أقوى ما في الأخطبوط أذرعه التي يعتمد عليها في كل شيء يتعلق بتعامله مع محيطه كما يتعلق بحركته وحياته بشكل عام.
وإيران، تشبه الأخطبوط كثيراً في أمور أساسية كثيرة. فهي تعتمد على أذرعها الطائفية كثيراً في سياستها الخارجية وترسيخ نفوذها في المنطقة والعالم كما في ترسيخ سلطتها على الداخل الإيراني. ولهذا، ما إن بُتِرَتْ أذرعها في لبنان وسوريا وغزة حتى تحولت إلى كتلة لا فقارية ضعيفة، وستتحول إلى كتلة بلا حيل ولا قوة بعد أن تُبتَر ذراعاها المتبقيتان لها في العراق واليمن.
وتأكيداً على الشبه الكبير بين الأخطبوط وإيران، نضيف مفارقة أخرى: لقد تطلب الأمر من إسرائيل كي تلحق الهزيمة بحماس وحزب الله وقتاً أطول بكثير من الوقت الذي تطلبه منها إلحاق الهزيمة بإيران. وقد واجهت في غزة مقاومة أشرس بكثير مما واجهته في إيران، وبينما عجزت تل أبيب حتى الآن منذ أكثر من عام ونصف عن تحقيق كل أهدافها في غزة، تمكنت من تحقيق معظم أهدافها في إيران في غضون أيام. وهذا شبه آخر يعزز كم كانت إيران ضعيفة وهشة وبلا مقاومة أمام إسرائيل بالمقارنة بأذرعها.
وهناك تشابهات أخرى كثيرة، في الحقيقة، بين الأخطبوط وإيران. فالأخطبوط يتمتع بالقدرة على التمويه والتكيف والانسحاب السريع من المآزق والهروب من الكمائن والمعارك، وكذلك إيران. لكن الأخطبوط لا يستطيع التكيف ولا الانسحاب السريع من المآزق ولا الهروب من المعارك من دون أذرعه، فهل ستفعل إيران بذراعيها المتبقيتين في اليمن أم بعد أن تخسرهما.. أم أنها لن تفعلها أبداً وتموت مثل الأخطبوط بعد أن يفقد كل أذرعه دفعة واحدة.
لا يموت الأخطبوط حين يفقد أحد أذرعه، لأنه يتمتع بالقدرة على تعويضها بذراع جديدة تنمو مكان المبتورة. لكنه سيواجه صعوبة كبيرة في البقاء على قيد الحياة إذا فقد كل أذرعه فجأة لأنه لا يستطيع الافتراس ولا الدفاع عن النفس ولا العيش بدونها، تماما مثل نظام الملالي في طهران.
ومثل الأخطبوط، يستطيع نظام الملالي تجديد أحد أذرعه المبتورة هنا أو هناك لأن القوام والرأسمال الطائفي ما يزال موجوداً ومنتشراً في الإقليم والعالم، لكن هذا لن يكون بالأمر الهين ولن يحدث في وقت قريب. وهو يستطيع ذلك حين تكون غالبية أذرعه موجودة، أما إذا فقدها جميعاً فسيواجه صعوبة شديدة في البقاء على قيد الحياة، وهو ما سيحدث على الأرجح لنظام الملالي في طهران في حال فقد آخر ذراعين له في العراق واليمن.
بقي تشابه آخر بين الأخطبوط وإيران كنت قد استبعدت إيراده هنا لكن لم أجد مانعاً من ذكره. من بين أسلحة الأخطبوط التي لا غنى له عنها طوال حياته: الحبر. وهو يستخدمه في كافة الحالات؛ في حالة الافتراس وفي حالة الهجوم وفي حالة التملص والتخفي والتهرب من الأعداء. وقد وجدت في هذا تشابهاً مع حبر الطائفية التي تستخدمه إيران كقناع وسلاح لتمرير مصالحها وترسيخ نفوذها: حبر الخرافة، خرافة الولاية وآل البيت وجدهم حسين.
ماذا تبقى أيضاً؟
ما تزال هناك تشابهات أخرى بين الأخطبوط وإيران، يمكنكم البحث عنها، ويمكنني أن أختم هذه الدردشة باثنتين منها. يعتبر الأخطبوط من الكائنات القليلة التي تتمتع بالتخطيط الاستراتيجي، وهو ما عُرفت واشتهرت به إيران. كما أن الأخطبوط يتمتع بـ"التُّقْيَة" والتمويه تماماً مثل إيران وأذرعها الطائفية.
*صفحة الكاتب على الفيسبوك