد قشيرة في عمران والتمثيل بجثته ثم تفجير وإحراق منزله وصولاً إلى بيان داخليتهم المبرر لما حصل يصل إلى نتيجة تتمحور في نقطتين:

الأولى، تتعلق بمواقف وردود الفعل الصادرة عن المختلفين والمعارضين للحوثيين والتي تركزت إما على الشماتة بقشيرة أو استنكار سحله والتمثيل بجثته وليس استنكار جريمة قتله ابتداءً، وهذا ما يعكس خللاً في الوعي والموقف لدى هذا الفريق الذي بات يتعاطى مع جرائم الحوثيين انطلاقاً من مواقف سياسية فقط بعيداً عن اتخاذ موقف جمعي يرقى إلى درجة تسليط الضوء على هكذا جرائم ترتكبها المليشيات وتحويلها إلى قضية حقوقية وإنسانية لفضح وتعرية فكر وثقافة وممارسات عصابة الحوثي التي لا تختلف عن جرائم وممارسات داعش والقاعدة والإخوان وكل الحركات الدينية التي ترى في القتل جهاداً وتزعم أنه نصر عظيم من الله.

أما النقطة الأخرى والأكثر أهمية، فهي متعلقة بالخلفية الفكرية والمذهبية الدينية التي تنطلق منها مليشيات الحوثي في ارتكاب هكذا جرائم والتي يغفل عنها الكثيرون إن لم يكن الجميع.

وللتوضيح أكثر دعونا نتذكر ما كان يقوله الإخواني علي جار الله، قاتل الشهيد جار الله عمر، في المحكمة وهو يدافع عن نفسه ويبرر للقاضي قتله لجار الله عمر بإيراد فتاوى التكفير التي أطلقها العلماء ضد الحزب الاشتراكي وقياداته في عام 94م بالتزامن مع حرب الانفصال يومها حيث كان يحاول إقناع القاضي أن جريمته مبررة انطلاقاً من قناعات دينية، وهو ذات الأمر الذي يجري اليوم مع عصابة الحوثي التي ترتكب كل جرائمها انطلاقاً من فكر وثقافة وقناعات دينية مؤصلة في أدبياتها المذهبية والثقافية والسياسية.

في كل الدورات الثقافية التي تنظمها المليشيات الحوثية يخبر المشاركون والتابعون والموالون للحركة أن كل خصوم الحوثي (كفار أو يهود أو منافقون) وهذه الصفات الثلاث تبيح دم من يتهم بها تماماً، ويصبح من حق أي عنصر مسلح يتبع مليشيات الحوثي قتل المعارض لهم والفوز بالجنة نظير ارتكابه للجريمة.

هل تتابعون طريقة صياغة الأخبار في وكالة سبأ الرسمية التي يسيطر عليها الحوثيون، حيث يتم وصم معارضي وخصوم الحوثي بالمنافقين، وهو أمر يتعدى التأصيل لتكفير الآخر من الناحية المذهبية إلى الجانب السياسي ويصبح حتى سياسيو وإعلاميو الحركة مقتنعين أن خصومهم منافقون والمنافقون جزاؤهم القتل دوماً، فهم في نظر عصابة الحوثي وفكرها المذهبي الديني أخطر حتى من أعداء الحركة وأخطر حتى من أمريكا وإسرائيل التي يدعون أنهم أعداؤهم الحقيقون ويصرخون بشعار الموت لهم.

ومثلما يقنع أتباع القاعدة والنصرة وداعش وكل حركات التطرف والإرهاب أن خصومهم كفار يقفون بوجه إقامة دولة الخلافة الإسلامية، يقنع أتباع مليشيات الحوثي أن خصومهم منافقون وكفار يقفون بوجه إقامة دولة الإمامة الإسلامية، ويزيدون على ذلك ربط هذا التطرف بمزاعم حقهم الإلهي في الحكم بدعوى انتسابهم للرسول.

وتأسيساً على كل ما سبق فلم يكن سحل الحوثيبن لقشيرة ولم تكن كل جرائمهم التي ارتكبوها بحق خصومهم أو حتى الموالين لهم سوى تجسيد عملي وواقعي لحقيقة فكرهم وثقافتهم الدينية المذهبية المتطرفة والارهابية التي لا تختلف عن ثقافة وفكر داعش والقاعدة وكل حركات التطرف والإرهاب، وهنا تكمن الخطورة التي تستوجب من الجميع مواجهتها وتعريتها فكرياً وثقافياً وسياسياً وحقوقياً وإنسانياً وبشكل دائم وليس التعامل معها كمجرد ردود فعل آنية تنتهي وتموت مع انتهاء الصدمة الآنية الناجمة عن هول تلك الجريمة فقط.

والحقيقة التي يجب أن نستوعبها ونحذر من خطورتها أننا جميعاً في نظر الحوثي مجرد منافقين، ودماؤنا مستباحة ما دمنا نعارضهم ونقف ضد مشروعهم المذهبي والعنصري والسلالي، ولا نستغرب أن نشاهد في الأيام القادمة أو خلال المستقبل المنظور أولئك الفتية وصغار السن الذين تغسل أدمغتهم اليوم في مراكز الحوثي الصيفية يرتكبون جرائم قتل وسحل وتفجير منازل خصوم العصابة وهم يؤمنون أن جرائمهم تلك جزاؤها جنات عدن والحور العين.