كغيري من الشباب الحالمين الطامحين بمستقبل أفضل خرجت في فبراير 2011 لإسقاط النظام.
كنا يومها نحلم بعزة وكرامة وعيش بحرية.. كنا نحلم بكهرباء وماء لا ينقطعان.
نحلم بانفتاح سياسي، بازدهار اقتصادي بتعليم، وخدمات صحية مجانية.
كان سقف طموحنا مرتفعا جدا والمعنويات كانت عالية.
بحت حناجرنا ونحن نهتف "الشعب يريد إسقاط النظام"، ووسط هذه الهتافات والعمل الثوري كانت تتشكل في رحم الثورة أنظمة مشوهة هي أسوأ وأبشع أنظمة الأرض.
كنا نرى هذه النماذج تمارس رداءتها على الأرض، تمارس القهر، الإذلال، تمارس الفساد بشكل لم نكن نتصوره ولا نتخيله.
لقد كانت في ساحة التغيير بصنعاء جماعتان متربصتين بالثورة هما: جماعة الحوثي وجماعة الإخوان.
كانتا تتسابقان على امتطائنا لتصلا إلى بغيتهما ونحن كنا كجياد مروضة، كنا أكثر طاعة وإخلاصا وصبرا.
كنا يومها سعداء أن نرى جماعات دينية كالإخوان المسلمين وجماعة الحوثيين والقبائل تشارك بعمل ثوري سلمي وتنادي بالحرية والدولة المدنية رغم نظرة الحوثيين والإخوان المشوهة للمدنية وللحرية.
لم نقف مع أنفسنا لنتساءل: كيف لجماعة تؤمن بدولة دينية أن تبني دولة مدنية؟؟، كيف لمستبدين أن يمنحونا الحرية؟؟، كيف لمن يمارس القمع والإذلال أن يمنحونا الكرامة؟؟.
كنت أرى ظلمهم وطغيانهم بعيني من خلال العصي التي تحملها اللجان الأمنية وتضرب بها شباب وشابات الثورة.
كنت أراه من خلال الدكتاتورية التي تمارس في المنصة الإعلامية.. كنت أراه من خلال التغذية التي تعطى بالبطاقات الحزبية.
كنت أراه في كل شيء بعيني و لا أعي ذلك كطفل يرى كل شيء ولا يميز.
كنا ننادي بالحرية العامة وحرية التعبير وأفواهنا مكممة ولا نستطيع التعبير.. ننادي بالعزة والكرامة والسياط على ظهورنا واستخباراتهم في كل خيمة تحصي أنفاسنا.
كنا نهتف بحرية المرأة؛ والمرأة الحقوقية والإعلامية التي لا تنتمي للجماعات الدينية تُضرب أمام أعيننا وتهان كرامتها، يهتفون ضد الجيش العائلي وجيشهم الحزبي محيط بنا.
كنا نهتف ضد الإرهاب ومن يمارسون الإرهاب بيننا.
قاموا بتفجير مسجد دار الرئاسة بعمل إرهابي همجي رغم دعواتهم المستمرة بالسلمية والعمل الثوري السلمي.
باختصار.. كنا في وهم ثوري، والقهر والاستبداد بدأ من هنا.