معارك طاحنة بمشارف كييف.. قوات روسية تحاصر "ماريوبول" و"فولنوفاخا"

العالم - Saturday 05 March 2022 الساعة 02:20 pm
نيوزيمن، وكالات:

أعلنت القوات الروسية، السبت، وقفا لإطلاق النار في ماريوبول لإجلاء المدنيين من هذا المرفأ الاستراتيجي الواقع في شرق أوكرانيا الذي تحاصره القوات الروسية مع تقدمها في مناطق أخرى في البلاد، بينما تدور معارك طاحنة حول العاصمة كييف.

ويأتي الإعلان المتعلق بماريوبول الذي قد يمهد الطريق لسيطرة القوات الروسية على المدينة، بينما يستعد الجانبان الروسي والأوكراني لجولة ثالثة من المحادثات في نهاية الأسبوع.

بعد عشرة أيام من الحرب من المستحيل التحقق من الأرقام من مصادر مستقلة. 

فكييف تتحدث عن مقتل 350 مدنيا على الأقل وأكثر من تسعة آلاف جندي روسي، بينما أعلنت موسكو سقوط 2870 قتيلا في الجانب الأوكراني و498 في الجانب الروسي.

وفر أكثر من 1,2 مليون لاجئ من أوكرانيا حسب آخر إحصائيات الأمم المتحدة مما أدى إلى تعبئة كبيرة لا سيما في البلدان المجاورة.

وستشكل سيطرة موسكو على ماريوبول التي يبلغ عدد سكانها 450 ألف نسمة والواقعة على بحر آزوف، نقطة تحول مهمة في غزو أوكرانيا.

فهي ستسمح بربط القوات الروسية القادمة من شبه جزيرة القرم التي ضمتها موسكو، بعد استيلائها على مرفأين رئيسيين في بيرديانسك وخيرسون، من جهة والقوات الانفصالية والروسية في الدونباس من جهة أخرى. 

وهذه المدينة قاومت في 2014 هجمات القوات الموالية لروسيا القادمة من دونيتسك خصوصا.

وقال مكتب رئيس بلدية ماريوبول بعد وقت قصير من إعلان موسكو أنها توصلت إلى اتفاق لوقف لإطلاق النار مؤقت مع كييف لإجلاء المدنيين من المدينة إن "إجلاء السكان المدنيين سيبدأ في الساعة 11,00 صباحا" ومن مدينة فولنوفاخا على بعد حوالى مئة كيلومتر شمالا.

وقبيل ذلك، أعلنت وزارة الدفاع الروسية إسكات السلاح "وفتح ممرات إنسانية لإجلاء المدنيين" من المدينتين، كما ذكرت وكالات الأنباء الروسية، موضحة أن مواقع الممرات الإنسانية ونقاط الخروج تم تحديدها بالاتفاق مع كييف.

 "جبان وإرهابي" 

اعترف وزير الدفاع الأوكراني أوليكسي ريزنيكوف في بيان، صباح السبت، بأن الروس تقدموا في عدة اتجاهات لكنه أكد أنهم لا يسيطرون سوى على "جزء صغير" من أراضي البلاد وأن المقاتلين الأوكرانيين "يصدونهم".

وأضاف إن "الجيش ’العظيم كشف طبيعته الحقيقية الجبانة والإرهابية والقادرة على مهاجمة السكان -من نساء وأطفال ومدنيين عزل" لكن "العدو سيُحاسب على كل حياة تُزهق وكل دمعة تُذرف".

من جهته، قال الجيش الروسي الذي يواصل قصفه المكثف لمحيط كييف في الشمال الغربي والشرق خصوصا، إن الانفصاليين الموالين لروسيا سيطروا في الشرق على عشر بلدات في منطقة دونيتسك. فيما أكدت القوات الروسية أنها تقدمت في الجنوب، واستولت على عشر قرى وبلدات.

وبين ماريوبول وكييف (وسط) يحتل الجيش الروسي، منذ الجمعة، محطة "زابوريجيا" للطاقة النووية في جنوب شرق أوكرانيا، حيث أدى قصف مدفعي، حسب الأوكرانيين، إلى نشوب حريق فيها.. وتنفي موسكو قصف المحطة.

وهذا الهجوم على أكبر محطة للطاقة النووية في أوروبا تضم ستة مفاعلات، سبب صدمة للمجتمع الدولي.

