د. فاروق ثابت

د. فاروق ثابت

احتفالات الثورة اليمنية في ماليزيا بين الماضي والحاضر

Sunday 29 September 2019 الساعة 04:01 pm

قبل 11 عاماً من الآن قدمت ماليزيا بعد فاصل كبير من مضغ القات والنضال بين أسبوعية "الميثاق" والتعليم العالي وجامعة صنعاء، وكنت قبل ذلك لم أخرج خارج اليمن قط..

لم أكن أتوقع أن أجد في ماليزيا زخماً من الشباب اليمني النشط، وذاك الحراك السياسي والطلابي المشهود..

صدمت أيضا بالمستوى الحضاري الذي يشهده البلد ووجدت أنه لا مقارنه بين اليمن وهذا البلد الذي أنا فيه، فالفارق بين الثورتين والاستقلال في البلدين خمس سنوات سبقت فيه ماليزيا اليمن في العام 1957 لكن في الواقع بين البلدين الفارق مئات السنين تقريباً.. شبكة الطرقات، الجسور العملاقة، الأنفاق، الإنارة، المطارات سكك القطار، التخطيط والتنظيم... كل ذلك جعلني ألعن كل النخب منذ ما بعد قيام الثورة اليمنية وحتى اليوم..

أتذكر كأنها اللحظة كيف كنت أظهر متخلفا بين الناس في الأسبوع الأول لمجيئي سواء عند كاشير السوبر ماركت او شباك تذاكر القطارات، كنت أذهب مباشرة للبائع دون النظر أو الانتباه لطابور الناس وهم يقفون بنظام كل واحد ينتظر دوره بهدوء..

والكثير من اليمنيين والعرب فعل مثلي على ما أعتقد، كوننا نرسخ الثقافة التي تعلمناها وهي الفوضى والعشوائية..

ورغم الفارق الذي وجدناه في بلد المنفى ووطننا، إلا أن الحنين والاشتياق لليمن كان لا يفارقنا..

ومعروف عن اليمنيين هنا الالتقاء في الأعياد الدينية للسلام فيما بينهم سواء في حفلات خاصة تنظمها الجالية أو في ملتقيات خاصة تنظمها العائلات تلتقي فيها عشرات الأسر لتبادل المحبة وسلام العيد..

في الأعياد الوطنية كانت السفارة بالتنسيق مع الملحقية واتحاد الطلاب غالباً ما تنظم احتفالات بالثورة اليمنية يحضر فيها أبناء اليمن من كل حدب وصوب وتتنوع الفقرات الفنية بالاغاني الوطنية والتشكيلات الراقصة من كل الوان اليمن الحبيب، ورعا الله ايام السفير المنتصر والمستشار الثقافي الصنوي..

الآن لم يعد لمسمى الاحتفالات الوطنية وجود، بل وانحسر الامر الى احضار السفير موقداً يشعله هو بنفسه في فناء السفارة ثم يلقي بعد ذلك خطبته المعهودة على الحاضرين بعد ان يكون اخذ عشرات الصور لنشر الاخبار في الاعلام والتلفزة وبعد ذلك كل واحد يروح بيتهم، على عكس ما كان يحصل في السابق من احتفالات كانت تهتز لها ماليزيا، بتمويل فردي تنسق له السفارة في كل شيء حتى على مستوى نقل المواطنين الى قاعة الاحتفال..

الكثير سيقول إن السفارة حاليا ربما ليس لديها الميزانية المناسبة، وان وجد دعم فالمحتاجون اولى به..

غير أنني أؤكد انه لا يوجد محتاجون اكثر من الطلاب اليمنيين والنازحين الذين تفرض عليهم جبايات مهولة من قبل السفارة حاليا كرسوم رسايل وتجديد للجوازات وتعميد وثائق وترجمات وما الى ذلك والتي تذهب الى صندوق السفارة بصورة خاصة، وهو الصندوق الذي لم يعرف عنه اغاثة ملهوف او اشباع جائع حتى اللحظة سوى خطب إسلامية مطولة، ووعود لا تسمن ولا تغني من جوع.