صنعاء.. تحذيرات من نهب مقتنيات المتحف الوطني بعد الغارات الإسرائيلية

السياسية - Friday 12 September 2025 الساعة 09:50 pm
صنعاء، نيوزيمن:

تسببت الغارات الإسرائيلية الأخيرة التي استهدفت قلب صنعاء بانعكاسات كارثية لم تقتصر على الأرواح والمباني السكنية والخدمية، بل امتدت لتطال واحداً من أبرز الصروح الثقافية في اليمن، مهددةً ذاكرة البلاد وحضارتها الممتدة لآلاف السنين.

وأطلق الباحث المتخصص في شؤون الآثار اليمنية، عبدالله محسن، تحذيرات عاجلة من خطر فقدان مقتنيات المتحف الوطني بصنعاء، بعد تعرض مبناه لتصدعات كبيرة وتكسر نوافذه وأبوابه جراء الغارات التي ضربت منطقة التحرير.

وقال محسن في منشور على صفحته بموقع "فيسبوك": "المتحف الوطني في خطر، وآثار اليمن في مهب الضياع"، مضيفاً: "المعلومات الأولية تشير إلى احتمال فقدان بعض مقتنيات المتحف الوطني في صنعاء بسبب تعرض نوافذ وأبواب وبوابة المتحف للتكسير والتدمير نتيجة قصف طائرات الاحتلال الغاشم الذي استهدف مقر صحيفة 26 سبتمبر المجاور للمتحف"، في تلميح واضح إلى أن الضربة الإسرائيلية قد تُستغل من قبل شبكات التهريب لنهب وتهريب قطع أثرية نادرة وبيعها في الخارج.

ويُعد المتحف الوطني في صنعاء واحداً من أبرز الحواضن التاريخية في اليمن، إذ يضم آلاف القطع الأثرية النادرة التي تعود لحضارات سبئية وحِميرية وإسلامية، ويشكل ركيزة أساسية للهوية الثقافية والوطنية اليمنية. لكن الأضرار التي لحقت به تثير مخاوف جدية من ضياع أو سرقة أجزاء من هذا الإرث، في وقت تعاني فيه مؤسسات الدولة من انهيار وفوضى أمنية نتيجة الحرب المستمرة منذ سنوات.

وطالب باحثون وناشطون مهتمون بالتراث بسرعة التدخل العاجل من المنظمات الدولية، وفي مقدمتها منظمة "اليونسكو"، لإرسال فرق فنية متخصصة لتقييم حجم الأضرار وتأمين مقتنيات المتحف ومنع تهريبها أو فقدانها في ظل الفوضى القائمة.

ويأتي واقع المتحف المتدهور عقب نحو أسبوعين فقط من إعلان ميليشيا الحوثي عبر الهيئة العامة للآثار والمتاحف الخاضعة لسيطرتها في صنعاء، إغلاق المتحف الوطني ومتحف الموروث الشعبي بدعوى العجز عن تغطية النفقات التشغيلية. وقد أثار هذا القرار قلقاً واسعاً في الأوساط الثقافية والأكاديمية، إذ اعتبر خبراء أن هذا الإجراء، إلى جانب الأضرار التي خلفتها الغارات الإسرائيلية، قد يشكل غطاءً لعملية نهب جديدة تطال كنوز اليمن التاريخية، خاصة في ظل غياب أي شفافية حول مصير المقتنيات.

ويشير عدد من المهتمين بشؤون الآثار إلى مخاوف حقيقية من استغلال أضرار الغارة الإسرائيلية الأخيرة، إلى جانب قرار الإغلاق، لتسهيل تسريب بعض المقتنيات النادرة من المتحف إلى الخارج وبيعها في مزادات عالمية قادمة، موضحين وجود ضعف في الرقابة يرافقه تجاهل متعمد من قبل الأجهزة الأمنية التابعة للميليشيات لحماية المبنى وتأمين مقتنياته وصيانته.

وتعزز هذه المخاوف تقارير سابقة، محلية ودولية، وثّقت عمليات تجريف واسعة للآثار اليمنية نفذتها عصابات تهريب مرتبطة بقيادات حوثية، استهدفت مواقع أثرية بارزة في صنعاء وذمار والجوف ومأرب، حيث تم تهريب قطع نادرة إلى أسواق دولية، وجدت طريقها لاحقاً إلى جامعي التحف والمزادات الكبرى.