 وقالت السفيرة الأميركية ليندا توماس غرينفيلد في مجلس الأمن الدولي، الجمعة، إنه "تهديد هائل لكل أوروبا والعالم".

ونفت موسكو بشكل قاطع الهجوم على الموقع. 

وأكد السفير الروسي في مجلس الأمن فاسيلي نيبينزيا أنها أخبار "كاذبة". 

وفي موسكو، اتهمت وزارة الدفاع الروسية "مجموعات من المخربين الأوكرانيين بمشاركة مرتزقة" بالوقوف وراء الحادث.

وأعلنت دول مجموعة السبع أنها "ستفرض عقوبات قاسية جديدة ردا على العدوان الروسي".

من جهته، أصر الأمين العام لحلف شمال الأطلسي (ناتو) ينس ستولتنبرغ على ضرورة "إنهاء" هذا النزاع، لكنه أكد أن الحلف لا يمكنه تلبية طلب فرض منطقة حظر جوي لتجنب الانجرار إلى الصراع.

وأكد وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن الذي توجه إلى منطقة بولندية قريبة من حدود أوكرانيا، السبت، أن "الطريقة الوحيدة لفرض شيء مثل منطقة حظر الطيران هي إرسال طائرات من الناتو إلى المجال الجوي الأوكراني وإسقاط الطائرات الروسية.. لكنه حذر من أن ذلك قد يؤدي إلى حرب شاملة".

محادثات جديدة 

رد الرئيس زيلينسكي بحدة.. وقال في تسجيل فيديو نشرته الرئاسة الأوكرانية، إن الحلف "أعطى الضوء الأخضر لمواصلة قصف مدن وقرى أوكرانية، ورفض فرض منطقة حظر طيران".

وتابع أن دول الناتو أقنعت نفسها "بأن حظرا للطيران فوق أوكرانيا من شأنه أن يؤدي إلى عدوان روسي مباشر ضد الناتو"، معتبرا أنها "عملية تخدير ذاتي للضعفاء والذي يفتقدون للسلام الداخلي بينما يمتلكون أسلحة أقوى بكثير من أسلحتنا".

في الوقت نفسه أعلن مسؤول في وزارة الدفاع الأميركية (البنتاغون) الجمعة أنه تم تسليم القوات الأوكرانية "في مواقع عدة (...) معدات بقيمة 240 مليون دولار بما في ذلك بعض أهم المعدات مثل تلك المضادة للدروع".

وذكر ميخايلو بودولاك مستشار الرئاسة الأوكرانية أن جولة ثالثة من المفاوضات الروسية الأوكرانية قد تعقد السبت أو الأحد.

لكن فرص تحقيق تقدم تبدو ضئيلة جدا.

 فقد حذر الرئيس الروسي فلاديمير بوتين من أن الحوار مع كييف لن يكون ممكنا إلا إذا تم قبول "كل المطالب الروسية" بما في ذلك ضمان وضع أوكرانيا كدولة "محايدة وغير نووية" و"إخلائها الإلزامي من السلاح".

وقال المتحدث باسم الكرملين ديمتري بيسكوف في مقابلة مع قناة "سكاي نيوز العربية"، مساء الجمعة، "ننتظر جولة ثالثة من المفاوضات في بيلاروسيا مع السلطات الأوكرانية". 

وأضاف "نأمل أن تصغي أوكرانيا إلى موقف روسيا ومخاوفها، وهذا ضروري خصوصا لوضع حد للعمليات العسكرية".

ولم تفض جولتان سابقتان من المحادثات على الحدود الأوكرانية البيلاروسية ثم على الحدود البولندية البيلاروسية، إلى وقف القتال، لكن الطرفين اتفقا على إقامة "ممرات إنسانية" لإجلاء المدنيين.

 قمع في موسكو 

أكد الرئيس الروسي فلاديمير بوتين أن القوات الروسية لا تقصف كييف والمدن الأوكرانية الكبرى ووصف المعلومات عن عمليات التدمير الذي تقوم بها موسكو بـ"التلفيق الدعائي الجسيم".

وفي روسيا شدد الكرملين قمعه لكل الأصوات المعارضة للنزاع.

منذ بدء الهجوم في 24 فبراير تجري عمليات اعتقال وسط إغلاق وسائل الإعلام المستقلة القليلة المتبقية وإصدار نصوص قمعية جديدة، بينما يقدم الكرملين ووسائل الإعلام الروسية الرئيسية النزاع على أنه "عملية عسكرية خاصة".

