من التضليل إلى التفاهم مع الحوثي.. إخوان اليمن وابتزاز السعودية "منشور اليدومي أنموذجاً"

تقارير - Saturday 17 July 2021 الساعة 08:51 pm
صنعاء، نيوزيمن، تقرير خاص:

أثار المنشور الأخير لمحمد اليدومي رئيس الهيئة العليا لتجمع الإصلاح (الإخوان المسلمين في اليمن) الذي حاول مقارنة التطورات التي تشهدها أفغانستان في ضوء الانسحاب الأمريكي وعودة حركة طالبان إلى المشهد من خلال سيطرتها على عديد مدن أفغانية، وبين زحف المليشيات الحوثية وإسقاطها للعاصمة صنعاء عام 2014م، عديد أسئلة عن الحقائق التي غيبت أو تم تغييبها حول حقيقة وجوهر الدور الذي تضطلع به حركة الإخوان المسلمين في اليمن، والذي لا يختلف عن أي دور تمارسه فروع التنظيم الدولي للإخوان في أي دولة عربية أخرى، حيث يغير الإخوان ألوانهم وأقنعة إخفاء حقائقهم تبعاً ومصالح التنظيم الدولي، حتى لو اقتضى ذلك ركل كل التحالفات التي تدعمهم أو احتضنتهم من دول أو أنظمة.

بعيداً عن الغوص في مضامين منشور اليدومي والرد عليه وتفنيد ادعاءاته حول الاسباب التي مكنت المليشيات الحوثية الخروج من جحورها في مران والوصول إلى العاصمة صنعاء والانقلاب على السلطة الشرعية والسيطرة على مؤسسات الدولة، ويكفي تذكير اليدومي وغيره بالاعتذار الشهير الصادر عن الحكومة التي كان يقودها الإصلاح عن حروب الدولة الست لإخماد تمرد الحوثي من قبل نظام الرئيس السابق علي عبدالله صالح، واعتبارها حروبا عبثية، ولو لم يكن من شيء آخر يمكن به تفنيد مزاعم اليدومي لكان ذلك الاعتذار وحده كافيا ليكون الجريمة الاخطر التي شرعنت للحوثي الوصول إلى صنعاء واسقاطها عسكريا وما دونه تفاصيل.

لكن في المقابل فإن الأخطر ليس هو مزاعم اليدومي واكاذيبه حول حقائق ما حدث بل هو الهدف الخفي المتمثل في سعي إخوان اليمن لممارسة ابتزاز بحق التحالف وفي المقدمة السعودية وتهديدهم بان البديل سيكون هو مليشيات الحوثي، وذلك من خلال ارسال رسالة للسعودية بان بمقدورهم ايذاءها بشكل لم تكن تتصوره في حال قررت التخلي عنهم أو حتى تخفيف سيطرتهم على الشرعية بما يمثله ذلك من سيطرة على ميزانية حكومة الشرعية سواء اكانت من موارد داخلية أو من المساعدات المهولة المقدمة من دول التحالف وبالأخص السعودية، ناهيك عن أموال المساعدات الدولية الاغاثية وهي في جلها مساعدات مقدمة من التحالف وعلى رأسه مركز الملك سلمان للإغاثة.

>> مقاربات اليدومي بين الحوثي وطالبان تفتح ذكريات إخوان "أبوفاس"

خطاب إخواني مغلف بدعايات مسبقة

أثناء حروب دولة الرئيس السابق علي عبدالله صالح ضد تمرد مليشيات الحوثي منذ الحرب الاولى وحتى السادسة كانت قيادة المنطة الشمالية الغربية التي تقع صعدة ضمن جغرافية اختصاصها هي التي تدير المعارك ضد مليشيات الحوثي من خلال الالوية التابعة للفرقة الاولى مدرع وكلاهما، المنطقة الشمالية الغربية والفرقة الاولى مدرع، كانت بقيادة اللواء علي محسن الاحمر، وهو الذراع العسكري الابرز لحركة الإخوان المسلمين في اليمن، وبرغم الأسئلة الكثيرة التي اثيرت ولا تزال حول اسباب فشل الوية محسن في حسم المعارك والحروب ضد مليشيات الحوثي بل وتورط قيادات تابعة له بتهريب وبيع الاسلحة للمليشيات الحوثية وتحويل تلك الحروب إلى معركة لاستنزاف خزينة الدولة وتقويض نظام صالح كخطة إخوانية كانت تدار في الخفاء، ومع ذلك وحين كان الرئيس صالح يظهر ليتهم إيران بدعم ومساندة تمرد المليشيات الحوثية كان الإخوان الذين يتزعمون المعارضة (اللقاء المشترك حينها) يوجهون خطابا مختلفا للسعودية يزعم انه لا دليل على دعم إيران وان صالح يهدف من ذلك لابتزاز السعودية بهذا الملف مقابل الحصول على الأموال.

