مصر.. عاصمة جديدة وسط الصحراء

العالم - Sunday 14 November 2021 الساعة 04:54 pm
نيوزيمن، أ ف ب:

قصر رئاسي على أحدث طراز، حي حكومي يضم كل الوزارات، مقر للبرلمان، حي مال وأعمال، أوبرا جديدة، مدينة رياضية، مناطق سكنية وحدائق وباحات فسيحة... تنبثق وسط الصحراء إلى شرق القاهرة عاصمة جديدة "للجمهورية الثانية" التي يطمح إليها الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي.

كان جامع الفتاح العليم وكاتدرائية الأقباط الأرثوذكس التي يحاكي شكلها المعماري الكاتدرائية القديمة بحي العباسية في قلب القاهرة، أول ما تم افتتاحه عام 2019 في العاصمة الجديدة التي ستصبح خلال فترة وجيزة قد لا تتجاوز عاما واحدا مركز الحكم في مصر.

كان مقررا أن يتم الافتتاح التجريبي للعاصمة الجديدة، التي لم يعرف بعد إن كان سيتم إطلاق اسم عليها مستقبلا أم لا، في 30 يونيو الماضي، في الذكرى الثامنة لتظاهرات 2013 التي طالبت بإنهاء حكم الإخوان المسلمين وفتحت الطريق أمام الجيش، بقيادة السيسي آنذاك، للإطاحة بالجماعة والرئيس المنبثق عنها محمد مرسي.

وتجري احتفالات كبيرة سنويا في ذكرى هذه التظاهرات التي يطلق عليها "ثورة 30 يونيو"، وأصبح موعدها يوم عطلة رسمية في البلاد.

ولكن أعمال الإنشاءات تأخرت بسبب جائحة كورونا وسيبدأ انتقال الموظفين إليها تدريجيا اعتبارا من ديسمبر المقبل وستبدأ الحكومة المصرية العمل هناك "لفترة تجريبية مدتها ستة أشهر"، بحسب المتحدث باسم الرئاسة المصرية بسام راضي.

وكرر الرئيس المصري في مناسبات عدة أن افتتاح العاصمة الجديدة سيكون إيذانا بـ"ميلاد دولة جديدة" و"جمهورية جديدة".

بعد شهور من انتخابه رئيسا، أعلن السيسي في مارس 2015 عن إنشاء العاصمة الجديدة، ثم قرر تباعا إنشاء عدة مدن جديدة في مناطق مختلفة، شمالا على ساحل المتوسط بمنطقة العالمين (230 كيلومترا من القاهرة) وفي قلب دلتا النيل إلى جوار مدينة المنصورة (على بعد 110 كيلومترات) وجنوبا (قرابة 700 كيلومتر)، حيث بدأ تشييد مدينة أسوان الجديدة.

-"مركز تحكم أمني"-

ولكن العاصمة الإدارية تبقى "أكبر مشروع في كل مشاريع الدولة المصرية"، بحسب المتحدث باسم الشركة التي تشرف على تشييدها، خالد الحسيني.

وهي تهدف، وفقا له، إلى معالجة مشاكل القاهرة التي يزيد عمرها على ألف عام ويقطنها 21 مليون مواطن يمثلون 20% من إجمالي المصريين وتعاني من اختناقات مرورية شبه دائمة.

على بعد 50 كيلومترا من قلب القاهرة و25 كيلومترا من ضاحية التجمع الخامس الراقية التي تضم أهم مراكز التسوق وأبرز الجامعات الخاصة في مصر، تم اختيار مكان العاصمة الجديدة "لتكون قريبة من مجتمع عمراني ولتكون امتدادا للعاصمة المصرية (ولكن) مخططا ومنظما بشكل جيد ويجمع السلطتين التشريعية والتنفيذية"، وفق ما أوضح الحسيني شارحا أن العاصمة الجديدة ستقام على ثلاث مراحل لتبلغ مساحتها الإجمالية 730 كيلومترا مربعا.

وقال إن المرحلة الأولى "تقام على 250 كلم مربعا وستستوعب قرابة مليوني مواطن" وستضم جامعات ومدارس ومستشفيات.

وبدأت كبرى شركات العقارات منذ بضع سنوات بناء الأحياء السكنية في العاصمة الجديدة كما ازدادت كثافة حملات التسويق للشقق والفيلات فيها من خلال عروض تقسيط تصل إلى أكثر من 10 سنوات، وهو أمر لم يكن معتادا في مصر.

والأهم بحسب الحسيني، أنها ستكون "مدينة ذكية، ما يعني باختصار أنها توفر حياة أفضل للمواطن من خلال أدوات وبرامج (تكنولوجية حديثة) تشمل مستشعرات للبيئة ولأحوال الطقس وكاميرات مراقبة وتربط كلها بمركز تحكم وسيطرة أمني".

ولأن الوصول إليها والخروج منها سيكون أهم عوامل نجاحها، خصوصا أن قرابة 50 ألف موظف سيعملون بها في البداية "ولكن العدد سيتضاعف في غضون 3 سنوات"، وفق المسؤولين المصريين، كان لا بد من إنشاء شبكة طرق ومواصلات بلغت كلفتها عدة مليارات من الدولارات وشملت قطارا كهربائيا يربطها بأحياء شرق القاهرة، ومونوريل (ترام معلق على أعمدة) يربطها بوسطها.

وشيدت السلطات وحدات سكنية رخيصة لموظفي العاصمة الإدارية والعاملين فيها في مدينة بدر، التي تبعد 15 كيلومترا فقط عن مقار أعمالهم الجديدة وسيربطها القطار الكهربائي بالعاصمة الجديدة اعتبارا من نهاية الصيف المقبل.