د. فاروق ثابت

د. فاروق ثابت

الفرق بيننا وبينهم!

Saturday 02 October 2021 الساعة 06:12 pm

عندما اتجهت للانتظار لأجل ركوب القطار المتأخر لأول مرة بعد وصولي ماليزيا، وصدري يكاد ينفجر من الضيق غير متحمل وقتا أكثر للانتظار، كان الجميع صامتاً وآخذاً الأمر بشكل طبيعي ومعظمهم كان فاتح كتاباً، أو رواية يتابعها بإصغاء.. 

عندها أدركت الفرق بيننا وبينهم. 

فعندما نصل لأن تكون القراءة فينا شيئا تلقائيا وملحا عند الكثير، فنحن لن نهزم، والقارئ تصعب هزيمته. 

قد نكون نحن العرب بل واليمنيين بالذات ونحن الأقل نسبة من بين الشعوب العربية استخداماً للانترنت مقارنة بعدد السكان، إلا أن معظم المستخدمين هم من مرتادي فيسبوك لأكثر الوقت، وكثير من مرتادي فيسبوك اتجاهاتهم سياسية كل منهم يدافع عن جماعته. 

في عالم ثورة المعلومة والانترنت أصبح بإمكان أي متصفح الحصول على المعلومة المطلوبة بنقرة زر، ولم يعد أي مستخدم أمُّياً، غير أن الكثير منا ما يزال أميا رغم أن العالم والمعرفة وبحر المعلومة في متناول يده. 

الطلاب والمثقفون بل وحتى طلاب المدارس في المرحلة الأساسية باتوا يبحثون عن بيانات أو معلومات الاقتصاد أو التجارة والاستثمار والعولمة، والبعض يبحث عن قوانين الرياضيات، والجاذبية، وجغرافية الأرض، والبعض يبحث عن آخر تقنيات التكنولوجيا، وأخبار المخترعات وأهم التطبيقات الحديثة في عالم الحاسوب والخدمات التكنولوجية، وكثير كثير من المعلومات المهمة للإنسان.

ونحن ما يزال الكثير منا "حَانِب" بالبحث عن معلومات "علي ومعاوية" و"المشجرات، والأحاديث هل هي ضعيفة أو قوية، وأحكام الوضوء"، مع الإشارة إلى استخدام الكثير من محركات البحث لدى العرب بما فيهم اليمنيون في كلمات إباحية.

والأغرب أن بعض المثقفين إذا بدأوا يقرأون روايات ويستطيعون الكتابة والحديث عن تجارب المجتمعات المتطورة ويحفظون قليلا من مقولات الفلاسفة، تجدهم مغرورين للأسف، ويُنَظِّرون وينظرون لمن حولهم أقزاما ويعتقدون أنهم نقاد ليس لهم مثيل، ثم يدخل الكثير منهم في جدل عميق مع الآخرين معظم الأحيان في أشياء لا قيمة ولا أهمية لها. 

نحن العرب بشكل عام واليمنيين بشكل خاص بحاجة إلى إعادة صياغة الواقع بما في ذلك البيئة االتعليمية بما يقدس من القراءة والعلم، على أن ذلك مرتكز ارتقاء العقل وبما يخدم الإنسان ويفيده ويعلي من شأنه ويغير من حياته للأفضل على أساس العلوم، وبما يصنع عزلة بين القارئ والتخندقات الطائفية أو العنصرية على أن هاتين الأخيرتين هما أهم عوامل تخلف وبؤس المجتمعات.