مهندس في مواجهة ألغام الحوثي.. راجح الشواح

المخا تهامة - Friday 03 December 2021 الساعة 05:08 pm
الوازعية، نيوزيمن، خاص:

عمل راجح الشواح لسنوات طويلة في مجال استخراج الألغام الأرضية لتجنيب المدنيين ويلات مخاطرها، لكنه لم يتوقع يوما ما أنه سيصاب بها.

كانت حادثة إصابته في الثاني من يونيو الماضي، حينما كان الرجل البالغ من العمر نحو 60 عاما يتقد حماسا لتطهير موقع حوثي سابق يطل على مديرية الوازعية لتطهيرها من ألغام مليشيات الحوثي.

يروي راجح مأساته لنيوزيمن، كنت في ذلك اليوم متحمسا للعمل الذي أقوم به، وشعرت بأنني أقوم برد الجميل لأبناء منطقتي بجعلهم يعيشون بسلام دائم دون خوف من أدوات ألغام مليشيات الحوثي.

يقول متذكرا المأساة التي حلت به، "كان لزاما عليَّ أن احتاط بدقة وأن تكون خطواتي مدروسة والسنوات العشرون الماضية التي عملت بها ضمن فريق نزع الألغام، علمتني كيف اتنقل بخطوات دقيقة، فالخطأ ثمنه الموت".

مسحت موقعا كانت تتخذ منه عناصر مليشيات الحوثي مكانا لقنص السكان، لكنها قامت بتلغيمه بأربعة ألغام قبل طردها، يقول راجح وهو يشرح اللحظات التي سبقت إصابته، انتزعت ثلاثة ألغام، وعندما قمت بتمرير جهاز الكشف لم يصدر صوتا، كانت تلك إشارة إلى أن جميع الألغام قد تم تطهيرها وأن المكان أصبح آمنا.

يواصل حديثه، كان اللغم الفردي محاطا بقطعة سميكة من بالون الهواء الذي يوضع داخل إطارات السيارات، وكانت سببا في عدم قدرة الجهاز على اكتشاف اللغم الحوثي، وعندما تقدمت حدث شيء مريب، قذف بي في الهواء، شعرت كما لو أن شخصا ضربني بفأس على رأسي.

ارتفعت كومة من الأتربة والغبار وعلا المكان صمت موحش، اعتقدت لحظتها أن مليشيات الحوثي أطلقت علينا قذيفة هاون، وبعد لحظات حاولت الوقوف على قدمي، لكنني لم أكن قادرا على ذلك وعندما شاهدت قدمي اليمنى في مكان آخر وقد بترها الانفجار، أصبت برعب شديد، وأدركت أنني في محنة كبيرة لم أكن أدركها.

يروي ذلك الرجل لحظات الموت المرعبة، لم أشعر بالألم على الإطلاق، لكنني كنت في لحظة انهيار وضعف، وشعرت باختناق ولم أكن قادرا على التنفس فيما كانت الدماء تتدفق من قدمي اليمنى ويدي، وتلطخت الدماء في كل جسمي من أثر الشظايا، وفي لحظات كدت أقترب من حافة الموت، خاطر زميلي مصعب الحسامي بحياته من أجل إنقاذي، دخل إلى حقل الألغام وعصب جرحي بقطعة قماش كان يرتديها، ثم قام بحملي على ظهره.

كان علينا اجتياز نحو ساعة للوصول لأقرب طريق للسيارة التي كانت تقلنا بسبب الارتفاع الشاهق للجبل الذي كان مليئا بألغام الحوثي.

يشعر راجح أنه مدين بحياته لزميله بعد أن خاطر بحياته لإنقاذه، وإن كانت تلك الخطوة تسببت له بمشكلة في العمود الفقري ما يزال يعاني منها حتى اليوم، نتيجة الضغط الذي تعرضت له فقرات العمود الفقري.

وصل أخيرا إلى المقر المؤقت للفريق وأجريت له الإسعافات الأولية وتم تضميد جروحه فيما بدأت تسري في جسده آلام لا يمكن وصفها.

شعر مهندس الألغام أنه يقترب من لحظات الموت المرعبة وانتابته قشعريرة خوف من أن يقضي نحبه نتيجة تلك الحادثة المؤلمة، لكنه غاب عن الوعي بسبب تلك الآلام ولم يعلم سوى اليوم الثاني وهو يتمدد على سرير في مستشفى محافظة تعز.

مضت ثلاثة أشهر على وقوع الحادثة الأليمة ورغم تعافيه، إلا أنه ما يزال يعاني من كوابيس أهوال الانفجار، كما أنه يشعر كما أن تيارا كهربائيا يسري في جسده ورغم أن الأطباء أبلغوه أن ذلك الشعور سيتلاشى مع مرور الأيام، إلا أنه ما يزال يذكِّره بالمأساة الأليمة التي يصعب نسيانها، كما أنه بحاجة إلى قدم صناعية تمكنه من معاودة السير بدون استخدام العكاز.