البدايات الأولى للحوثية كحركة إرهابية مسلحة

تقارير - Sunday 13 February 2022 الساعة 07:16 am
صنعاء، نيوزيمن، محمد يحيى:

كان بدر الدين الحوثي والد المؤسس للحركة الإرهابية المسلحة، أحد علماء الزيدية المؤسسين لحزب "الحق" عام 1990، إلى جانب عدد من الشخصيات الدينية والسياسية السلالية، ولكون الحزب العقائدي يضم عددا من علماء المذهب الزيدي، فلم يكن نشاطه سياسيا فقط، بل كان أيضاً تعليميا، إذ أنشأ الحزب عددا من المعاهد الدينية أشهرها معهد السماوي في صعدة ومعهد بدر في صنعاء، إضافة إلى إنشاء مخيمات صيفية للشباب.

ولأن الحزب أيضا ذي توجهات طائفية سلالية، فقد تلقى منذ إنشائه دعما سريا من طهران، وتلقت قياداته دعوات إلى إيران في مناسبات مختلفة، كما أوفد الحزب بدعم إيراني عددا من عناصره للدراسة في إيران وجنوب لبنان.

كان حسين، الإبن الأكبر لبدر الدين الحوثي، والذي ينتمي أيضا لحزب "الحق"، قد أسس مع آخرين عام 1993، أول مخيم صيفي للشباب في منطقة الحمزات بصعدة، ضمن مخيمات أطلق عليها مخيمات "الشباب المؤمن".

وفي منتصف التسعينيات، غادر حسين الحوثي إلى السودان، بعد حصوله على منحة لدراسة الماجستير، لكنه ما لبث أن انتقل إلى الضاحية الجنوبية في لبنان لدراسة الفكر الاثني عشري الشيعي، ودراسات سياسية في الثورة الخمينية الطائفية.

وبعودته إلى اليمن عام 2000، بدأ الخلاف بينه وبين بعض مؤسسي مخيمات "الشباب المؤمن"، ومن ضمنهم محمد عزان، فانقسمت هذه المخيمات في عام 2002، ليؤسس حسين الحوثي معهداََ خاصا به، تبنى فيه مواد دراسية لفكر الشيعة الاثني عشرية، والثورة الخمينية.

ونظراََ لعلاقة إيران التي تدعم الحوثي بالنظام القطري، فقد تلقى الحوثي دعما سريا لمعهده من السفارة القطرية بصنعاء في عام 2001، بمبلغ 50 ألف دولار شهريا كدعم مبدئي، ثم ارتفع المبلغ، بحسب مصادر مقربة من الحوثيين، إلى 100 ألف دولار شهريا.

سعى الحوثي من خلال معهده في صعدة للتحشيد السياسي، وانصب اهتمامه في خلق ولاء طلابه، كما كرس محاضراته التي صارت تعد من الأدبيات الأساسية لجماعته، للترويج للفكر الاثني عشري الشيعي، متبنيا آراء مستلهمة من خطاب الثورة الخمينية، مثل محور المقاومة ضد قوى الاستكبار، والترويج لنظرية ولاية الفقيه الخمينية التي تناقض الزيدية، كما ركز على فكرة القائد العلم وربطها بالقرآن، ما جعل أتباعه يرون فيه شخصية مقدسة تجسد القرآن.

وبسبب تلك الأفكار المسمومة التي يحملها، ويبثها في عقول طلابه، دخل الحوثي في صراع مع علماء الزيدية، فأوعز لأنصاره بالتضييق والسجن والتهجير بل وقتل المعارضين له من العلماء، وإغلاق المراكز التعليمية الزيدية بقوة السلاح، بحجة أنه لا ضرورة لهذه الدراسة التي تشتت اهتمام الناس عن القرآن.

بتخلص حسين الحوثي من معارضيه، كانت إيران قد أحكمت سيطرتها على الحوثي وجماعته، وهو ذات النهج الذي استخدمته في التخلص من حركة أمل الشيعية في لبنان، لإفراغ الساحة لـ"حزب الله" وعناصره، ولتفرغ الساحة في اليمن للحوثي وجماعته.

عملت الدوحة وطهران وذراعها "حزب الله" سرا، على دعم تشكيل مليشيا سياسية شيعية مسلحة في صعدة، مماثلة لمليشيا حزب الله في جنوب لبنان، ما مكن الحوثي من تشكيل حركة طائفية مسلحة من أتباعه، ليقودوا تمردا مطلع العام 2004، في جبال مران بصعدة.

أدت العلاقة القوية للنظام القطري مع إيران، دوراً قوياً كي تمارس الدوحة دور الوساطة بين الحوثيين والحكومة اليمنية، فخلال حروب التمرد الحوثي، كانت الوساطات القطرية الغامضة، تتدخل لإنقاذ الحوثيين، كلما بدأ الجيش في إخماد التمرد، وخاصة بعد مصرع حسين الحوثي وتولي شقيقه عبدالملك قيادة الجماعة، فما يلبث الحوثيون أن يعيدوا ترتيب صفوفهم لشن حرب جديدة على الدولة.

فبعد مصرع مؤسس المليشيا على أيدي قوات الجيش في العام 2006، تدخلت الوساطة القطرية لوقف تقدم الجيش نحو منطقة "مطرة" الجبلية، آخر معاقل الحوثيين شمال صعدة، حيث كان يتواجد فيها زعيم المليشيا الحالي عبدالملك الحوثي، وأوقفت الصفقة القطرية تقدم الجيش، مقابل أن يقيم شقيق مؤسس المليشيا يحيى ووالده بدر الدين الحوثي وعمه عبدالكريم مؤقتاً في الدوحة، وأن تتولى قطر دفع مساعدات وتعويضات وإعادة الإعمار.

كانت قناة الجزيرة حينها، تعمل على إبراز الحركة الحوثية وزعيمها عبدالملك الحوثي، وتقدمهم كجماعة مضطهدة وأصحاب مظلومية، حتى تكسب الحركة أنصارا ومؤيدين.

وتحت لافتة "إعادة إعمار صعدة"، ساهم الدعم القطري في تعزيز نفوذ الحوثيين لمواجهة الدولة، ومكن الدعم الحوثيين، من شراء الأسلحة والسيارات المدرعة والولاءات، كما مكنهم من حشد المقاتلين من المحافظات، لتدعيم مليشياتهم، فما بين عامي 2007- 2010 كانت طائرة الوساطة القطرية تأتي إلى مطار صنعاء محملة بكل الدعم والأجهزة للحوثيين، حيث تنقل إلى صعدة دون أي تفتيش.

وبدعم قطري وتخطيط من المخابرات الإيرانية، وذراعيها الحرس الثوري وحزب الله، تم توجيه الحوثيين في 2011، ودفعهم إلى الساحات للمطالبة بإسقاط النظام السابق، ومن ثم توجيههم لاجتياح صنعاء في 2014 والانقلاب على السلطة، وإشعال الحرب ضد اليمنيين.

وفي 2020 كشف فريق قانوني يضم محامين من عدة دول عربية، عن دعم مالي تقدمه قطر لمليشيا الحوثي الإرهابية خلال الأعوام الماضية، وقال فريق اليمن للسلام الدولي، إنه حصل على معلومات من سلطات المليشيا الحوثية بصنعاء، تطلب صرف إكرامية قدرها 30 ألف ريال قطري (9 آلاف دولار) لجميع العناصر المرابطة في جبهات القتال من المنحة القطرية المقدمة لوزارة الدفاع التابعة للانقلابيين.