فارس جميل

فارس جميل

الصماد.. كحساب فيسبوكي

Friday 27 April 2018 الساعة 01:27 am

ظهر عبدالملك الحوثي زعيم الجماعة ذاهلا منكسرا وعلامات المفاجأة على وجهه كأنه سمع خبر مقتل صالح الصماد في نفس اللحظة، لكن قناة المسيرة التي ظلت لأيام تعرض الصماد في زيارات ميدانية بعد مقتله سارعت بنشر مرثية للصماد بموسيقا وألحان وكلمات لا تبدو أنها أعدت على عجل، بل أنها كانت جاهزة تنتظر لحظة الإعلان لتبث على القناة.

وإذا كانت المرثية قد أعدت مسبقا، فلماذا لم تجهز صور الصماد في لوحات الشوارع بنفس الوتيرة كما هي عادة الحوثيين في الاستغلال الإعلامي لقتلاهم، ولماذا لم يتم حتى تحديد موعد تشييع الرجل أو إعلان مكانه، بنفس الحرص الذي أبدته قيادات الجماعة بتذكير أتباعها بالمشاركة في مسيرة البنادق التي دعا إليها الصماد قبل مقتله؟

لا زال الأمر غامضا بقوة رغم كل المعطيات، فلماذا التحالف العربي لم يعلن تبنيه عملية قتل الصماد رسميا حتى بعد مضي أيام على مقتله، ووقت طويل بعد إعلان المجلس السياسي الأعلى بصنعاء مقتل رئيسه؟

تزامن مقتل الصماد مع تدشين الحملة العسكرية في الساحل الغربي بقيادة طارق صالح، وكان إعلان مقتل الصماد بنفس اليوم سيشكل زلزالا كبيرا على رأس الجماعة، فلماذا لم يحرص التحالف على استغلال اللحظة إعلاميا ونفسيا ضد الجماعة؟

لم يحصل الصماد على الاهتمام الإعلامي المناسب لموقعه من وسائل الإعلام الدولية ولا من سائل إعلام جماعته، فقد خصصت الأخيرة لقيادات أقل شأنا منه بكثير مساحات إعلامية أوسع وبرامج أقوى، فلم يحصل الصماد على جزء بسيط من الاهتمام الذي لقيه طه المداني وهو الذي تم إخفاء مقتله أشهرا وليس أياما فقط كالصماد، كما لا زال يحيط بمقتله غموض كبير حتى الآن؟

ولماذا حرص عبدالملك على غير عادة الجماعة على ذكر تفاصيل مقتل الصماد بالتاريخ والمكان وعدد الغارات وعدد المرافقين، وفي نفس الوقت لماذا حرص محمد علي الحوثي على نشر بيان نعي باسم اللجنة الثورية التي يرأسها ونازعت الصماد صلاحياته وقزمت حجمه، رغم نشر عبدالملك الحوثي نعيا باسم الجماعة التي تعد اللجان الثورية من مكوناتها؟

الناشطون التابعون لجماعة الحوثيين اكتفوا بنشر بعض مقاطع الفيديو عنه، وأضاف بعضهم جزءا من سيرته في خدمة الجماعة، لكن لم يعبر أي منهم بشكل واضح عن حزنه برحيله، بل تجاوزوا تلك المشاعر الطبيعية إلى التهنئة بالشهادة !!

انتشرت نقاط التفتيش بشوارع صنعاء بكثافة، سألت سائق الدراجة النارية عن السبب لأرى ردة فعله، لكنه لم يزد على أن قال "معاهم موت" ولم يذكر حتى اسم الصماد على لسانه ولم يعقب توضيحه المقتضب بأي شكل، فالأمر لا يعنيه من قريب ولا من بعيد كما بدا.

الجماعة احتفت بتعيين المشاط رئيسا أكثر من إبداء حزنها على الصماد، قبائل صعدة تعرف أن تعيين أبنائها في مناصب دون صلاحيات ليس أكثر من قربان لتقديم المزيد من أرواح أبنائها في معركة السيد، الذي لا يمكن تجاوز إرادته طالما وأنت من خارج دائرة العترة المدعاة.

رحل الصماد كرئيس من واجهة مشهد المسؤولية أمام المواطن، لكنه يوما لم يكن في واجهة مشهد الصلاحية والقرار، ولذلك تعامل معه الجميع كرئيس افتراضي قسري كأي حساب وهمي على الفيسبوك.