مشروع ذراع إيران في اليمن.. طمسٌ للهُوية الوطنية وتهديدٌ للجوار (1)

الحوثي تحت المجهر - Tuesday 26 October 2021 الساعة 08:53 am
نيوزيمن، كتب/محمد عبده الشجاع:

تعمل مليشيا الحوثي الذراع الإيرانية، على نشر ثقافة الفكر الإيراني الشيعي، وطمس الهوية اليمنية الجامعة بشكل متسارع منذ سنوات، في الوقت نفسه تسعى لاستكمال حلقة تطويق "الحدود السياسية" للمملكة العربية السعودية، من كافة الاتجاهات؛ الأمر الذي تتجاهله المملكة بعلم أو بدون علم.

وقد برزت أحداث اليمن بصورة قلبت كثيرا من موازين القوى، وبعثت برسائل خطيرة على كافة الأصعدة، خاصة التهديد المباشر لدول الخليج العربي؛ واحتمال كبير بَعثْ "الهلال الشيعي" من العدم، والذي أصبح واقعًا يمشي على الأرض بعد السيطرة على معظم جغرافيا الشمال في اليمن.

وللحديث عن أي صراع في الوقت الراهن، يجب استيعاب المفاهيم التي يتم التسويق لها بصورة وفق سياقاتها الطبيعية كمدخل أساسي لمعرفة ما يدور، منذ انهيار الاتحاد السوفييتي في 26 ديسمبر 1990 حتى فترة (كوندوليزا رايس)؛ عرابة "الفوضى الخلاقة" في الشرق الأوسط 2008. 

أيضا هناك مفاهيم مهمة مثل "توازن القوى في العلاقات الدولية"، "آلية صنع القرار"، "التأثيرات الخارجية"، "البيئة المحيطة بالإقليم"، "العولمة"، وتكامل القوة وأهمها، القطبية الواحدة.

كما يجب استيعاب عوامل القوة والضعف في أي إقليم أو نظام، وكيف تلعب الدول ذات البعد الاستعماري دورًا يشكل نوعا من التخادم ويحقق أهدافا مختلفة، كما هو الحاصل اليوم بين إيران _ إسرائيل _ أمريكا _ تركيا من جهة، والعرب من جهة أخرى.

خروقات واسعة

استطاعت إيران من خلال ذراعيها في المنطقة: حزب الله وأنصار الله (الحوثيين)؛ تحقيق أبعاد استراتيجية بعيدة المدى، لم تخطر على بال الكثير باستثناء المُخطِّط نفسه.

فقد باتت اليوم الجندي الأول الذي يقاتل بكل ثقله العسكري والسياسي والثقافي والديني، بعد أن عملت على تغييب كافة القوى المناوئة، بصورة مهينة وتحديدًا في الجمهورية اليمنية.

والمشروع الإيراني عمومًا ارتبط بشكل مفضوح بالقتل، تهريب السلاح، دعم الجماعات المتطرفة، بيع المخدرات، نشر الخبراء... ما سهل عليه خلال فترة وجيزة فرض الأجندة وتحقيق العديد من الخروقات الخطيرة.

كيف بدأت الكارثة

من محافظة صعدة انطلقت جماعة تحت غطاء "الشباب المؤمن" قبل أن تتحول إلى "أنصار الله" الحوثيين بدعم من حزب الله اللبناني ذراع إيران في المنطقة.

بدأ التمرد على الدولة واتسعت رقعة المواجهات حتى انطلقت "الصرخة" من داخل الجامع الكبير بمنطقة "صنعاء القديمة" التي تمثل رمزا تاريخيا للبلد ويمثل جامعها رمزًا دينيا غير عادي.

خاضت الدولة مواجهات مسلحة سميت فيما بعد "الحروب الستة" قُتل على إثرها زعيم الجماعة حسين الحوثي، في العام 2004م.

توقفت المواجهات لكن تصعيد الجماعة كان قد أخذ بعدًا (دوليا)، حيث بدأت معه الوساطات ومحاولة استيعاب الجماعة؛ كمكون ضمن مكونات المشهد اليمني، سارت الأمور بصورة غير مطمنة حتى جاءت ما سميت بثورات "الربيع العربي" التي أعطت مشروعية للجماعة بالتعمق أكثر وسط المجتمع مع استمرار الدعم لها من قبل إيران.

