ألغام موت بلا خرائط في الحديدة.. وجع يومي تحت ركام الحرب الحوثية

المخا تهامة - منذ 4 ساعات و 34 دقيقة
الحديدة، نيوزيمن:

تعيش عشرات الأسر في محافظة الحديدة كابوسًا لا ينتهي، إذ تحوّلت القرى والمزارع والطرقات إلى حقول موت صامتة، تترصد خطوات المزارعين والرعاة والأطفال على حد سواء. كل خطوة في الطريق قد تخفي لغماً تحتها، وكل منزلٍ قد يخفي عبوة ناسفة تركتها ميليشيا الحوثي الإيرانية قبل انسحابها وفرارها.

في القرى الواقعة شرق وجنوب الحديدة، لم تعد أصوات الانفجارات تثير الفزع فحسب، بل أصبحت جزءاً من حياة الناس اليومية؛ فكل انفجار جديد يعني ضحية جديدة، وأسرة جديدة تلتحق بقائمة المعاناة التي لا تنتهي.

وكشفت الشبكة اليمنية للحقوق والحريات عن سقوط 147 مدنياً بين قتيل وجريح في محافظة الحديدة خلال الفترة من 1 يناير وحتى 30 أغسطس 2025، جراء الألغام والعبوات الناسفة التي زرعتها ميليشيا الحوثي في الأحياء السكنية والمزارع والطرق العامة.

وذكرت الشبكة، في تقريرها المعنون "ألغام بلا خرائط"، أن تلك المتفجرات أودت بحياة 64 مدنياً وأصابت 83 آخرين بجروح متفاوتة، إلى جانب تضرر 68 مركبة مدنية. وأشارت إلى أن الميليشيا زرعت الألغام بشكل عشوائي "في المنشآت العامة والخاصة، والمنازل، والأسواق، والشوارع الرئيسية والفرعية، والمزارع"، دون أي تمييز بين أهداف مدنية أو عسكرية.

وأضاف التقرير أن "ضحايا الألغام لم يكونوا سوى مزارعين وأطفال ونساء يسعون وراء قوت يومهم، فوجدوا أنفسهم في مواجهة موتٍ مباغتٍ زرعته الأيادي الحوثية بلا رحمة".

وطالبت الشبكة اليمنية المجتمع الدولي والأمم المتحدة بالضغط على الميليشيا الحوثية لتسليم خرائط الألغام التي زرعتها في مختلف مناطق البلاد، وإدانة هذه الجريمة التي وصفتها بـ"الانتهاك الأخطر لحقوق الإنسان في اليمن"، مؤكدة أن استمرار هذه الممارسات يشكّل تهديدًا مباشرًا للحياة المدنية ولجهود إعادة الإعمار والاستقرار في المناطق المحررة.

في المقابل، يواصل مشروع "مسام" التابع لمركز الملك سلمان للإغاثة والأعمال الإنسانية جهوده الإنسانية الكبرى لتطهير الأراضي اليمنية من الألغام التي خلّفتها الميليشيا الحوثية. حيث تمكنت الفرق الهندسية التابعة للمشروع خلال الفترة من 1 إلى 10 أكتوبر الجاري، من نزع 2134 لغماً وذخيرة غير منفجرة وعبوة ناسفة، بينها 1975 ذخيرة غير منفجرة، و121 لغماً مضاداً للدبابات، و32 لغماً مضاداً للأفراد، و6 عبوات ناسفة، وفق بيان صادر عن المكتب الإعلامي للمشروع.

كما أعلنت الفرق الميدانية أنها نجحت الأسبوع الماضي في نزع 815 لغماً وذخيرة وتطهير 538 ألف متر مربع من الأراضي، ضمن جهود متواصلة لتأمين المناطق المتضررة وتهيئتها لعودة السكان إليها.

وأوضح مدير المشروع، أسامة القصيبي، أن "مسام" تمكّن منذ انطلاقه في يونيو 2018 وحتى 10 أكتوبر 2025 من نزع 518,633 لغماً وذخيرة غير منفجرة وعبوة ناسفة، منها 355,930 ذخيرة غير منفجرة، و8,283 عبوة ناسفة، و147,503 ألغام مضادة للدبابات، و6,917 لغماً مضاداً للأفراد، مع تطهير أكثر من 71 مليون متر مربع من الأراضي اليمنية.

وأكد القصيبي أن المشروع لا يقتصر على إزالة الألغام فحسب، بل يسعى إلى "إعادة الأمان والحياة إلى القرى والمدن التي لوّثتها الحرب"، وتمكين آلاف الأسر من العودة إلى منازلها.

ورغم الجهود المستمرة، تبقى الألغام الحوثية أحد أكثر التحديات الإنسانية خطورة في اليمن. فكل لغم يُنزع يعني حياة تُنقذ، لكن آلاف الألغام الأخرى ما تزال مزروعة في باطن الأرض، تنتظر ضحيتها التالية. وبينما يحاول اليمنيون إعادة بناء ما دمّرته الحرب، يبقى هذا الإرث القاتل شاهداً على فظائع الميليشيا ومشروعها الدموي المرتبط بإيران، الذي لم يخلّف سوى الخراب والفقدان.