ساحات "الإخوان" وتعبيد طريق الانقلاب الحوثي

تقارير - Thursday 10 February 2022 الساعة 07:04 am
صنعاء، نيوزيمن، محمد يحيى:

عندما اعتصم مجموعة من الشباب الطامحين بمستقبل أفضل، أمام بوابة جامعة صنعاء في 27 يناير 2011، كانوا يطالبون بالتغيير وبالإصلاحات السياسية والاقتصادية، ومكافحة الفساد، فكانت مطالبهم وطموحاتهم مشروعة، لكن ما حدث بعد ذلك كان مختلفاً ومعاكساً لطموحات أولئك الشباب، بعد تمكن القوى الانتهازية من الانقضاض على اعتصامهم، وامتطاء مطالبهم لتحقيق مكاسب سياسية، إذ هدمت تلك القوى نظام الدولة، وأحالت البلاد إلى فوضى عارمة، فصار اليمن بعيداً اليوم عن تحقيق مطالب الشباب المشروعة.

في 2 فبراير وقبل أن تختطف القوى الانتهازية ثورة الشباب السلمية وتمتطيها، كان الرئيس الراحل علي عبد الله صالح، يتجاوب مع مطالب الشباب المعتصمين، ويعلن عن برامج حكومية للحد من الفقر، وتوفير فرص عمل لخريجي الجامعات، وفتح باب الاكتتاب أمام المواطنين، في عدد من المؤسسات الاقتصادية العامة، وتوسيع صلاحيات الحكم المحلي، وانتخاب المحافظين ومديري المديريات بشكل ديمقراطي، مؤكدا أنه لن يسعى لفترة ولاية جديدة بعد انتهاء ولايته في 2013، أو إعادة عقارب الساعة إلى الوراء.

لكن القوى الانتهازية وعلى رأسها "حزب الإصلاح" الذراع المحلية لجماعة الإخوان الإرهابية، وجدت الفرصة سانحة أمامها، لركوب موجة ما اُسمي بـ"الربيع العربي"، من أجل الانقضاض على نظام كانوا شركاء فيه طيلة 33 عاما، فاخترقت عناصر "الإخوان" اعتصام الشباب السلمي، للتسلق على مطالبهم، ودعت "توكل كرمان" الشباب لما أسمته "يوم غضب"، وقادتهم في مسيرات تهتف بإسقاط النظام، لتتكشف الغاية التي يسعى اليها الإخوان منذ البداية، ورغبتهم في امتطاء مطالب الشباب، وتحويلهم إلى جسر عبور للطموحات الإخوانية في الوصول إلى السلطة.

كان الهدف الرئيس لجماعة الإخوان من خطفها ثورة الشباب، التخلص من "صالح" والحلول مكانه، دون تقدير للنتائج التي ستترتب على ذلك، فنصبوا الخيام وأسسوا ساحة للاحتجاجات في قلب صنعاء، شملت العديد من الشوارع الفرعية على الخط الدائري أمام الجامعة، وأغلقوا الشوارع وعطلوا الحركة، وانخدع الشباب بالشعارات المنادية بالحرية والعدالة والمساواة والدولة المدنية، التي رفعتها الجماعة الانتهازية في الساحة، قبل أن تتضح للشباب لاحقا الأهداف والغايات "الإخوانية"، من التسلق على ثورتهم، وحرفها عن سلميتها وهدفها، وهذا ما دفع بالكثير منهم إلى ترك ساحة الاعتصام، بعد اكتشافهم حقيقة هذه الجماعة، وتيقنهم من أن الجماعات الإرهابية لا يمكن أن تبني دولة مدنية.

في تلك الأثناء، كان عبدالملك الحوثي في كهوف صعدة، يتابع الأحداث باهتمام ويتحين الفرصة هو الآخر للانقضاض على النظام، ومع إعلان جماعة "الإخوان" يوم الـ"11 من فبراير" يوما لثورتهم التي حولت البلاد إلى حالة فوضى، كان لهذا التاريخ وقعه لدى الحوثي، فهو يوم ثورة الخميني الطائفية في إيران عام 1979، ولذلك حشد الحوثي أنصاره في الشارع في مظاهرة بمدينة ضحيان بصعدة، داعيا لإسقاط النظام، ومحييا جماعة الإخوان "الذين استطاعوا أن يوصلوا الثورة الشعبية إلى مرحلة اللاعودة". حد وصفه.

أيد "الإخوان" المسيرات الحوثية في صعدة، ودعوا الجماعة المسلحة المتمردة للانضمام الى ساحة الاحتجاجات بصنعاء، لتوحيد الجهود للإطاحة بالنظام، فوجدها الحوثي فرصة ذهبية لا تعوض للوصول إلى شوارع صنعاء، بعد سبع سنوات من تمرده المسلح في "صعدة"، وغاب حينها عن ذهن "الإخوان"، أنّ المستفيد الأوّل من الدخول في لعبة إسقاط "النظام" سيكون "الحوثي".

أنشأ الحوثيون عدداً من التكتلات والإئتلافات في ساحة الاحتجاجات بصنعاء،.كان أبرزها تكتل "شباب الصمود"، إضافة لتكتلات أخرى ادّعت الاستقلالية وعدم الانتماء إلى أي حزب أو مكون سياسي محدد، وشارك الحوثيون مع الإخوان في الفعاليات والمسيرات وأعمال الفوضى، وامتد نشاط الحوثيين إلى الساحات الأخرى في تعز وإب والحديدة وغيرها من المحافظات، وكانت المرة الأولى التي يجد فيها الحوثيون حيزاً ينشطون فيه، بعد أن كانوا مجرد جماعة مسلحة متمردة على الدولة، تتمركز في صعدة.

في فبراير 2012 سلم الرئيس صالح السلطة لنائبه، بناءً على المبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية، ومن ثم انتخاب هادي رئيساً، فأخلى "الإخوان" بكافة مكوناتهم وائتلافاتهم ساحة الاحتجاجات في صنعاء، لكن الحوثيين استمروا حتى أواخر عام 2014، حيث كانوا يتحينون الفرصة، للانقلاب على السلطة التي سيطر عليها حلفاؤهم "الإخوان".

وبعد تسلمهم محافظة صعدة، استغل الحوثيون انعقاد مؤتمر الحوار الوطني، وبدأوا بإسقاط المديرية تلو الأخرى، ودشنوا احتلال المحافظات بقوة السلاح، بدءاً بمحافظة عمران في يونيو 2014، مروراً بصنعاء وما بعدها، وصولا إلى فرض "اتفاق السلم والشراكة" بقوة السلاح، ثم إصدار "الإعلان الدستوري"، والانقضاض على السلطة، وتقويض آمال اليمنيين في دولة مدنية.

وما كان للمليشيا الإرهابية أن تتجاوز حدود محافظة صعدة، وصولاً إلى صنعاء ومحافظات أخرى، لتعيد نظام الإمامة، وتعمل على تدمير البلاد بحروب عبثية، لولا احتضان "الإخوان" لها في 11 فبراير 2011، يوم النكبة التي تسببت لليمنيين بأسوأ كارثة إنسانية، والتي تحتفل بذكراها كل عام، قنوات "الإخوان" وإعلاميوهم في الدوحة واسطنبول.