فيصل الصوفي

فيصل الصوفي

إنه بيان الرئيس ولو أخلصتم..

Saturday 31 August 2019 الساعة 10:46 pm

ليل الخميس الأخيرة أذاعت وسائل الإعلام الحكومية التي يديرها الإخوان المسلمون (حزب الإصلاح) بيان رئاسة الجمهورية ذاك الذي عرفتم.. لقد صِيغ بأسلوب مرسل هادف هو الرئيس هادي، إلى مستقبلين كثر، محليين وجيراناً وأجانب.. بياناً فيه هذرمة، وكلام أخزم، وقول أقزم، صافٍ من السياسة، ونزق خالٍ من الكياسة.. وفيه هال الرئيس هادي التراب على رأسه، وطلب عداوة الآخرين طلبة.

بعد ذلك خرج بعض المتعاطفين مع الرئيس هادي، يحاولون إسعاف الموقف بطريقة اختلط فيها التبرير بالتذرع.. خرجوا يقولون ويكتبون للناس: الرئيس هادي مختطف من قبل قيادة حزب الإصلاح في الرياض.. الرئيس هادي متعب والفريق علي محسن الأحمر يستغل الحالة لتمرير ما يريد وما يريد حزب الإصلاح، باسم رئيس الجمهورية.. إن بيان الخميس كتبه تنظيم القاعدة أو تنظيم داعش على الأرجح، وأن مكتب رئاسة الجمهورية الذي يديره عناصر حزب الإصلاح أمر بنشره وإذاعته في وسائل الإعلام الحكومية دون علم الرئيس هادي.

مثل هذا الموقف العاطفي زيادة إهانة للرئيس في الحقيقة.. وإلا ماذا تعني كلمات وجُمل من قبيل: دون علمه، يستغله الأحمر، اختطفه حزب الإصلاح، سوى أنه رجل هين القدر عديم الحيلة؟

بهذا الموقف الوجداني يعتقد أصحابنا أنهم سوف يحظون باحترام الرئيس، بينما قد يرى أنهم يزايدون عليه، وهذا هو الاحتمال الرابح حتى الآن.. إذ لم يتخذ أي إجراء بعد إذاعة ذلك البيان المسف الذي أضره أكثر مما أضر الفعلة الحقيقيين في مكتب رئاسة الجمهورية وفي قيادة حزب الإصلاح.

لا يقولن أحد إن الرئيس كذا وكذا، فهو ليس أخرس وليس عاجزاً عن اتخاذ القرار.. لقد لاذ بالصمت، ولا يُنسب إلى ساكت قول، كما يقول الفقهاء الأصوليون.. لو شاء الرئيس هادي لكان -على الأقل- فعل مثل ما فعل وزير حقوق الإنسان كما في المثال التالي:

وهو أنه بعد يوم واحد من المواجهات بين قوات الأمن الموالية للانتقالي وبين الجماعات الإرهابية في عدن، نشرت وكالة سبأ اليمنية في السعودية، بياناً باسم وزارة حقوق الإنسان في حكومة هادي تتهم فيه المجلس الانتقالي بارتكاب جرائم بحق 300 شخص في عدن، وتدعو اللجنة الوطنية للتحقيق في هذه القضية الكبيرة، وعلى الفور أصدرت الوزارة بلاغاً مؤداه أن لا علاقة لها بالبيان الذي نشرته الوكالة، وأنه من صنع مكتب رئاسة الجمهورية في الرياض..

هنا صار المواطن على بينة، فرئاسة الجمهورية في الرياض التي يسيطر عليها حزب الإصلاح هي التي وضعت البيان وأمرت بنشره على عجل، حتى إنه سقط من حسابها حق المواطن في السؤال: كيف استطعت إحصاء 300 ضحية على أرض عدن في وقت قصير ومحنة عاصفة؟

لقد نُشرت بلاغات وبيانات حارة في أوقات سابقة في وسائل الإعلام الخاصة بحزب الإصلاح والموالين له، منسوبة إلى وزارات مثل الدفاع والداخلية وغيرهما، وإلى محاور ومناطق عسكرية، يستطيع أي مواطن متابع اكتشاف أن مصدرها مكتب رئاسة الجمهورية الإخواني، ومع ذلك يعتبرها المواطن صادرة عن تلك الجهات بشخصيها الطبيعي والاعتباري، ولا يهتم لكون تلك البلاغات والبيانات لم يرد لها ذكر في وكالة سبأ الحكومية، فالمهم أن الجهات تلك لم تنف صلتها بها كما في حالة وزارة حقوق الإنسان. والرئيس هادي لم يقل أنا قلت تحت الخطف وقلة الحيلة.. فالبيان المسف بيانه بإجماع الفقهاء الأربعة: العليمي واليدومي والآنسي والزنداني، برواية هادي، على مذهب البغدادي صاحب داعش!