منتسبو الأمن المركزي في صنعاء وصراع البقاء على قيد الحياة
تقارير - Thursday 12 March 2020 الساعة 10:03 pmكانت قوات الأمن المركزي هي العمود الفقري الذي تعتمد عليه وزارة الداخلية، هذه القوة الضاربة والتي تتألف من وحدات متخصصه في مجالات مختلفة، منها وحدة مكافحة الإرهاب، وحدة الشغب، وحدة حماية الشخصيات الهامة، وحدة أمن الملاعب، وحدة شرطة السياحة، هذه الوحدات مدربة على مستوى عالٍ وبإمكانيات كبيرة، وكانت تقوم بوظيفتها بشكل متقن، وخاصة وحدة مكافحة الإرهاب.
تعيش اليوم تلك القوة والوحدات في ظل واقع تعيد جماعة الحوثي صياغته بشكل جذري بما يتلاءم مع أهدافها وبرامجها ومشروعها الإيراني، حيث قامت هذه الجماعة التي تحمل فكرا دينيا متطرفا، وبعد سيطرتها على صنعاء، بتجميد كل القوات القتالية والعمل على تشتيتها وتسريح منتسبيها..
الحوثي يهدد الضباط في مأدبة عشاء
في إحدى ليالي رمضان عام 2015م، وفي مأدبة عشاء أقامها قائد الأمن المركزي الموالي للحوثي عبدالرزاق المروني، حضر فيها محمد علي الحوثي، ابن عم قائد الجماعة، رفض الضباط أن "يصرخوا" وهتفوا بالشعار الذي اعتنقوه كشهادة على وطنيتهم: بالروح بالدم نفديك يا يمن.
غضب الحوثي واستفزه موقف الضباط ووطنيتهم، فأطلق تهديده في وجوههم قائلاً: "إذا لم يعجبكم العمل فهناك من سيأتي بدلاً عنكم". أمام هذا التهديد الذي استفز الضباط هتفوا بصوت واحد في وجهه بشعار: بالروح بالدم نفديك يا يمن.
توالت التهديدات الحوثية لكل منتسبي الأمن المركزي، ونفذ الحوثي العديد من الاغتيالات لبعض الضباط والأفراد، وحاول كسر إرادتهم بكل الوسائل.
انتفاضة 2 ديسمبر ودور الأمن المركزي
في انتفاضة 2 ديسمبر الجمهورية ضد الكهنوت الحوثي برز دور قوات الأمن المركزي بشكل واضح وجلي، وظهر ولاء هذه القوة لمبادئ الجمهورية وقيمها العادلة، فخاض بعض منتسبيها من الأفراد والضباط قتالاً ضد الكهنوتيين واستشهد الكثير، مما زاد من حقد جماعة الحوثي وكراهيتها لكل شيء متعلق بهذه القوة من كتائب وضباط وأفراد.
يوم الانتفاضة خاض بعض الأفراد والضباط معركة شرسة لطرد الميليشيا من المعسكر الواقع في السبعين، وقتل العديد من جماعة الحوثي، وأيضا معركة في شارع حدة، حيث كانت نقطة أمنية لجنود الأمن المركزي تم استحداثها، وما إن أُعلنت الانتفاضة حتى شحذ الأفراد أسلحتهم وقاتلوا ببسالة حتى استشهد في تلك النقطة أربعة جنود وضابط دفاعاً عن الجمهورية.
إعادة هيكلة وتوزيع للكتائب
كانت العاصمة صنعاء ومداخلها في حماية الأمن المركزي، وكانت النقاط عند المداخل تخضع لحماية الكتائب، لأنها القوات الأمنية الوحيدة في وزارة الداخلية القادرة على حفظ الأمن، كونها تمتلك الإمكانيات والقدرات، هذه القدرات وكذلك وطنية الأفراد والضباط دفع بالحوثي إلى سحب كل الأفراد والضباط واستبدالهم بالمليشيا، وذلك خوفاً من أي انقلاب قد يحدث على الجماعة وقياداتها في صنعاء
نفذت جماعة الحوثي سياسة الإحلال والتغيير في كل القيادات، واستبدلت كل ضباط الأمن المركزي بأفراد من مليشياتها ومنحهم الرتب العسكرية بدون مسوغ قانوني، وتم إقصاء الضباط من أعمالهم وتسريح بعضهم وسلب حقوقهم وآخرها الأراضي التي منحتها لهم الدولة في عهد الرئيس الصالح، في منطقة سعوان.
الدورات الحوثية الثقافية والعسكرية "إجبارياً"
كما هي لكل موظفي الدولة، أجبرت الميليشا الحوثية منتسبي الأمن المركزي أخذ دورات ثقافية وعسكرية في محاولتها لتدجين فكرها الكهنوتي في عقولهم، معتقدة أنها ستتمكن من إخضاعهم والانخراط معها، مهددة بالفصل ضد كل من يرفض الدخول في دورة ثقافية لمدة شهر على الأقل
من خلال تلك الدورات الثقافية حاولت جماعة الحوثي أن تشيطن كل ما له علاقة بالقوة النظامية، وبكل المبادئ الوطنية التي يعتنقها الأفراد والضباط، وتحاول سكب السواد والظلام على الفترة الماضية التي عاشها الأمن المركزي في ظل الدولة والقانون، مما جعل أغلب الأفراد يتلزمون منازلهم وعدم العودة للعمل تحت سلطة الحوثي، بعد أن اكتشفوا حقيقة هذه الجماعة وحقدها ومكرها بالوطن.
تعمد الإهانة والإذلال
تتعمد ميليشا الحوثي إهانة وإذلال منتسبي الأمن المركزي، حيث قامت بمنح مراهقيها إدارة الكتائب والوحدات، وإخضاع كل الضباط لتوجيهات أشخاص يحملون رتبا أكبر من أعمارهم، وتتعمد أيضاً في الإذلال عند صرف نصف المرتب كل خمسة أشهر، حيث يتم تشكيل لجان، هذه اللجان تعبث وتثخن في الإهانة وتتهرب من الصرف.. والانتظار طويلاً في طوابير من أجل استلام نصف المرتب أمام منازل المشرفين الحوثيين، وأحياناً في أماكن بعيدة وتحت الأشجار، أما الذين تم توقيف مرتباتهم فلا يعرفون من أوقفها وإلى من يقدمون تظلماتهم ومعاملاتهم، لأن الميليشيا لا تتعامل بالأسماء الحقيقية، وتستخدم الكُنى للتخفي خلفها.
الآن ومنذ أكثر من عام لا مرتبات ولا حقوق، على الرغم أن الجماعة الحوثية تصرف لأفرادها مرتبات شهرية وإعانات غذائية، وتستثني منتسبي الأمن المركزي، رغم تواجد بعضهم في المواقع التي تم توزيعهم فيها، وتكتفي الجماعة بصرف الأكل والشرب اليومي لهم.
أغلب الجنود والضباط وهم يحاولون المقاومة الصامتة أمام هذه الجماعة الكهنوتية تركوا العمل معها وذهبوا إلى منازلهم يكابدون الوجع وقسوة الحياة، منتظرين بارقة أمل لعودة الدولة وعودتهم إلى أعمالهم كقوة تحافظ على الأمن الداخلي.