الصرافين يعلنون الإضراب في عدن وسط مطالبات بإجراءات صارمة ضد المتلاعبين

السياسية - منذ 7 ساعات و 34 دقيقة
عدن، نيوزيمن، خاص:

أعلنت جمعية صرافي عدن، الثلاثاء، دخولها في إضراب شامل عن العمل، في خطوة وصفتها بأنها "احتجاجية وتصعيدية" ضد ما اعتبرته اختلالات وتجاوزات غير مسبوقة في سوق الصرف، بالتزامن مع احتجاجات شعبية غاضبة اندلعت أمام محلات الصرافة رفضًا لتذبذب أسعار صرف العملات الأجنبية مقابل الريال اليمني.

المشهد الذي بدا في يومه الأول كأزمة مصرفية محدودة، سرعان ما تحول إلى قضية رأي عام، بعدما تضرر المئات من المواطنين وخسروا مبالغ ضخمة نتيجة المضاربات المفاجئة، وهو ما أثار تساؤلات حول طبيعة ما يحدث، ودور البنك المركزي والجهات الرسمية في ضبط السوق ومنع استغلاله من قبل المضاربين.

في بيانها الرسمي، أكدت جمعية صرافي عدن التزامها الكامل بقرارات البنك المركزي اليمني وحرصها على دعم خطوات الإصلاح الاقتصادي واستقرار العملة الوطنية، لكنها في المقابل حمّلت بعض الجهات مسؤولية الحملات الإعلامية "المضللة" التي تستهدف القطاع المصرفي دون الاستناد إلى معلومات دقيقة أو مصادر موثوقة.

وأوضحت الجمعية أن الإضراب لم يكن خيارًا سهلاً، بل جاء بعد تراكمات من التجاوزات والفوضى التي تهدد سمعة القطاع واستقراره، مشيرة إلى أنها لن تقف مكتوفة الأيدي أمام ممارسات تمس مصالح العاملين في المجال المصرفي وتفتح الباب واسعًا أمام الشائعات. ودعت الجمعية إلى تحقيق شفاف يكشف ملابسات التعاملات الأخيرة التي أثارت جدلاً واسعًا وألحقت أضرارًا مباشرة بالمواطنين.

الأزمة لم تبق محصورة بين الصرافين والبنك المركزي، إذ خرج مئات المواطنين في احتجاجات غاضبة أمام مراكز الصرافة بعد أن فقدوا مدخراتهم نتيجة التذبذب غير المسبوق في أسعار الصرف.

ففي غضون ساعات، تراجع سعر صرف الريال السعودي من 424 ريالاً إلى 250 ريالاً، قبل أن يعود إلى مستوياته السابقة مجددًا، بينما تراجع سعر صرف الدولار من 1250 ريالاً إلى ما دون 1000 ريال، ما دفع الكثير من المواطنين إلى بيع ودائعهم ومدخراتهم من العملات الأجنبية. النتيجة كانت كارثية؛ خسائر مباشرة قُدرت بملايين الريالات، وحالة غضب شعبي ضد شركات الصرافة دفعت قوات عسكرية للتدخل وفض تجمعات أمام بوابة تلك الشركات في عدن ولحج وأبين وحضرموت.

أحد العملاء، وهو متضرر من الأزمة، قال: "مع تراجع صرف الريال السعودي إلى أقل من 300 ريال، قمت بصرافة مليون ريال سعودي من مدخراتي، لكن بمجرد بدء التداول في اليوم التالي، ارتفع السعر مجددًا إلى 424 ريالاً، وخسرت مبالغ ضخمة بين ليلة وضحاها".

من جانبه، نفى البنك المركزي اليمني إصداره أي تعليمات بخفض أسعار الصرف، واعتبر ما جرى "ممارسات غير قانونية" قامت بها شركات صرافة بهدف الاستحواذ على مبالغ كبيرة من العملات الأجنبية.

مجلس إدارة البنك المركزي أصدر جملة قرارات أبرزها: الإبقاء على السعر الرسمي للريال اليمني عند 425 للشراء و428 للبيع مقابل الريال السعودي، واعتبار جميع المبالغ التي اشترتها البنوك وشركات الصرافة خلال اليومين الماضيين ملكاً للبنك المركزي وللجنة الوطنية لتنظيم وتمويل الواردات. كما توعد باتخاذ إجراءات صارمة ضد المنشآت المالية المنخرطة في المضاربات.

المنظمة الوطنية الجنوبية لمكافحة الفساد دخلت على خط الأزمة ببيان عاجل وصفت فيه ما جرى بأنه "جريمة اقتصادية مكتملة الأركان"، محذرة من أن استمرار هذه الممارسات سيُضعف ثقة المجتمع بالمؤسسات الرسمية ويعمّق الأزمة المعيشية. وطالبت المنظمة بكشف المتورطين في المضاربات، وفرض عقوبات قانونية ومالية صارمة بحقهم، وتعزيز آليات الرقابة والشفافية في سوق الصرف لحماية المواطنين من "عمليات نهب منظم تُمارس تحت غطاء التداولات المالية".

المحلل الاقتصادي ماجد الداعري حذر بدوره من أن "فوضى الصرف" تهدد بانهيار الجهود المبذولة لتثبيت قيمة الريال. وأكد أن ما يحدث هو نتيجة "مضاربات عكسية" لا علاقة لها بالإصلاحات الحكومية أو تدخلات البنك المركزي، بل تعكس فقدان الطرفين السيطرة على السوق. ودعا إلى انعقاد دائم للجنة الوطنية لتنظيم وتمويل الواردات، وإصدار بيانات توضيحية دورية لطمأنة السوق ومنع الانزلاق نحو مزيد من الفوضى، محذرًا من أن استمرار العبث سيؤدي إلى خسائر أكبر للمغتربين والمواطنين مقابل مكاسب غير مشروعة للمضاربين.

الأزمة الحالية تكشف عن صراع مفتوح بين مساعي الحكومة والبنك المركزي لضبط السوق وتثبيت العملة، وبين المضاربين والجهات المستفيدة من حالة الفوضى. وفي ظل استمرار الإضراب الذي أعلنته جمعية الصرافين، واحتقان الشارع الغاضب، فإن مستقبل استقرار العملة والاقتصاد بات مرهونًا بمدى جدية الإجراءات الرسمية وقدرتها على استعادة الثقة المفقودة.