يغزلها من خيوط النايلون... العم سعيد صانع شباك الصيد التقليدية بالمخا

المخا تهامة - Saturday 05 December 2020 الساعة 10:54 am
المخا، نيوزيمن، أنور الشريف:

على شاطئ البحر، بمدينة المخا، يجلس العم سعيد ناسجاً شباك الصيد، يمد رجليه ويمسك إبرته وخيوطه بكلتا يديه، ويجلس في كوخه الصغير ومصنعه اليدوي، يغزل الكثير من الشباك المتنوعة كثيرة الأحجام.

ستجده كل يوم هنا، في مكانه هذا، ومصنعه الشهير بالمدينة، يعمل ويغني ويتحدث، ويحرك كلتا يديه وقدميه ورأسه، وبجانبه يجلس بضعة شباب يتعلمون عنه حياكة الشباك.

شباب لديهم رغبة عارمة لتعلم مهنة الآباء ورزق الأبناء، لا ينتهي الرزق ومهنتك في يديك، هكذا جاء عن آبائنا الذاهبين والعائدين كل يوم من البحر والصيد.

تقترب من العم سعيد بوجل وخجل وهو في ذروة انشغاله بالعمل والحياكة على تلك الخيوط، يرحب بالجميع، يجلسون بالقرب منه، يبتسم ويتحدث ولا يسكت، يتحدث كثيراً عن الرزق والشباك والأسماك والأباء القداما.

 لا يمل العم سعيد من شباكه، يغزلها من أكوام خيوط النايلون المصبوغة بصبغة البنى المعروفة في تهامة- صبغة تحمي الشباك من الملوحة في جوف البحر.

يستمر بالنسج والغزل والحياكة والحديث أيضًا، يمرر الإبرة بين الثقوب، يعود بها مجدداً من الناحية المقابلة، وفي ثنايا هذا يتحدث عن حياكة الشباك، أهم الحرف اليدوية التقليدية التي مارسها الصيادون في تهامة واليمن منذ سنوات طويلة لغاية واحدة لا تتجاوز الرزق وصيد الأسماك، مهنة لا تنتهي بعد وما زالت واقفة بأكواخها ومصانعها التقليدية الشاهدة على كفاح الآباء ورغبة سكان الساحل على البقاء والعيش، يمر القليل من الوقت في حضرة العم سعيد ليصبح نسيج الشباك جاهزا ومطويا بحسب ما يريده الزبون، ومن سيشتريها.

يقول مجيباً على أحد أسئلتي تحتاج هذه المهنة لجهد وصبر وتحمل، بالرغم من توفر الشباك المتنوعة والتجارية يظل الصياد بالمناطق الساحلية محافظا على إرث وأصالة صناعة اليد، وهو ما كان يستخدمه الآباء والأجداد.

يضيف في جانب آخر، إن الصياد التهامي إمكانياته بسيطة ومحدودة، لهذا هو غير قادر على شراء شباك كبيرة للصيد الكبير، هي في السوق باهظة السعر، وصناعة الشباك اليدوية تفي بالغرض أيضاً.

العم سعيد أو صانع الشباك من مدينة المخا، يقول أيضًا عن الصيد وحياكة الشباك، ليس جميع الصيادين يستطيعون حياكة الشباك، ولكن معظم صانعيها صيادون بالفطرة، الجيل الأخير لم يهتم بالحرفة كثيراً، بقي اهتمامهم واكتفاؤهم بالصيد.. والصيد هنا أهم ما في المدينة.

يرى، أن الصيد بالنسبة له في مقام صناعة الشباك، هو يعمل فيها كلها، يذهب فجرًا يخوض البحر للصيد، يعود بعدها يبيع صيده ويكتفي برزقه، وفي مواسم انعدام الصيد ينسج الكثير من الشباك ليبيعها ويستمر بالحياة، الحياة هنا لا تنقطع ولا تموت ولها إله عظيم وسماء عالية وبحر لا ينتهي من الرزق.