يستحق يوم "التاسع من يونيو" وقفة والتفاتة… فوجهة!
هو اليوم الذي اختاره الصحفيون اليمنيون يوما للصحافة اليمنية ففيه التأم شمل الصحفيين في نقابة يمنية بعد أقل من 3 أسابيع من تحقق الوحدة اليمنية في 22 مايو 1990 وقيام الجمهورية اليمنية.
بالنسبة للأجيال اللاحقة من الصحفيين فهذا التاريخ هو إشارة إلى مناسبة لا غير!
وهو خلاف الأمر بالنسبة للأجيال السابقة التي رأت فيه قطعا مع مرحلة اتسمت بالعسف والقمع والتنكيل.. وأكثر من ذلك القتل والاختفاء القسري.
يصعب حصر الصحفيين اليمنيين الذين تم اغتيالهم أو تعذيبهم بقسوة حد الجنون. ويمكن العودة بالتاريخ إلى مطلع السبعينات، وربما قبل ذلك، لرصد ضحايا السلطات في الشمال والجنوب، وبين هؤلاء قياديون نقابيون في صنعاء وعدن تم اغتيالهم أو اختفاؤهم قسريا في مراحل مختلفة قبل 1990.
وقد اتيح لي التعرف على قصة أحد هؤلاء أثناء فتح صحيفة النداء ملف الاختفاء القسري في صيف 2007، إذ أن القيادي في نقابة الصحفيين في صنعاء محمد علي قاسم هادي تم اعتقاله في صنعاء في مايو 1983 إثر مشاركته في اجتماع نقابي استضافته منظمة الصحفيين اليمنيين (في عدن)، ثم انقطعت أية أخبار عنه بعد أسابيع.
أريد أن أقول إن 22 مايو 90 حقق انتقالة في أوضاع حرية الصحافة قبل أن يتم كبحها في حرب 1994 (بعد هزم قوات الحزب الاشتراكي وشيوع ممارسات القمع و"القيد" والتدمير لمؤسسات الحزب في الجنوب وبالتالي أخذت الحرب طابعا جهويا استمر بعد انتهائها في 7 يوليو 1994).
على أن ما تحقق للصحفيين في مايو 1990 هو الذي مكنهم لاحقا من القيام بدور تحولي في عشرية القرن الجديد وصولا إلى 2011.
من هذه الزاوية يعد 9 يونيو يوما مجيدا للصحافة اليمنية ولنقابة الصحفيين اليمنيين.
وهو علامة قطع بين مرحلتين رغم كل ما يمكن أن يقال في فترات لاحقة استمرت عقدين بين 1994 (الحرب الكارثية) و2014 عندما سيطر الحوثيون على صنعاء.
* * *
يصح اعتبار وضع نقابة الصحفيين مؤشرا على وضع الحريات العامة في اليمن؛ في السنوات الأولى للجمهورية اليمنية (90-94) شهدت الصحافة قفزة كبرى في تعدديتها بإصدار صحف حزبية وأهلية في صنعاء وعدن وحضرموت وفي الحق في التعبير والحريات حتى أن ربيع الصحافة اليمنية صار لصيقا في سنوات الوحدة.
فصارت "الوحدة" لصيقة بحرية الصحافة اليمنية.
وصار نقيبها عبدالباري طاهر رمزا يقاس به وبأدواره من جاء بعده تماما كما هو حال اتحاد الأدباء والكتاب ورئيسه عمر الجاوي ودورهما في الدفاع عن الحريات في أقسى الظروف.
كذلك الحال في ما يخص النقابة إذ ضعف دور النقابة في 2013 (بانتهاء دورة المجلس زمنيا) ثم انحدر بشكل متسارع بدءا من سبتمبر 2014 ثم تعطل (كغيره) بالحرب في نهاية مارس 2015 قبل أن تتعالي صيحات البعض في عدن مطالبة بنقابة جنوبية تلاها قبل شهور السطو على مقر النقابة الذي هو ملك النقابة منذ سبعينات القرن الماضي!
* * *
لقد ضرب العمل النقابي -يتوجب أن نعترف- في 2013 عندما انغمس نقيب الصحفيين وزملاؤه في مجلس النقابة في جدول أعمال السلطة الانتقالية بدلا من القيام بواجباتهم المنصوص عليها وأهمها الدعوة إلى انعقاد المؤتمر الخامس في 2013 حسب الموعد النظامي.
الذي حصل أن مجلس النقابة ضبط نغمته على إيقاع الرئيس الانتقالي عبدربه منصور هادي فأدى ذلك إلى شلل النقابة وارتهانها بالسلطة الانتقالية بشكل مخز ومهين لكل عضو في النقابة (باستثناء مجلسها)، وها نحن في السنة العاشرة على التوالي نقف، كصحفيين وصحفيات، عاجزين عن فعل شيء.
لقد كان رأيي في فبراير 2016 عندما دعيت للمشاركة في لقاء موسع في العاصمة الأردنية نظمه الاتحاد الدولي للصحفيين أن يبادر مجلس النقابة إلى إصدار بيان يشرح فيه الظروف التي حالت دون القيام بواجبه في 2013 وما بعد، ووضع جدول زمني ينتهي بعقد المؤتمر في صنعاء أو عدن، وفي حال عدم إمكان الانعقاد يمكن التفكير بمبادرات من المجلس الحالي وفروع النقابة ونقباء سابقين تمكن النقابة من أداء دورها في ظل الممكنات المتاحة في ظروف الحرب.
لم يقبل النقيب وأعضاء المجلس المتواجدون في عمان أي نقاش مفتوح يمكن النقابة من التصدي للتحديات الماثلة، وكان النموذج الملهم لهم هو "هادي" نفسه الذي استمر رئيسا بذريعة أن المرحلة الانتقالية لم تستكمل!
لم ينعقد لقاء آخر بعد لقاء عمان لأن مجلس النقابة صار "ابن هادي" يرى الامتيازات لا المزايا، المنافع الشخصية لا حقوق الأعضاء!
هذه -قدر ما يمكن لي من إفصاح- التفاتة، وتلك وقفة واجبة مع يومنا، يوم 9 يونيو. يبقى أن نقرر -كصحفيين وصحفيات أعضاء النقابة- الوجهة، وفي ذلك فليتنافس المتنافسون!
*من صفحة الكاتب على الفيسبوك