ووقع بوتين، الجمعة، قانونا ينص على عقوبة بالسجن لمدة تصل إلى 15 عاما لمن ينشر "معلومات كاذبة". 

وبرر الكرملين السبت، تبني هذا النص بضرورة التصدي "لحرب إعلامية".

وأعلنت وكالة الأنباء المالية بلومبرغ وهيئة الإذاعة البريطانية (بي بي سي) وشبكة "سي بي سي/إذاعة كندا" تعليق نشاط صحافييها مؤقتا كما أوقفت شبكة "سي إن إن" الأميركية بث برامجها في روسيا.

من جهتها، أعلنت منظمة "مراسلون بلا حدود" السبت، في بيان أنها لجأت إلى المحكمة الجنائية الدولية بعد هجوم صاروخ روسي أصاب، الثلاثاء، برج تلفزيون كييف، معتبرة ذلك "جريمة حرب".

وقالت إنها "قدمت في 04 آذار/مارس شكوى إلى المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية عن جرائم حرب ارتكبتها القوات الروسية في أوكرانيا".

وأضافت إنه "منذ بدء العدوان على أوكرانيا في 24 شباط/فبراير، قصف الجيش الروسي عمدًا عدة هوائيات تلفزيونية في جميع أنحاء البلاد".

وعلى صعيد متصل تبنى مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة، الجمعة، قرارًا تاريخيًا يقضي بتحقيق دولي في جرائم الحرب في أوكرانيا. 

وصوّت 32 من أعضاء المجلس البالغ عددهم 47 لإجراء تحقيق على أعلى مستوى ممكن في محاولة لتحميل الجناة المسؤولية.

وصوّتت كلّ من روسيا وإريتريا فقط ضدّ القرار، بينما امتنعت 13 دولة عن التصويت، بما فيها الدول الداعمة تقليديًا لموسكو، أي الصين وفنزويلا وكوبا.

وجاءت الصفعة لروسيا بعد أن أقرت الجمعية العامة للأمم المتحدة، في وقت سابق من الأسبوع، وبأغلبية ساحقة، قرارًا يطالب روسيا "بالتوقف الفوري عن استخدام القوة ضد أوكرانيا"، وهو تصويت وصف بأنه "تاريخي".

وأدان المجلس في جنيف "انتهاكات حقوق الإنسان والتعدي على هذه الحقوق الناجمة عن عدوان روسيا الاتحادية".

يدعو النص إلى "انسحاب سريع ويمكن التحقق منه للقوات الروسية والجماعات المسلحة المدعومة من روسيا من كل الأراضي الأوكرانية المعترف بها دوليا"، ويطالب بأن تشكل على وجه السرعة "لجنة تحقيق دولية مستقلة" لفترة أولية تمتد عاما واحدا.

سيكلف المحققون "جمع وتجميع وتحليل الأدلة على... انتهاكات" حقوق الإنسان والقانون الإنساني الدولي الناتجة عن الغزو الروسي لأوكرانيا، بهدف إجراء محاكمات محتملة في المستقبل، وتحديد المسؤولين عن هذه الانتهاكات "حتى يحمّلوا مسؤولية أفعالهم".

وبدأت المحكمة الجنائية الدولية في لاهاي التحقيق في جرائم حرب محتملة في أوكرانيا.

وهذه هي المرة الأولى في تاريخ المجلس التي يستهدف فيها قرار روسيا بشكل مباشر، وفق متحدث باسم الأمم المتحدة.

وقال دبلوماسيون إن مجلس الأمن الدولي سيعقد اجتماعا جديدا طارئا، الاثنين، لمناقشة الأزمة الإنسانية بينما حذر برنامج الغذاء العالمي من نقص الإمدادات الغذائية في المناطق المتضررة من الحرب.

من جهة أخرى، اتخذت شركات جديدة قرارا بالابتعاد عن روسيا. فأوقفت مجموعة "سامسونغ ايلكترونيكس" الكورية الجنوبية صادراتها إلى روسيا حيث تسيطر على ثلث سوق الهواتف الذكية.

وكانت مجموعة مايكروسوفت الأميركية العملاقة للكمبيوتر علقت، الجمعة، أي "مبيعات جديدة" لمنتجاتها وخدماتها في هذا البلد، بينما قررت مجموعة الصناعات الفاخرة الأولى في العالم "ال في ام اتش" إغلاق 124 متجرا لها مؤقتا.