يوم عاصفة على عدن.. تغير رحلات جوية وتوقف للخدمات وأضرار مادية كبيرة
الجنوب - منذ 3 ساعات و 10 دقائق
شهدت العاصمة عدن فجر الثلاثاء هطول أمطار غزيرة تسببت في أضرار واسعة للبنية التحتية، لتعيد إلى الواجهة هشاشة المدينة أمام الكوارث الطبيعية. الأمطار لم تقتصر آثارها على تجمع المياه في الشوارع، بل كشفت عن نقاط ضعف مزمنة في شبكات الصرف والكهرباء والمياه، ما يجعل المدينة عرضة لتكرار سيناريو مشابه في أي منخفض جوي قادم. حجم الأضرار المادية والخسائر في الممتلكات يؤكد الحاجة الملحة لتخطيط حضري وإجراءات وقائية أكثر شمولاً، بعيداً عن المعالجات الطارئة التي غالباً ما تأتي بعد وقوع الكوارث.
وتسببت الأمطار الغزيرة في شلل شبه كامل للحياة اليومية، خصوصاً في مديريات صيرة والمعلا والتواهي، حيث غمرت المياه الشوارع بسرعة كبيرة، مصحوبة بأحجار ومخلفات ترابية ناتجة عن تدفق المياه من الجبال المحيطة. غرقت سيارات المواطنين في مياه السيول، وتحركت خزانات المياه من أماكنها، بينما تعرضت الممتلكات الخاصة لأضرار متفاوتة، ما خلف حالة من الفوضى والارتباك بين السكان. مشاهد المواطنين وهم يحاولون نقل ممتلكاتهم وإنقاذ مركباتهم أبرزت حجم المعاناة التي خلفتها الأمطار في الساعات الأولى من وقوع المنخفض الجوي.
توقفت الكهرباء عن العمل نتيجة تضرر خطوط رئيسية بفعل الأمطار والسيول، ما أدى إلى خروج المدينة عن العمل بشكل شبه كامل. كما ضعفت خطوط الهاتف، ما تسبب بانقطاع الاتصال عن بعض المناطق. أما إمدادات المياه، فقد أعلنت المؤسسة المحلية للمياه والصرف الصحي عن توقف مؤقت لإنتاج المياه في حقول بئر ناصر وبئر أحمد، نتيجة الأمطار الغزيرة التي ضربت الحقول.
وأوضح مدير عام حقول المياه، المهندس كامل الحمامي، أن قرار التوقف جاء كإجراء احترازي بعد إيقاف منظومة الطاقة الكهربائية في الحقول، لتجنب أي أضرار محتملة. وأكد الحمامي أنه مع توقف الأمطار بدأت المؤسسة بإعادة التشغيل الجزئي للحقول، مشدداً على حرص المؤسسة على الوفاء بالتزاماتها في توفير خدمة المياه للمواطنين في العاصمة عدن.
كما تسببت سوء الأحوال الجوية في تأخير رحلتين للخطوط الجوية اليمنية قادمتين من القاهرة إلى مطار عدن الدولي. حيث دفعت الأمطار الغزيرة الطائرتين للهبوط اضطراريًا في جيبوتي كإجراء احترازي للحفاظ على سلامة الجميع. هذا التأخير في الرحلتين تسبب في ازدحام داخل صالات مطار عدن بالمسافرين، الأمر الذي استدعى تدخلًا فوريًا من إدارة المطار لتذليل كافة الصعوبات أمام الأعداد الكبيرة من المسافرين.
وأشار مدير عام مطار عدن الدولي، هيثم جابر، إلى أنه تم تشكيل فرق طوارئ لدعم المسافرين وإعادة برمجة رحلاتهم، مؤكداً استعداد المطار التام لأي طارئ، مع حفاظه على سلامة الموظفين والمسافرين. وأشاد جابر بالجهود الكبيرة للعاملين المدنيين والعسكريين، ووصف عملهم بـ "خلية النحل"، مؤكداً أن التنسيق والعمل الدؤوب يعكس حرص الجميع على تقديم أفضل الخدمات في جميع الظروف.
من جانبها أعلنت السلطة المحلية بقيادة محافظ عدن أحمد لملس حالة طوارئ لمواجهة آثار المنخفض الجوي، وشملت الجهود فتح مناهل تصريف المياه، ورفع المخلفات، وإعادة فتح الطرقات المغلقة. ورافق المحافظ فرق الطوارئ في زيارات ميدانية للمديريات المتضررة، للإشراف المباشر على أعمال الإنقاذ والحد من آثار الأمطار، مؤكدًا أن السلطات لن تدخر جهداً لضمان عودة الحياة الطبيعية في المدينة.
بحسب إحصائيات رسمية بلغت كمية الأمطار التي شهدتها عدن ما يقارب 98 ملم خلال ساعات قصيرة. وهذه الكمية تسببت في شلل شبه كامل للحركة في كثير من الشوارع والمناطق السكنية، الأمر الذي يخلق تساؤلًا حول ما إذا كانت الكمية المسجلة أكبر وكيف سيكون مصير العاصمة. هذا المشهد كشف عن هشاشة البنية التحتية وافتقارها للإجراءات الوقائية الكافية لمواجهة مثل هذه الأحداث الطبيعية.
وأكد الناشط وديع أمان، من أبناء مديرية صيرة، على أهمية مشاريع تصريف السيول وضرورة صيانتها. وأشار إلى أن مديرية صيرة نجت من الغرق بفضل مشاريع تم إنشاؤها وإعادة تأهيلها في الأعوام الماضية، بعضها يعود للعهد الاستعماري البريطاني وأعيد تأهيله قبل ثلاث سنوات ونصف بدعم من مجموعة شركات هائل سعيد أنعم التجارية، بينما تم إنشاء مشروع آخر قبل ثلاث سنوات بتمويل خارجي من منظمة دولية.
كما نفذت هيئة المساحة الجيولوجية والثروات المعدنية دراسة علمية حول مخاطر السيول في عدن، تضمنت تحليلاً للخصائص الهيدرولوجية وأحجام السيول وتدفقها، مع تقديم توصيات لتقليل المخاطر. ورغم هذه الدراسات والمشاريع، إلا أن غياب المعالجات الجذرية يجعل المدينة عرضة لتكرار مشهد الكارثة مع كل هطول مطري غزير، وهو ما يدعو السلطات المحلية والمواطنين للتحرك نحو خطط وقائية استباقية.