من المشروع الإيراني إلى المشروع التركي.. الجنوب يخوض معركة التحرير الثاني

تقارير - Saturday 23 May 2020 الساعة 01:39 am
نيوزيمن، كتب/محمد عبدالرحمن:

ليس الأمر محض صدفة أن تأتي ذكرى تحرير الجنوب من ميليشيات الحوثي وأبناء الجنوب يخوضون معركة التحرير الثاني من ميليشيا الإخوان التي تشن غزواتها العسكرية هذه الفترة من أجل السيطرة على عدن ومدن الجنوب، ذلك الأمر هو محض تنسيق مشترك لمحاولة تحقيق ما عجز عنه الحوثي وذلك عبر الشرعية المخطوفة بأيدي الإخوان.

انكسر الحوثي عند أسوار الجنوب وصلابة أبنائه وعدالة قضيتهم، وبقي الجنوب بثوابته العادلة وسط هذه المتغيرات والمتناقضات التي تحاول تغيير مساره، وبتلك الثوابت والتضحيات الجسيمة ينكسر الإخوان عند بوابة الجنوب وسوف يعود على نفس الطريق التي عادت منها ميليشيات الحوثي.

الغزو الحوثي للجنوب لا تختلف أهدافه عن الغزو الإخواني، لأن المشاريع التي تحملها هذه الجماعات المتطرفة تشترك في عوامل كثيرة، تخريبية وفوضوية، نهب ثروات وتكديس السلطة بيد جماعة استبدادية لا تقبل بالتعدد والتنوع، وتنغمس أكثر في المجتمع بمخالب أكثر فتكاً لتركيعه وإخضاعه، ولأن الغزو الحوثي يخدم المشروع الإيراني، فإن الغزو الإخواني يخدم المشروع التركي.

ولأن المشروع الإيراني فشل في احتلال الجنوب واستيطانه عبر ميليشيا الحوثي ومُني بهزيمة نكراء، فلن يكون هناك موطئ قدم للمشروع التركي الذي يحاول اليوم أن يحتل عدن ويستوطنها عبر ميليشيا الإخوان، لأن للجنوب مشروعه الوطني وعقيدته الخاصة الجنوبية المتجردة من المشاريع والأيديولوجيا الخارجية.

لا يمكن أن يكون الجنوب بعد كل هذه التضحيات في كنف المشروع التركي أو الإيراني، أرواح ودماء قدمها الجنوبيون ولا يزالون إلى اليوم يقدمونها في سبيل الجنوب وعدالة قضيته، مهما حاول الإخوان أن يحشدوا وتحت أي مسمى، لأن الحلول العسكرية مع الجنوب قد فشلت، ومن يرد الحل معه فذلك عبر طاولة الحوار بعد تحرير صنعاء.

أي محاولة لحل القضية الجنوبية في الوقت الذي لا تزال صنعاء حبيسة الجوع والقتل والحوثي فإن ذلك لن يفضي إلى حل حقيقي، لأن الخطر الدائم على الجنوب سيكون في صنعاء، ومن أجل أن يكون هناك سلام دائم شمالاً وجنوباً يجب على الجميع أن تتجه بنادقهم صوب الشمال وتحرير صنعاء.

يبقى الجنوب شريكاً أساسياً في معركة الشمال لتحرير صنعاء، معركة الضالع تدق أبواب محافظ إب، والدماء الجنوبية تسيل من أجل الشمال، الحديدة فيها اختلط الدم الجنوبي مع التهامي والشمالي، ولهذا تستعجل ميليشيا الإخوان لكبحه وتفكيكه وإغراقه في حرب لا تخدم إلا الحوثي الذي استلم الجوف وبعض أجزاء مأرب ليدفع نحو غزو الجنوب.

الجنوب وهو يخوض معركة التحرير الثاني لن يقف معه إلا من يحملون مشروع تحرير صنعاء وإسقاط الكهنوت الجاثم على صدر اليمنيين، ولن يكون هناك مشروع يخدم القضية الجنوبية إلا مشروع الجنوب سواءً جنوباً منفصلاً عن الشمال أو في ظل فيدرالية، ولن يتحقق ذلك إلا باستعادة صنعاء، واستعادة وتحرير صنعاء لن تكون إلا عبر من يؤمنون بعدالة القضية الجنوبية والشمالية معاً.

يعمل الإخوان على فكفكة المعارك شمالاً وإطفاء جذوتها، والذهاب نحو الجنوب لكسره وإخماد جذوته المتقدة لمساندة الشمال، ومهما يكن المشروع التركي الذي يلقي بثقله لغزو الجنوب، فلن يكتب له النجاح، بما أن هناك من يدافع ويقاتل وينتصر من أجل التحرير الثاني للجنوب.