ومن المؤسف حقاً أن ذلك الخطاب لاقى آذانًا صاغية لدى صانع القرار السعودي أو على الاقل لدى جزء مهم منه وهي المخابرات التي كان الإخوان يحكمون السيطرة عليها، ما تسبب ربما في تراخي وتغافل السعودية عن حقيقة ما تنفذه إيران على حدودها بدعمها لمليشيات الحوثي، بل والتماهي مع إخوان اليمن في التخلي عن دعم صالح ومسايرة الموجة التي توجت بفوضى العام 2011م والتي شهدت محاولة اغتيال صالح من قبل الإخوان في جريمة ارهابية مشهودة، حتى ان السعودية ورغم مسارعتها لمعالجة صالح ورفاقه من كبار قيادات الدولة بعد تلك الجريمة الا انها ظلت على موقفها السياسي الذي انتهى بضرورة تسليم صالح للسلطة إلى نائبه عبدربه منصور هادي وهو ما تم، خصوصا وان خطاب الإخوان الذي كان يومها يعم المنطقة وتقوده وتديره قطر وادواتها الاعلامية وعلى رأسها الجزيرة واخواتها كان يخلص إلى اقناع دول المنطقة بان الإخوان هم البديل للانظمة وانهم سيكونون اكثر تعاونا مع قيادات الدول الخليجية تحديدا وعلى رأسها السعودية، فيما كانت اهدافهم ونواياهم تذهب باتجاه آخر.

وباستثناء الموقف الذي أبدته السعودية في دعم الدولة والجيش المصري ضد نظام الإخوان في مصر والذي لم يكد يصل إلى السلطة حتى بدأ يتقارب مع إيران، وتركيا، ويدعم المنظمات الارهابية ويدير ظهره للعلاقات مع السعودية والامارات وبقية دول الخليج، فقد استمرت السعودية بانتهاج مواقف مهادنة ان لم تكن متماهية مع خطاب واكاذيب الإخوان في اليمن على وجه الخصوص وتبني وجهات نظرهم في رسم ملامح علاقاتها مع النظام الانتقالي برئاسة هادي في اليمن والذي يسيطر عليه الإخوان، وكانت اولى ملامح ذلك التماهي هو دعم السعودية لأطروحات إخوان اليمن بضرورة هيكلة الجيش السابق بزعم انه جيش عائلي وتابع لصالح واستبداله بجيش جديد وهو ما كان حيث نجح الإخوان في بناء ما سموه بالجيش الوطني لاحقا والذي اسندت إليه مهمة ادارة الحرب ضد مليشيات الحوثي بعد إعلان التحالف العربي عاصفة الحزم ضد انقلاب الحوثيين.

خيانة إخوانية للسعودية مع أول اختبار

ومع أن الإخوان حاولوا تقديم أنفسهم كالحليف الأقوى والأبرز والأهم للسعودية في معركة عاصفة الحزم، إلا أنهم سرعان ما اظهروا حقيقتهم مع اول اختبار حقيقي برز بعد الخلاف بين السعودية والامارات ومصر والبحرين مع قطر، حيث بدأ التحول لتجمع الإصلاح في اليمن نحو دعم موقف قطر واستهداف التحالف من خلال تبني موقف يهاجم الامارات ويتهمها بإفشال التحالف، قبل ان يتحول ذلك الهجوم نحو السعودية نفسها.

ومع تصاعد حدة الأزمة الخليجية المصرية القطرية تصاعدت مظاهر مواقف إخوان اليمن المتماهية والداعمة لقطر ضد السعودية والتحالف عموما وبدأت تنتقل إلى الميدان من خلال الدخول في تفاهمات وتنسيقات واتفاقات سرية وعلنية مع مليشيات الحوثي صبت كلها في اطار توفير ارضية للإعلام القطري لدعم مواقفه في مهاجمة وتشويه التحالف بقيادة السعودية والامارات في اليمن وتحميله مسؤولية كل ما تشهده اليمن.

