فكري قاسم

فكري قاسم

تابعنى على

اليمني عدو اليمن!

Sunday 13 October 2019 الساعة 08:06 pm

 

يقتل اليمني أخاه اليمني بدم بارد غير مؤسف بشيء، ويبكي ويزعل ويحزن على الدم الفلسطيني والشيشاني والبوسني والهرسكي، ويحشد الطاقات ويخرج في المسيرات والمظاهرات لنصرة الأقصى وتحرير القدس ويجلب الغزاة والمحتلين والمرتزقة إلى داخل بلاده!

يجمع اليمني التبرعات السخية لحزب الله ولحماس ولغزة ولمسلمي بورما ولمخيمات اللاجئين في دقيانوس ويسرق على أخيه اليمني معاشات الشؤون الاجتماعية والمعونات المقدمة للنازحين، ولم أشاهد حتى يومي هذا جماعة يمنية تجمع التبرعات لصالح نازحي ومتضرري الحرب والسيول والكوارث في اليمن!

يتعرض القطري داخل بلاده لزكام ويعطس اليمني ويصاب بنزلة برد شعبية! يتعرض السعودي لضربة شمس في الصحراء ويصاب اليمني نيابة عنه بالحمى وبالصداع! يتعرض الإيراني لعقوبات اقتصادية ويرتفع سعر الدولار في اليمن ويطفرن اليمنيون ويتعبون ويتجعجعون في معيشتهم اليومية نيابة عن الإيرانيين! وتتعرض المصالح الإماراتية للتهديد وينبع اليمني ليحمي تلك المصالح من خلال طرد اليمنيين أصحاب البسطات وباعة الرصيف من داخل عدن!

وعلى مر العصور عموماً، يأكل اليمنيون أنفسهم تماماً كما تأكل القطة أبناءها ولم يسجل التاريخ أية بشاعات حدثت لليمنيين من قبل أي محتل أو مستعمر أو دخيل كما هو حال تلك البشاعات المتكاثرة التي قام بها اليمنيون عبر الزمن ضد بعضهم بعض، ولنا في هذه الحرب الدائرة منذ خمس سنوات أمثلة ونماذج كثيرة لبشاعة الأفعال، ولقسوة اليمني على أخيه اليمني!

وكلما وفق الله اليمنيين بإنجاز كبير أو عظيم، تماماً كما هي الوحدة اليمنية، على سبيل المثال، لا بد أن يكون هناك في الطرف الآخر يمنيون آخرون مش مبسوطين ومش عاجبهم الإنجاز ويسعون دائماً لفركشته وتحطيمه وإعادة العجلة إلى الوراء تحت مبررات مختلفة تلقى التعاطف والعون والإسناد ما جعل منا بين الأمم شعباً منحطل القدرات والطاقات وأمة كسيرة بلا إنجازات متماسكة وخالدة!

وليس هناك عند اليمني، على ما يبدو، ما هو أسوأ من مشاهدة يمني آخر ينجح أو يفتح الله عليه، على أن صناعة النجاح في اليمن من الأمور المعقدة والمتعثرة التي لا تحظى بالاهتمام ولا بالرعاية ولا بالتشجيع ولا بأي بادرة من بوادر التبني.. على عكس مشاريع الفشل والحرب والخراب والدمار واللصوصية والتنكيل وتفتيت كيانات المجتمع وتدمير الطاقات كلها مشاريع شغالة في البلد على قدم وساق وتلقى الرعاية والتبني والدعم والمساندة والتشجيع من القريب قبل الغريب!

وأشعر في أحايين كثيرة بأن كل جيل من اليمنيين يتدحرج إلى الحياة، يكبر غريباً عن جيله السابق، لا يعرف عنه شيئاً ولا يقيم له وزناً، ولا يأخذ أخطاءه بعين الاعتبار، ولا يستفيد من التجارب ويعيش الحياة اليومية بحافز الضغينة للجيل السابق واللاحق، ولا يوجد في الدنيا كلها، على أية حال، بلاد أجيالها ملغمة بالكراهية والأحقاد كما هو حال بلادنا اليمنية البائسة التي بُليت بنخب "مُخنثة" على كل المستويات!

ودائماً وأبداً في كل المحطات والمنعطفات والمراحل السيئة من التاريخ القديم والتاريخ الوسيط والتاريخ الحديث والتاريخ المعاصر والتاريخ الجاي الذي يمشي في الطريق اليمني لوحده ولا سواه ولا أحد غيره عدو اليمن!