مركز دراسات يرسم ثلاثة سيناريوهات لمستقبل العملة المحلية
إقتصاد - منذ ساعتان و 9 دقائق
رسم مركز المستقبل اليمني للدراسات الاستراتيجية ثلاثة سيناريوهات محتملة لمسار السياسة النقدية في اليمن خلال الفترة المقبلة، وذلك في ظل الضغوط الاقتصادية الراهنة. مؤكدًا أن الاقتصاد اليمني يمرّ بمرحلة ضغوط مركبة أبرزها تراجع الإيرادات العامة، وانقسام المنظومة النقدية، وتقلبات سوق الصرف، إلى جانب اتساع العجز المالي.
وأوضح المركز في تحليله أن السيناريو الأول "المحافظ" – وهو الأكثر ترجيحًا – يقوم على استمرار الرقابة على سوق الصرافة وتنظيم مزادات بيع العملة، بما يبقي سعر الصرف في نطاق متذبذب لكنه أضيق مقارنة بالأشهر الماضية. أما السيناريو الثاني "المحسَّن"، فيفترض توسع أدوات الدين المحلي وتحسن التدفقات الخارجية وتسريع الرقمنة المالية، وهو ما قد يعمّق الاستقرار ويزيد من ثقة المودعين بالريال. بينما يحذّر السيناريو الثالث "الضاغط" من مخاطر اتساع العجز المالي أو التعرض لصدمات جيوسياسية قد تعيد المضاربات وتضعف الاستقرار النقدي.
وأكد المركز أن هذه التقديرات تأتي في سياق حزمة الإجراءات التي نفذها البنك المركزي في عدن خلال 2024–2025، والتي شملت تشديد الرقابة على شركات ومنشآت الصرافة وإغلاق عدد منها، إلى جانب امتصاص السيولة بالريال عبر أدوات الدين واستمرار مزادات بيع النقد الأجنبي الأسبوعية لتغطية الاحتياجات الأساسية. وأشار إلى أن هذه الخطوات انعكست إيجاباً على استقرار سعر الصرف في أغسطس 2025 عند نطاق 1620–1633 ريال للدولار، بعد شهور من التقلبات الحادة.
وأضاف المركز أن حملة الرقابة الصارمة وامتصاص السيولة عززا الثقة النسبية بالعملة، لكن التحديات الأساسية ما زالت قائمة، وفي مقدمتها العجز المالي الكبير للحكومة وتشظي النظام المصرفي بين مناطق النفوذ، إضافة إلى حساسية الاقتصاد للصدمات الخارجية في التجارة وأسعار الطاقة وأمن الملاحة.
وفي توصياته، شدد المركز على ضرورة استمرارية الرقابة الصارمة على الصرافة وتعميق سوق أدوات الدين المحلي بآجال متنوعة، إلى جانب ترشيد مزادات العملة وربطها أولاً بفاتورة السلع الأساسية. كما دعا إلى تفعيل سوق ما بين البنوك بالريال لزيادة فعالية السياسة النقدية، وتبني سياسة فائدة مرنة تراعي التوازن بين جاذبية الادخار وكلفة الدين العام.
وأشار المركز أيضاً إلى أن نجاح السياسات النقدية مرهون بإصلاحات مالية وهيكلية موازية، تشمل ضبط العجز عبر ترشيد النفقات وتوسيع الإيرادات غير النفطية، وتحسين التحصيل في المنافذ، إلى جانب تسريع رقمنة المدفوعات الحكومية والخاصة لحماية الاستقرار المالي وتعزيز الشفافية.
واختتم المركز بالتأكيد أن استقرار سعر الصرف خلال أغسطس 2025 يمثل فرصة ثمينة يجب الحفاظ عليها، لكنه رهنٌ باستمرارية الانضباط المالي وتوسيع قنوات التمويل الرسمية داخلياً وخارجياً، مع حماية تحويلات المغتربين وبناء احتياطيات وقائية تحسباً لأي صدمات مقبلة.