ولأن تركيا احتضنت لقاءات الترتيب للتنسيق بين الإخوان والحوثي فقد سارع إخوان اليمن إلى رد الجميل لها بدعوتهم إلى تدخل تركي عسكري في اليمن بديل لتدخل التحالف وعلى غرار تدخل انقرة في ليبيا لدعم حركة الإخوان هناك، ولم يكتفوا بذلك بل بدأوا بتنفيذ تلك الاتفاقات ميدانيا من خلال تسليم محافظات ومناطق بأكملها لمليشيات الحوثي كما حدث في الجوف ونهم، وايقاف معارك القتال ضد المليشيات كما حدث في تعز وميدي وحرض بحجة، ومرورا بخذلان معارك القبائل التي دارت ضد مليشيات الحوثي في حجور والبيضاء، واصرارهم على ايقاف معركة تحرير الحديدة من خلال توقيع اتفاقية ستوكهولم، بالإضافة إلى صفقة الافراج عن المتهمين الإخوان بتفجير جامع الرئاسة مقابل افراجهم عن اسرى حوثيين، وليس انتهاء بمئات صفقات تبادل الاسرى التي يجريها الإخوان مع مليشيات الحوثي في عديد مناطق كتعز ومارب والجوف والبيضاء بعيدا عن اي اشراف حكومي أو علم لدول التحالف.

نفوذ إيراني بقابله ابتزاز إخواني للسعودية 

والخلاصة أن اليدومي، وهو رئيس الهيئة العليا لحزب الإصلاح ومرشد الإخوان في اليمن، قدم للجميع دليلا على أن ما تنشره جوقة المطبلين والناشطين والاعلاميين والساسة الإخوانيين ضد السعودية والتحالف ومساندتهم لمحور قطر تركيا ليس مجرد اجتهادات شخصية بل هو توجه إخواني من رأس الهرم، ومثلما انقلبت قيادات إخوانية أو مدعومة من الإخوان كانت ضمن حكومة الشرعية على التحالف والسعودية وكشفت عن وجهها الحقيقي بمهاجمة السعودية وتحميل التحالف مسؤولية فشلهم في مواجهة مليشيات الحوثي نتيجة فسادهم كجباري والمعمري والجبواني والميسري والمخلافي وحميد الأحمر وغيرهم الكثير، فإن اليدومي يفعل الشيء ذاته وان بلغة منمقة، ويمهد لممارسة ذات الابتزاز وان بقناع يغطي حقيقة ان إخوان اليمن بخطابهم التضليلي الذي قدموه للسعودية ولأجهزة مخابراتها وصناع القرار فيها حول ما يجري في اليمن منذ ما قبل ازمة 2011م وحتى اليوم هم السبب وراء تدمير الدولة وجيشها وافساح المجال امام سيطرة الحوثي.

ومما يؤسف له أنه وبمقابل مواصلة إيران في ترسيخ نفوذها في اليمن لإيذاء السعودية ودول الخليج من خلال دعم مليشيات الحوثي واستمرار سيطرتها، يواصل إخوان اليمن تضليل السعودية بإخفاء حقيقة فشل الشرعية التي يسيطرون عليها في قيادة معركة اسقاط انقلاب الحوثي، وايهامها بعدم القدرة على ايجاد بديل وحليف قوي لها داخل اليمن غيرهم، وكل ذلك من خلال الابتزاز الميداني كما يحدث في تسليم مناطق للحوثي دون معارك، أو من خلال افتعال ازمات ومشاكل تشغل السعودية بحلها بعيدا عن معارك الجبهات، واستمرار خطابها التشويهي والكاذب تجاه خصومها كما تفعل مع المقاومة الوطنية في الساحل الغربي والمجلس الانتقالي الجنوبي والمقاومة القبلية التي يقودها مشايخ لاينتمون للإخوان، وليس انتهاءً بخطابها الاعلامي والسياسي الذي يقوم على جوهر إرسال رسائل الابتزاز للسعودية بأن البديل لهم هو الحوثي.. وما منشور اليدومي إلا نقطة في بحر ابتزاز إخوان اليمن.