حسين الوادعي

حسين الوادعي

تابعنى على

الدولة المستحيلة والهروب الكبير

Thursday 10 September 2020 الساعة 09:22 am

كان الدكتور أبو بكر السقاف يقول: إن دولة الإمامة هي الدولة المستحيلة، لأنها مهما حاولت ادعاء تمثيلها لكل السكان ستظل دولة مذهبية وسلالية محصورة لا تمثل حتى جزء بسيط من التعدد الاجتماعي في اليمن.

ما زالت كلماته صحيحة.. فإن أي دولة تنسج على منوال الإمامة وعنصرية السلالة هي دولة مستحيلة لأنها لا يمكن أن تتجاوز الطائفة إلى الوطن، والسلالة إلى المواطنة.

إنها دولة تزداد ضيقا وانحسارا يوما بعد يوم حتى تتحول إلى دولة منطقة صغيرة داخل مركز الحكم، ودولة عائلة صغيرة داخل السلالة، ودولة جهاز أمني معزول وسط محيط غاضب.

لهذا تتجاوز "الدولة المستحيلة" مؤسسات الدولة حتى وهي تحت سيطرتها، وتلجأ لبناء أجهزة سرية موازية تتلاءم مع طابعها المذهبي الضيق، وعنصريتها المعزولة العاجزة عن التعايش مع الأغلبية.

* * *

هناك 120 دولة علمانية أو شبه علمانية حول العالم، وحوالي 100 دولة ديمقراطية وشبه ديمقراطية.

عمر العلمانية اكثر من 4 قرون وعمر الديمقراطية اكثر من 25 قرن.

مرت العلمانية والديمقراطية بتحولات وتطورات لكن ظل جوهرها ثابتا.

نحن نعيش في عالم علماني ديمقراطي، وقد صارت الديمقراطية والعلمانية من اساسيات بناء الدول التي لا تحتاج لمناقشة.

التعامل معهما كانهما اختراع جديد ظهر بالامس، أو المجازفة برفض القيمتين بحجة الخصوصية لا يعني التخلف عن مسيرة التطور البشري فقط، انه يعني الخروج الانتحاري من التاريخ.

* * * 

بعيدا عن النظريات والتفلسف الكاذب..

ان اكبر واطول عملية هجرة في العصر الحديث هي الهجرة إلى الغرب.

والغرب هنا هو الغرب الليبرالي الرأسمالي الديمقراطي العلماني.

في عز الحرب الباردة وصعود نجم الايديولوجيا الاشتراكية كان سكان الدول الشيوعية يهربون نحو الغرب.

وفي عز الصحوة الاسلامية كان الاسلاميون والمسلمون عموما يهربون نحو الغرب.

وفي عز حركات التحرر والاستقلال كان سكان العالم الثالث يهربون نحو الغرب.

وبالتحديد والتدقيق نحو الغرب الليبرالي الرأسمالي الديمقراطي العلماني.

هذا "الهروب الكبير" هو اكبر عملية استفتاء في التاريخ لنوعية النظام الذي يحلم الجميع ان يعيشوا في ظله.

ومن متناقضات التاريخ ان القيم الأربع التي خلقت جنة الحرية وحقوق الانسان هي اكثر القيم تلقيا للعنات والانتقادات!

العنوا الليبرالية والرأسمالية والديمقراطية والعلمانية. 

في الاخير.. انها القيم الوحيدة التي تستطيعون تحتها ان تتنفسوا وتنتقدوا.

* جمعه نيوزيمن من منشورات للكاتب على صفحته في الفيس بوك