عن إغلاق مكتبة أبي ذر.. مثقفون: إبادة ثقافية تستهدف هوية اليمنيين

تقارير - Monday 14 February 2022 الساعة 09:13 am
صنعاء، نيوزيمن، خاص:

40 عاما من النشاط الفكري والثقافي والنشر والتوزيع انتهت عند جرة قلم قاض حوثي إذ أمر بإغلاق مكتبة أبي ذر الغفاري الشهيرة الواقعة في منطقة حدة -وسط صنعاء- الخاضعة لسيطرة الحوثيين.

وأتى حكم القاضي الحوثي بإفراغ المكتبة من محتواها بعد 3 سنوات من الإغلاق، سبق ذلك حد المليشيا من استيراد الكتب وخاصة الدينية والفكرية والفلسفية والسياسية وهو الأمر الذي ضرب هذه المؤسسة الرائدة في الصميم والتي تعتمد بشكل رئيسي على مواردها من بيع تلك الكتب، الى جانب ان توقيف اصدار الصحف والمجلات اليمنية منذ انقلاب الحوثيين في 

العام 2014 اثر بشكل سلبي.

ومع وقف الرواتب وتوفق استيراد الكتب وتراجع المبيعات تراكمت الإيجارات على مالك المكتبة، فذهب مالك المبنى إلى المحاكم، وعقب ذلك قامت ميليشيات الحوثي بإغلاق المكتبة بحجة أن هناك تلاعباً بوثائق ملكيتها وأنها تخص أحد البرلمانيين المناهضين للانقلاب، وهذا ما ضاعف من الخسائر، وجعل المالك يعجز عن دفع الإيجارات، وهو ما سهَّل لصاحب المبنى استصدار حكم بإخلاء المبنى.

وجسدت مكتبة ابي ذر موردا مهما للتنوير في اليمن طوال اربعة عقود ومصدرا ثقافيا كبيرا للمثقفين لاقتناء الكتب بعناوينها وتخصصاتها المختلفة. 

واعتبر مثقفون ان ما حصل لهذه المكتبة العريقة هو امتداد للاستهداف الممنهج من قبل الحوثيين للثقافة ومؤسساتها في اليمن، بغرض تجهيل الناس وتكريس فكر الحوثية.

"نيوزيمن" رصد عددا من الآراء لمثقفين في هذه الأمر:

الاديب احمد ناجي احمد اكد ان اغلاق مكتبة ابي ذر الغفاري هو تعبير مكثف عن طبيعة المرحلة التي نعيشها بكل ما تعني الكلمة من معنى. واضاف: في اي دولة من دول العالم التي تحترم الثقافة فإنها لا تسمح باغلاق معلم ثقافي مهم كمكتبة ابي ذر.

مستدركاً: اغلاق مكتبة ابي ذر الغفاري احد شواهد الدمار الثقافي والقيمي الذي تعيشه اليمن في هذه المرحلة المظلمة من تاريخها. 

من جانبة قال الشاعر والصحفي فتحي ابو النصر في حديثه ل"نيوزيمن"، نعيش تجريفا عاما للثقافة.. تحقيرا للتنوير.. ميليشيات وبلاطجة يجوبون الجهات.

إلى ذلك أكد الناشط كمال خالد ان اغلاق مكتبة ابي ذر يعد جريمة كبرى تضاف إلى جرائم المليشيا الحوثية الممنهجة لمحو هوية اليمنيين وثقافتهم.

واضاف: مقابل ما اقترفت المليشيا فإنها تسعى الى فرض مفاهيم واردة من ايران تقدس العرقية وتنشر الطائفية، وتكرس العداء والكراهية وتجعل اليمن منطلقا للفوضى. 

من جانبها ذكرت الناشطة وضحى مرشد ان مليشيا الارهاب الحوثية تقتل كل جميل في حياتنا، وتغتال الثقافة والتعليم، وتقفل مكتبة عريقة شكلت رافدا مهما للثقافة في اليمن خلال عقود طويلة.

الكاتب همدان العلي قال معلقا على ما حصل: يشعر المثقف اليمني والعربي بفداحة هذه الجريمة، لكن كثيراً منهم لا يعرفون أن هناك عملاً ممنهجاً لمحو كل ما هو متعلق بهوية اليمنيين وثقافتهم على يد جماعة الحوثي، مقابل نشر معتقدات ومفاهيم وافدة من إيران، تحمل في جوهرها تقديسا لعرقية وتستهدف التنوع والتعايش والإجماع اليمني، بل وتكرس العداء لدول الإقليم والعالم، وتدفع اليمن لأن يكون منطلقاً للفوضى واستهداف الدول العربية.

متابعاً: بالعودة إلى جريمة إغلاق مكتبة «أبو ذر الغفاري»، من المهم الإشارة إلى أن هذه العملية ليست الأولى، فلا يمر الحوثيون بمنطقة إلا ومارسوا نفس العملية، وقد أحرقوا كميات هائلة من الكتب سواء كانت دينية أو وطنية أو تاريخية، وصادروا العديد من المكتبات في صنعاء وحجة وذمار وإب وغيرها من المدن، وبالإمكان البحث عن تفاصيل بعض هذه العمليات التي نشر عنها في شبكة الإنترنت بعضها مدعم بصور أكوام الكتب وهي تحترق. أما المكتبات المتوفرة، فقد مُنعت من بيع الكتب التي لا تؤيد معتقد الحوثيين.

وأضاف العلي: تعتبر هذه العملية واحدة من عدة وسائل لتنفيذ جريمة أخطر وأوسع، وهي الإبادة الثقافية التي يتعرض لها اليمنيون منذ سيطرة الحوثيين باسم التميز العرقي والحق الإلهي، وتحت لافتات وشعارات دينية وقومية من قبيل «الهوية الإيمانية» و«المسيرة القرآنية» و«تحرير القدس» مستغلة عاطفة اليمنيين ومبادئهم الدينية والعروبية.

وبدأت المليشيا باستهداف الهوية والثقافة اليمنية منذ اول يوم لاجتياحها اليمن وسيطرتها على دور الثقافة والتعليم الرسمية، وقد اغلقت مؤخرا اقساما مهمة في جامعة صنعاء وفي الجامعات الواقعة تحت سيطرتها، كالتاريخ، والمكتبات والسياحة والفلسفة وعلم الاجتماع، فيما تسعى لاستبدال منهج الثقافة الاسلامية بمنهج طائفي فيما سبقت ذلك لفرض دورات ثقافية طائفية في المدارس وفرض منهج مدرسي طائفي يكرس الولاء للجماعة وسلالتها الارهابية. 

ولم تكتف المليشيا بذلك لتمتد يدها لاستهداف دور الثقافة الخاصة كالمكتبات.