صناعة القوارب بالمخا.. مهنة عمرها عشرات السنين

المخا تهامة - Wednesday 24 April 2019 الساعة 11:56 am
المخا، نيوزيمن، خاص:

في محاذاة الطريق الاسفلتية جنوب مدينة المخا ينهمك عدد من العمال في صناعة قوارب "الفيبر جلاس" بطريقة يدوية، إنها خطوة متميزة مكنت الصيادين من حصولهم على قوارب محلية الصنع بأسعار مناسبة.

وخلال السنوات الماضية اعتبر هذا المصنع سليل مصنع قديم كانت تبنى فيه القوارب الخشبية على ساحل مدينة الحديدة، وعندما دخلت صناعة القوارب مرحلة جديدة وتراجع الطلب على الأنواع الأقدم، كان لا بد من مواكبة ذلك والانتقال إلى صناعة أكثر متانة.

ولظروف معينة تنقل ذلك المصنع من ساحل الحديدة إلى ساحل الخوخة التي مكث فيها سنوات طويلة قبل أن يقرر ملاكه بالانتقال إلى المخا ليستقر فيها ويواصل مشواره المهني في صناعة تمتد لعقود سابقة.

طريقة مبتكرة

ولصناعه القوارب بالمخا حكايتها، إذ يعتمد الصناع على هيكل قارب قديم لتصميم القوارب الجديدة، حيث يغطى بقطعة من قماش الفيبر جلاس المزودة بمادة صمغية شديدة التماسك، ثم يضاف إليها مادة كيميائية أخرى تعجل من تصلب المادة وتيبسها.

بعد نحو ساعة تنزع الطبعة الجديدة للقارب الذي يظهر كما لو كان شكلاً جسماً هلامياً لقارب نحيل ثم يترك في الشمس فترة من الوقت لتجعله أكثر قوة ومتانة.. بعد ذلك يدعم بقطع الفلين التي تثبت بصمغ خاص على جانبي المركب وعلى قاعدته الرئيسية.

كما تدعم حوافه بالمادة نفسها أيضاً، فيما تثبت في منتصفه قطع خشبية تتيح للصياد الجلوس عليها أثناء الإبحار.

في المرحلة الأخيرة من إنجاز القارب والتي يستغرق العمل فيها ساعتين من تسعة عمال مهرة تنقل إلى عمال الاصباغ والطلاء وهم حرفيون يبدون كفنانين تشكيليين يكتبون العبارات الجميلة وأسماء القوارب ويتولون دهنها بالألوان لتبدو زاهية المنظر وجميلة.

والأصباغ المستخدمة في صناعة القوارب هي أدهنة خاصة باهظة الثمن، حيث يصل سعر عبوة خمسة لترات إلى نحو سبعين ألف ريال، ويتم جلبها مثل المواد الأخرى التي تدخل في صناعة هذه المهنة من الخارج.

تتوزع أنواعها على أحجام عدة وكل حجم له سعره الخاص، فالقارب بطول أربعة أمتار تبلغ قيمته نحو 300 ألف ريال يمني، أما النوع ذي الطول الذي يصل إلى سبعة أمتار فتبلغ قيمته نحو 650 ألف ريال، وهو قارب أكثر اتساعاً من الأحجام الأخرى التي يتم صناعتها هنا بأربعة وخمسة أمتار.

ينتج المصنع قاربين في اليوم لأن كافة مراحله تتم بالطريقة اليدوية، وهو عدد زهيد إذا ما قورن بستة قوارب قبل سيطرة المليشيات على البلاد نهاية 2014.

وتوزع المبيعات في مدن ساحلية عدة، تبدأ بالمخا والحديدة مروراً بعدن وصولاً إلى المكلا، فأسعارها المناسبة مقارنة بالقوارب المستوردة باهظة الثمن تلقى رواجاً بين الصيادين فيشترونها عوضاً عن المستوردة التي يصل سعر الواحد منها نحو أربعة آلاف دولار.

إن الأشياء التي تدخل السرور إلينا، مشاهدة عمال ذلك المصنع المتواضع وهم يعملون بانهماك شديد، في مشهد يعبر عن رغبتهم في عودة الحياة إلى صناعة القوارب إلى ما كانت عليها من قبل.