جمال محمد حُميد

جمال محمد حُميد

تابعنى على

القُبح الإجتماعي في اليمن..!!

منذ 6 ساعات و 27 دقيقة

الحرب والاختلاف الحاصل في وطننا الحبيب، اليمن، أخرج كلّ اللؤم والحقد لدى البعض، حتى صار الموتى مادة دسمة للشماتة، ونصّب الأحياء أنفسهم ملوكًا وقضاة ووقودًا للفرقة والشتات.

يُجرّ الميت إلى ساحة التواصل الاجتماعي، وتبدأ مساحات التنكيل والاتهامات، دون التفريق بين الاختلاف والانتقام الذي يُظهره البعض تجاه المتوفى، الذي أسكت الموت صوته وأنهى حياته.

لم يعد لدى البعض تلك القلوب الحزينة، ولا العيون الدامعة، بل أضحت طرق العزاء تمتلئ بالكراهية والتخوين، بدلًا من الوقوف في مواكب التشييع، كما عُهد عن اليمنيين؛ بأن اختلافاتهم مهما كانت، فإن للموت حرمته، وللميت حق الترحم، وترك ما عمله بين يدي خالقه.

أصبحنا في مجتمع يكون فيه الوفاء إدانة، والمشاعر الحزينة تهمة تطال كل من يُظهر حزنه ويؤدي واجب العزاء لأحدهم.

لم يعد للإنسانية وجود، ولا للدين موطئ، ولا للقبيلة حُكم. وأصبحنا نعيش في وطن يسوده الصراع ويُفتّته الاختلاف.

لم يعد للنسيج الاجتماعي أي ترابط في اليمن كما كنا نتفاخر به، بل أصبح القُبح الاجتماعي هو من يتسيّد الموقف والأوضاع.

سياسة الكراهية سائدة، لتُغرّبنا عن موطننا، وتُواصل الانحدار المجتمعي.

اتركوهم يموتون…

اتركوهم يعزّون…

اتركوهم يحزنون…

اتركوهم يفرحون…

ماذا فعلوا بكم؟ ألا تخجلون؟ أليس فيكم قليل من الخجل وأناملكم تُسطّر كل البؤس والحقد والغَبن والكراهية ضد ميت، له مواقفه، أو حياته، أو حتى كلماته؟

اتركونا نتّصل ونعزّي أقاربنا، مهما كانت توجّهاتهم وانتماءاتهم…

اتركونا نزور ونتفقد ما تبقّى لنا من أقارب وأصدقاء.

لم يعد للدين مكان بينهم،

ولا للعُرف القبلي ثقله وحُجّته،

ولا للنسيج الاجتماعي بقاء…

أصبحنا نعيش في شرخ اجتماعي ممنهج،

ممنوع فيه أن يرثي الأخ أخاه، أو يزوره، أو يشيّعه،

ممنوع على القريب أن يترحم على قريبه،

وممنوع على الصديق أن يؤدي الواجب مع صديقه.

أقولها لكم… حتى الأعداء يؤدّون الواجب مع أعدائهم.

في الدين، هناك حرمة للميت،

وفي العرف، هناك تقدير للميت،

وفي القانون، هناك ضوابط تحترم الميت،

وفي المجتمع، الميت له حقه.

ولكن ماذا بعد؟ وماذا يحدث في يمننا؟

شماتة بالميت… تعزير به بعد موته!

أوقفوا هذا الانحدار.

واتركوا للناس إنسانيتهم، دعوا لهم لحظات الوفاء الأخيرة.

الميت لا يُحاكَم،

والمصاب لا يُعاقَب،

والدموع لا تُمنَع.

دعونا نودّع من نحب، دون أن نُتّهم.

دعونا نترحّم دون أن نُخوَّن.

فما نحن عليه، ليس من الدين،

ولا من العرف،

ولا من القيم…

إنه مجرد قُبح، لا أكثر