ردينا نبيل العدني

ردينا نبيل العدني

تابعنى على

النهوض بعد ويلات الحرب

Monday 26 August 2019 الساعة 08:45 am

الحزن في معظم البيوت والأسر في اليمن.. الحرب، للأسف، ذهب ضحيتها الملايين بين قتيل وجريح ومعاق.

لقد مزقت الحرب ببشاعة بلدًا مستقراً وآمناً لسنيين.

وهناك مسلسل لا ينتهي من الضحايا كل يوم. ربما تكون الطفولة هي الضحية الأولى. فمستقبلهم الغامض هو من أكثر العواقب المدمرة.

إن النتائج الأخرى للحرب يمكن التخفيف من آثارها بسرعة. وذلك دور المجتمع وعليه أن يحشد الإرادة لذلك.

الحرب في اليمن واحدة من أكبر الأزمات الإنسانية في عصرنا. أرقام 2019 مذهلة أكثر من مليون لاجئ مسجل وأكثر من مليون شخص نزحوا داخليًا.. والكثير من الأطفال خارج المدرسة وفي الشوارع.

هذه الأهوال التي لا تُوصف هي أمرٌ يصعب على أي شخص تحمّله، فضلًا عن طفل لم يطور بعد آليات المرونة والصمود للتغلب على رضات الحرب النفسية.

عندما تكون في السابعة والعاشرة من العمر، وتجد نفسك في الشارع، ستحمل هذه الذكريات إلى الأبد. على عكس البالغين، فإن الأطفال المتأثرين بالحرب سيكونون إلى حد بعيد ضحايا وأمراضاً نفسياً.. وهم من يشكلون مستقبل البلد.

ويتجلى ذلك من خلال حرمانهم من فرصة التطور والتعلم والنمو في بيئة آمنة، فإننا نحرم أيضًا أمة بأكملها من فرصة تجميع نفسها معًا مدة طويلة.

خرجنا أمس إلى شوارع عدن وكنت سعيدة بحملات منع السلاح وأعمال النظافة.

بعد أربع سنين من الحرب أصبح السلاح في عدن مألوفاً وأصبح جزءاً من لبس الشباب اليومي، وهذه كارثة.

الناس في الشوارع والأسواق على أعصابها وهي ترى انتشار السلاح بيد الشباب الطائشين.

يجب على الحكومة أن تكافح هذه الظاهرة من خلال نشاطات توعوية لفئة الشباب تحديداً، وتهيئة فرص العمل لهم، لأن البطالة والفراغ الذي يعاني منه الشباب هو ما يوصلهم لحمل السلاح والبلطجة بحجة المشاركة في العمل العسكري وغيره.

أما في حال كان وقت الشاب كاملاً ومليئاً بأشياء تساعده وتخدمه في الحياة، لن ينحرف الشاب وينقاد لحمل السلاح.

نحتاج أن نتعافى من جروح الحرب وآثار الحرب النفسية والاخلاقية..

لا تستحق عدن التي عشنا فيها بكل أمان وشاهدناها تطور وتنمو كل يوم، وعشقنا كل تفاصيلها، وأصبحت حديث الشعراء والكتب والسائحين.. لا تستحق إلا أن تخرج من الحرب أقوى وأجمل.

كنت قد قرأت عن خروج ألمانيا من الحرب مكسورة وكيف تعافت من جديد بعد أن دمروا بنيتها التحتية بشكل كامل في معظم المدن، وبدأت من تحت الصفر بعد أن ذاقت كل الويلات انتشرت فكرت الانتحار والجريمة، لكن جهود شباب ورجال ألمانيا انتشلوها من هذا الطريق وبدأ الأمل يعود للناس.. كانت مهمة الإعلام فتح آفاق للأمل والعمل والإصرار، وخرجت ألمانيا كالمارد.

إن مهمتنا في الجنوب أسهل. معظم مدن الجنوب محررة وسليمة ونحتاج إلى جرعات من التسامح مع الآخرين، وتسريع العمل بصدق وإخلاص للخروج من كوابيس الحرب، وعدم فتح مزالق حرب جديدة.

إننا جيل لم نذق طعم الحياة بعد، كلنا أمل وتطلع كي نرى بلدنا آمناً ومستقرا ومزدهرا. السلاح ليس الحل لأن من عاش بسلاح قد يموت بسلاح.

وهذا يحتاج إلى بث ثقافة الإصرار ومعرفة طرق الخروج من الحروب بأقل كلفة. والبدء بمعالجة آثار الحرب ليست في البنية التحتية فقط لكن النفسية الأخلاقية الوجدانية فقد أخذت الحرب منا كثير الفضائل لا بد أن نستردها اليوم كأول خطوة للتعافي..