احتجاجات 2014 

في أواخر 2014م خرجت احتجاجات في "شارع المطار"، شمال العاصمة صنعاء، تدعو إلى رفض الجرعة السعرية في "المشتقات النفطية" التي أقرتها حكومة محمد سالم باسندوة، وهو الفخ الذي رسمته المليشيا للبلد بدعم إقليمي ودولي لإسقاط ما تبقى من نظام.

سبقه إرسال الأمم المتحدة جمال بن عمر، الذي سهل لاحقًا مهمة السيطرة على العاصمة، في سيناريو هو الأخطر على بلد يعاني الكثير من الإشكاليات، لتقفز إلى المشهد مليشيا طائفية وعنصرية في غفلة من كافة القوى السياسية.

وبينما كان مؤتمر "الحوار الوطني" يسير في "فندق موفنبيك"، كان الحوثي يخوض مواجهات مسلحة ويلتهم القرى والمديريات، حتى وصل محافظة "عمران" الحدودية مع صنعاء وبوابتها الرئيسية من الجهة الشمالية.

حدث الانقلاب بالصورة التي تابعها الجميع وسط إعلان البيان الأول ومجلس سياسي ومحاصرة رئيس الجمهورية في منزله وبدأ العد التنازلي لإسقاط بقية المدن.

طمس الهوية اليمنية

تسعى إيران من أجل أطماعها التوسعية لطمس هوية المجتمع الذي تضع يدها عليه واستبداله بهوية جديدة تراعي مصالحها المستقبلية أهمها نشر "التشيع" على أوسع نطاق.

يقول (إلهام علييف)، رئيس أذربيجان: بعد أن حاولت إيران تهديد بلاده "أذربيجان تحدد بذاتها المستويات التي ستقيم عليها العلاقات مع الدول الأخرى، فما يحدث اليوم هو دفاع عن الوجود البشري".

يضيف "لكننا يجب أن ننتقل إلى الدفاع عن الوجود الثقافي، كما يفعل الشعب الفلسطيني الذي يواجه عمليات الإبادة الثقافية التي ينفذها الصهاينة. ولن نصل لهذه المرحلة حتى نفهم بأن عملاء إيران يعملون على ابادتنا ثقافيا واجتثاث هويتنا التاريخية".

بهذا الطرح، يجب فهم ما تمثله إيران وأدواتها في المنطقة، حتى تستطيع الشعوب الدفاع عن هويتها، لأن ما يجري اليوم في معظم مناطق شمال اليمن، من قبل مليشيا الحوثي؛ طمس للهوية وعبث واضح بالنسيج الاجتماعي.

تكريس الدورات الثقافية

تعد الدورات الثقافية التي تكرسها ذراع إيران في اليمن، من واقع تغيير المناهج الدراسية في المرحلتين الأساسية والجامعية؛ جزءاً من عملية طمس الهوية، ومدخلاً لقمع الناس، وتهجيرهم وهو جانب من فرض التشيع.

يقول الباحث همدان العلي: "ما يتعرض له اليمنيون منذ سنوات تطهير عرقي وطائفي على يد عملاء إيران، والمشكلة أن كثيرا من اليمنيين لا يجرؤون على الحديث عن هذه الجرائم بكل صراحة، ولهذا يستمر الحوثي في ابادتهم ثقافيا وجسديا".

تم تفخيخ التعليم، وتعبئة جيل النشء والشباب بالخرافات، وتعريضهم لدورات ثقافية مكثفة؛ والدفع بهم إلى معسكرات معزولة، يأتي هذا قبل أن يتم توجيههم إلى جبهات القتال.

وقد أصبحت كل المحافظات من صعدة، عمران، حجة، المحويت، ذمار الحديدة، البيضاء، وأجزاء واسعة من مأرب والجوف وتعز والضالع وأخيرًا شبوة؛ بحكم المسيطر عليها فكريا وعسكريًا وسياسيا من قبل مليشيا الحوثي.


مؤخراً نشرت قائمة بأسماء المناسبات التي من المفترض أن تقوم المليشيا الاحتفال بها طوال العام وعددها (18)، ليس من بينها أي مناسبة وطنية جميعها طائفية وتخدم المشروع الإيراني.