نازحو ولاجئو اليمن.. من جحيم حرب المليشيات إلى آلام التشرد والجوع والمرض (1 - 2)

المخا تهامة - Wednesday 04 July 2018 الساعة 11:39 am
عبدالله أنعم، نيوزيمن، تقرير خاص:

بعد 4 أعوام من الانقلاب الحوثي المرير وحربه على اليمنيين في اليمن، أصبح أكثر من 3 ملايين، بين نازح ولاجئ، خارج ديارهم في ظروف بالغة القسوة.

ومن بين اليمنيين النازحين واللاجئين البالغ عددهم 3 ملايين شخص يعيش حوالي 90% منهم بعيداً عن منازلهم منذ أكثر من 3 أعوام، وقد استُنزفت مواردهم وموارد المجتمعات المحلية التي تستضيفهم، مع إيصال مليشيات الحوثي البلاد إلى حافة المجاعة.

ويعيش أغلب النازحين في مخيمات عشوائية معرضة للتأثر بعوامل الطقس مع تدني مستوى الحماية من الحر والبرد والأمطار والرياح لتشكل بيئة خطيرة صحياً، ويفتقرون فيها لأبسط مقومات الحياة وانعدام للغذاء والدواء.

وفي إحصائية للمفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، فإن 20% من اليمنيين نزحوا من مناطق إقامتهم وأكثر من نصفهم في محافظات حجة، صعدة، تعز، عمران والحديدة، حيث تشهد هذه المحافظات الواقعة تحت سيطرة المليشيات أوضاعاً أمنية سيئة، فيما عاد النازحون إلى المحافظات والمناطق التي تم تحريرها بعد طرد المليشيات منها.

كما أن نحو 169,863 من اليمنيين واللاجئين من رعايا بعض بلدان العالم الثالث فروا إلى دول القرن الأفريقي والخليج منذ العام 2015.

هذه الأرقام الكبيرة تجد تبريرها في ما أنتجته المليشيات بانقلابها وما أشعلت من الحرب من مخاطر وأسباب متعددة للنزوح، فإلى جانب تعدد جبهات وميادين القتال على الأرض بين الحكومة الشرعية ومليشيات الحوثي الانقلابية فقد نحو 3 ملايين يمني وظائفهم ومصادر دخلهم بعضهم عاد إلى منطقته الأصلية بعد أن عجز عن تحمل كلفة الإقامة في المدينة حيث كان عمله.

كثير من الأشخاص، أيضاً، غادروا مناطقهم خوفاً من أعمال انتقامية، كما هو حال بعض سكان تلك المناطق التي تسيطر عليها المليشيات كسلطة أمر واقع دفع الكثيرين للنزوح إلى مدن أخرى من المدن المحررة.

وفيما يقطن معظم النازحين في مناطق ريفية أو لدى أقارب أو مساكن بالإيجار في المدن الرئيسية، لجأ آخرون إلى مخيمات إيواء في محيط صنعاء ومحافظات مأرب وحضرموت وتعز وإب وأبين وعمران وحجة شمالي وجنوب وشرق ووسط البلاد، ويواجهون فيها حياة قاسية في ظل النقص الشديد في الغذاء والدواء ومياه الشرب وانعدام أبسط مقومات الحياة.

لا تتوقف معاناة النازحين الفارين من الحرب عند فقدان المساكن الأصلية والبحث عن مساكن آمنه فقط، بل إن هؤلاء يعانون أيضاً من النقص الشديد في الغذاء والدواء وعدم القدرة على تلبية أبسط الاحتياجات خصوصاً في ظل الرعاية والمساعدات المحدودة التي تقدمها منظمات دوليةللمتضررين، وهو ما دفع بالكثير من النازحين إلى ممارسة التسول أو العمل في مهن هامشية كبيع المياه في الشوارع العامة أو تنظيف السيارات لتسديد أبسط الاحتياجات الأساسية.

نزوح طال أمده

وفي حديث خاص ل"نيوز يمن" يقول الناشط الحقوقي هاشم عبدالمجيد، إنه ومع تزايد القتال في البلاد بين الحكومة الشرعية والانقلابيين يفترض أنه لم تعد مهمة منظمات الأمم المتحدة المعنية باللاجئين والنازحين تقتصر على الاستجابة للنزوح الجديد نتيجة استمرار فرار العائلات بل يتعين عليهم أيضاً الاستجابة للنزوح الذي طال أمده، وكل يوم تستمر فيه الحرب سوف يعني يوماً آخر بعيداً عن المنزل للأشخاص النازحين.

"قررت الفرار من الحرب في تعز، وتقطعت بي كل سبل البقاء، ولم أستطع الاستقرار في القرية فالحياة شاقة"، تقول جميلة غالب، وتسرد قصة معاناتها مع النزوح والتشرد قائلة: "نزحنا إلى مدينة أب كي أتمكن من الاستقرار والالتحاق بأبنائي بالمدارس والجامعات، ولكن لا شيء تحقق حتى الآن، لم أستطع توفير رسوم الدراسة لأبنائي وتوفير متطلباتنا من الغذاء والدواء ونفقات إيجار المنزل".

تتحدث جميلة ل"نيوزيمن" بمرارة عن مأساتها مع النزوح: "الحرب جعلتنا نعيش حياة التشرد، نعاني الحرمان، لم يعد لدينا القدرة على العيش في ظل هذه الظروف وانقطاع مصادر دخلنا الأساسية".

وفي محافظة الحديدة الواقعة على البحر الأحمر بعد أربعة أعوام من سيطرة المليشيات الحوثية المدعومة من إيران عليها وتنكيلها بأهلها، أجبرت آلاف الأسر على الفرار من منازلها بعد أن تسببت أعمالهم القمعية والهمجية بجوعهم وإفقارهم والزج بأبنائهم في جبهات القتال بالقوة

في أبين.. قصص من معاناة النزوح

في مدينة جعار بمحافظة أبين جنوبي اليمن تعيش مئات الأسر في ظروف قاهرة ومؤلمة نزوحوا إليها بعد أن دفعتهم الحرب إلى ترك منازلهم في محافظات البيضاء وشبوة وتعز والحديدة.. فيما مديرية خنفر أبين بلغ عدد النازحين أكثر من ألفي أسرة.

ويعاني النازحون في محافظة أبين من ظروف قاهرة، إذ يواجهون فقدان سبل كسب الرزق والخدمات الاجتماعية الأساسية، كما أنهم أكثر عرضة للإصابة بالأوبئة وانعدام الأمن الغذائي وسوء التغذية.

منظمات تسجل أرقاماً فحسب!

يشكو غالبية النازحين من غياب دور المنظمات الدولية المعنية بالنازحين واللاجئين رغم إصدارها للتقارير المستمرة بإحصائيات وأرقام لأعداد النازحين ومعاناتهم.

نادر محمد، رئيس إحدى المنظمات المحلية بمحافظة إب وفي حديثه ل"نيوز يمن"، اعتبر أن لا وجود للمنظمات المعنية باللاجئين والنازحين أو للوحدة التنفيذية لإدارة مخيمات اللاجئين، وإن كان لها دور فهو رقابي وراصد للخروقات، لكنها لم تفعل شيئاً حيال ما يحتاجه النازحون.

وأضاف، أن 17 مخيماً للنازحين في إب يعاني النازحون فيها ويلات الجوع والفقر والحاجة.

وأشار نادر إلى أن إجمالي عدد النازحين الذين يقيمون في مخيمات لا يكاد يساوي 1% من إجمالي عدد النازحين الذين يجدون مساكن أو يلجأون إلى أقاربهم، مؤكداً أن المنظمات الإنسانية تكاد تكون غائبة إلا من مساعدات قليلة كالسلال الإيوائية لم تفِ بشيء من احتياجاتهم.

وأوضح نادر، أن هناك مخيماً للنازحين المحتاجين لرعاية طبية عاجلة ومتواصلة، غالبيتهم مصابون بالفشل الكلوي، أقيم قرب مستشفى الثورة العام في مدينة إب، وكل ما يحصلون عليه قدمته وتقدمه مؤسسات وجمعيات خيرية محلية وبشكل لايمثل شئياً أمام الاحتياجات التي ترهق كاهل النازحين، والمرضى منهم على وجه الخصوص.